8 هـ
629 م
(شِعْرُ عَمْرٍو الْخُزَاعِيِّ لِلرَّسُولِ يَسْتَنْصِرُهُ وَرَدُّهُ عَلَيْهِ)

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: …
فَلَمَّا تَظَاهَرَتْ بَنُو بَكْرٍ وَقُرَيْشٌ عَلَى خُزَاعَةَ، وَأَصَابُوا مِنْهُمْ مَا أَصَابُوا، وَنَقَضُوا مَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ بِمَا اسْتَحَلُّوا مِنْ خُزَاعَةَ، وَكَانَ فِي عَقْدِهِ وَعَهْدِهِ، خَرَجَ عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ الْخُزَاعِيُّ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي كَعْبٍ، حَتَّى قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا هَاجَ فَتْحَ مَكَّةَ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ النَّاسِ، فَقَالَ:
يَا رَبِّ إنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا
قَدْ كُنْتُمْ وُلْدًا وَكُنَّا وَالِدَا ثُمَّتَ أَسْلَمْنَا فَلَمْ نَنْزِعْ يَدَا
فَانْصُرْ هَدَاكَ اللَّهُ نَصْرًا أَعْتَدَا وَادْعُ عِبَادَ اللَّهِ يَأْتُوا مَدَدَا
فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ تَجَرَّدَا إنْ سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ تَرَبَّدَا
فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَجْرِي مُزْبِدًا إنَّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا
وَنَقَضُوا مِيثَاقَكَ الْمُوَكَّدَا وَجَعَلُوا لِي فِي كَدَاءٍ رُصَّدَا
وَزَعَمُوا أَنْ لَسْتُ أَدْعُو أَحَدَا وَهُمْ أَذَلُّ وَأَقَلُّ عَدَدَا
هُمْ بَيَّتُونَا بِالْوَتِيرِ هُجَّدًا وَقَتَلُونَا رُكَّعًا وَسُجَّدَا
(يَقُولُ: قُتِلْنَا وَقَدْ أَسْلَمْنَا) .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُرْوَى أَيْضًا:
فَانْصُرْ هَدَاكَ اللَّهُ نَصْرًا أَيِّدَا
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُرْوَى أَيْضًا:
(نَحْنُ وَلَدْنَاكَ فَكُنْتُ وَلَدًا)
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “نُصِرْتَ يَا عَمْرَو بْنُ سَالِمٍ“. ثُمَّ عَرَضَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنَانٌ مِنْ السَّمَاءِ، فَقَالَ: “إنَّ هَذِهِ السَّحَابَةَ لَتَسْتَهِلُّ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ“.