(شِعْرُ كَعْبٍ، فِي بُكَاءِ حَمْزَةَ)

وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ يَبْكِي حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:…

طَرَقَتْ هُمُومُكَ فَالرُّقَادُ مَسَهَّدُ وَجَزِعَتْ أَنْ سُلِخَ الشَّبَابُ الْأَغْيَدُ 
وَدَعَتْ فُؤَادَكَ لِلْهَوَى ضَمْريَّةٌ فَهَوَاكَ غَوْرِيٌّ وَصَحْوكَ مُنْجِدُ
فَدَعْ التَّمَادِيَ فِي الْغَوَايَةِ سَادِرًا قَدْ كُنْتَ فِي طَلَبِ الْغَوَايَةِ تُفْنَدُ 
وَلَقَدْ أَنَّى لَكَ أَنْ تَنَاهَى طَائِعًا أَوْ تَسْتَفِيقَ إذَا نَهَاكَ الْمُرْشِدُ 
وَلَقَدْ هُدِدْتُ لِفَقْدِ حَمْزَةَ هَدَّةً ظَلَّتْ بَنَاتُ الْجَوْفِ مِنْهَا تَرْعَدُ 
وَلَوْ أَنَّهُ فُجِعَتْ حِرَاءُ بِمِثْلِهِ لَرَأَيْتُ رَاسِيَ صَخْرِهَا يَتَبَدَّدُ 
قَرْمٌ تَمَكَّنَ فِي ذُؤَابَةِ هَاشِمٍ حَيْثُ النّبوّة والنّدى والسّؤدد 
وَالْعَاقِرُ الْكُومَ الْجِلَادَ إذَا غَدَتْ رِيحٌ يَكَادُ الْمَاءُ مِنْهَا يَجْمُدُ 
وَالتَّارِكُ الْقِرْنَ الْكَمِيَّ مُجَدَّلًا يَوْمَ الْكَرِيهَةِ وَالْقَنَا يَتَقَصَّدُ 
وَتَرَاهُ يَرْفُلُ فِي الْحَدِيدِ كَأَنَّهُ ذُو لِبْدَةٍ شَثْنُ الْبَرَاثِنِ أَرْبَدُ 
عَمُّ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَصَفِيُّهُ وَرَدَ الْحِمَامَ فَطَابَ ذَاكَ الْمَوْرِدُ
وَأَتَى الْمَنِيَّةَ مُعْلِمًا فِي أُسْرَةٍ نَصَرُوا النَّبِيَّ وَمِنْهُمْ الْمُسْتَشْهَدُ
وَلَقَدْ إخَالُ بِذَاكَ هِنْدًا بُشِّرَتْ لَتُمِيتُ دَاخِلَ غُصَّةٍ لَا تَبْرُدُ
مِمَّا صَبَّحْنَا بالعَقَنْقَلِ قَوْمَهَا يَوْمًا تَغَيَّبْ فِيهِ عَنْهَا الْأَسْعَدُ
وَبِبِئْرِ بَدْرٍ إذْ يَرُدُّ وُجُوهَهُمْ جِبْرِيلُ تَحْتَ لِوَائِنَا وَمُحَمَّدُ
حَتَّى رَأَيْتُ لَدَى النَّبِيِّ سَرَاتَهُمْ قِسْمَيْنِ: يَقْتُلُ مَنْ نَشَاءُ وَيَطْرُدُ
فَأَقَامَ بِالْعَطَنِ الْمُعَطَّنِ مِنْهُمْ سَبْعُونَ: عُتْبَةُ مِنْهُمْ وَالْأَسْوَدُ
وَابْنُ الْمُغِيرَةِ قَدْ ضَرَبْنَا ضَرْبَةً فَوْقَ الْوَرِيدِ لَهَا رَشَّاشٌ مُزْبِدُ
وَأُمَيَّةُ الْجُمَحِيُّ قَوَّمَ مَيْلَهُ عَضْبٌ بِأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ مُهَنَّدُ
فَأَتَاكَ فَلُّ الْمُشْرِكِينَ كَأَنَّهُمْ وَالْخَيْلُ تَثْفِنُهُمْ نَعَامٌ شُرَّدُ
شَتَّانَ مَنْ هُوَ فِي جَهَنَّمَ ثَاوِيًا أَبَدًا وَمَنْ هُوَ فِي الْجِنَانِ مُخَلَّدُ
وَقَالَ كَعْبٌ أَيْضًا يَبْكِي حَمْزَةَ:
صَفِيَّةَ قُومِي وَلَا تَعْجِزِي وَبَكِّي النِّسَاءَ عَلَى حَمْزَةِ
وَلَا تَسْأَمِي أَنْ تُطِيلِي اُلْبُكَا عَلَى أَسَدِ اللَّهِ فِي الْهِزَّةِ
فَقَدْ كَانَ عِزًّا لِأَيْتَامِنَا وَلَيْثَ الْمَلَاحِمِ فِي الْبِزَّةِ
يُرِيدُ بِذَاكَ رِضَا أَحْمَدٍ وَرِضْوَانَ ذِي الْعَرْشِ وَالْعِزَّةِ