(شِعْرُ ضِرَارٍ فِي يَوْمِ أُحُدٍ)

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ:…

إنِّي وَجَدُّكَ لَوْلَا مُقْدَمِي فَرَسِي إذْ جَالَتْ الْخَيْلُ بَيْنَ الْجِزْعِ وَالْقَاعِ 
مَا زَالَ مِنْكُمْ بِجَنْبِ الْجَزْعِ مِنْ أُحُدٍ أَصْوَاتُ هَامٍ تَزَاقى أَمْرُهَا شَاعِي
وَفَارِسٌ قَدْ أَصَابَ السَّيْفُ مَفْرِقَهُ  أَفْلَاقُ هَامَتِهِ كَفَرْوَةِ الرَّاعِي
إنِّي وَجَدُّكَ لَا أَنْفَكَ مُنْتَطِقًا بِصَارِمٍ مِثْلَ لَوْنِ الْمِلْحِ قَطَّاعِ 
عَلَى رِحَالَةِ مِلْوَاحٍ مُثَابِرَةٍ نَحْوَ الصَّرِيخِ إذَا مَا ثَوَّبَ الدَّاعِي
وَمَا انْتَمَيْتُ إلَى خُورٍ وَلَا كُشُفٍ وَلَا لِئَامٍ غَدَاةَ الْبَأْسِ أَوْرَاعِ
بَلْ ضَارِبِينَ حَبِيكَ الْبِيضِ إذْ لَحِقُوا شُمَّ الْعَرَانِينِ عِنْدَ الْمَوْتِ لُذَّاعِ 
شُمٌّ بَهَالِيلُ مُسْتَرْخٍ حَمَائِلُهُمْ يَسْعَوْنَ لِلْمَوْتِ سَعْيًا غَيْرَ دَعْدَاعِ 
وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ أَيْضًا:
لَمَّا أَتَتْ مِنْ بَنِي كَعْبٍ مُزَيَّنَةً وَالْخَزْرَجِيَّةُ فِيهَا الْبِيضُ تَأْتَلِقُ 
وَجَرَّدُوا مَشْرَفِيَّاتٍ مُهَنَّدَةً وَرَايَةً كَجَنَاحِ النَّسْرِ تَخْتَفِقُ 
فَقُلْتُ يَوْمٌ بَأيَّامٍ وَمَعْرَكَةٌ تُنْبِى لِمَا خَلْفَهَا مَا هُزْهِزَ الْوَرَقُ
قَدْ عُوِّدُوا كُلَّ يَوْمٍ أَنْ تَكُونَ لَهُمْ رِيحُ الْقِتَالِ وَأَسْلَابُ الَّذِينَ لَقُوا 
خَيَّرْتُ نَفْسِي عَلَى مَا كَانَ مِنْ وَجَلٍ   مِنْهَا وَأَيْقَنْتُ أَنَّ الْمَجْدَ مُسْتَبَقُ
أَكْرَهْتُ مُهْرِي حَتَّى خَاضَ غَمْرَتَهُمْ وَبَلَّهُ مِنْ نَجِيعٍ عَانِكٍ عَلَقُ 
فَظَلَّ مُهْرِي وَسِرْبَالِي جَسِيدُهُمَا نَفْخُ الْعُرُوقِ رِشَاشُ الطَّعْنِ وَالْوَرَقُ
أَيْقَنْتُ أَنِّي مُقِيمٌ فِي دِيَارِهُمُ حَتَّى يُفَارِقَ مَا فِي جَوْفِهِ الْحَدَقُ 
لَا تَجْزَعُوا يَا بَنِي مَخْزُومَ إنَّ لَكُمْ مِثْلَ الْمُغِيرَةِ فِيكُمْ مَا بِهِ زَهَقُ 
صَبْرًا فِدًى لَكُمْ أُمِّي وَمَا وَلَدَتْ تَعَاوَرُوا الضَّرْبَ حَتَّى يُدْبِرَ الشَّفَقُ