8 هـ
629 م
(شِعْرُ حَسَّانَ فِي بكاء قتل مُؤْتَةَ)

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: …
وَكَانَ مِمَّا بُكِيَ بِهِ أَصْحَابُ مُؤْتَةَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ:
تَأَوَّبَنِي لَيْلٌ بِيَثْرِبَ أَعْسَرُ وَهَمَّ إذَا مَا نَوَّمَ النَّاس مسْهر
لذكرى حَبِيبٍ هَيَّجَتْ لِي عَبْرَةً سَفُوحًا وَأَسْبَابُ الْبُكَاءِ التَّذَكُّرُ
بَلَى، إنَّ فِقْدَانَ الْحَبِيبِ بَلِيَّةٌ وَكَمْ مِنْ كَرِيمٍ يُبْتَلَى ثُمَّ يَصْبِرُ
رَأَيْت خِيَار الْمُؤمنِينَ تَوَارَدُوا شَعُوبَ وَخَلْفًا بَعْدَهُمْ يَتَأَخَّرُ
فَلَا يُبْعِدَنَّ اللَّهُ قَتْلَى تَتَابَعُوا بِمُؤْتَةَ مِنْهُمْ ذُو الْجَنَاحَيْنِ جَعْفَرُ
وَزَيْدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ حِينَ تَتَابَعُوا جَمِيعًا وَأَسْبَابُ الْمَنِيَّةِ تَخْطِرُ
غَدَاةَ مَضَوْا بِالْمُؤْمِنِينَ يَقُودُهُمْ إلَى الْمَوْتِ مَيْمُونُ النَّقِيبَةِ أَزْهَرُ
أَغَرُّ كَضَوْءِ الْبَدْرِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ أَبِيٌّ إذَا سِيمَ الظُّلَامَةَ مِجْسَرُ
فَطَاعَنَ حَتَّى مَالَ غَيْرَ مُوَسَّدٍ لِمُعْتَرَكٍ فِيهِ قَنًا مُتَكَسِّرُ 
فَصَارَ مَعَ الْمُسْتَشْهَدِينَ ثَوَابَهُ جِنَانٌ وَمُلْتَفُّ الْحَدَائِقِ أَخْضَرُ
وَكُنَّا نَرَى فِي جَعْفَرٍ مِنْ مُحَمَّدٍ وَفَاءً وَأَمْرًا حَازِمًا حِينَ يَأْمُرُ
فَمَا زَالَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ دَعَائِمُ عِزٍّ لَا يَزُلْنَ وَمَفْخَرُ
هُمْ جَبَلُ الْإِسْلَامِ وَالنَّاسُ حَوْلَهُمْ  رِضَامٌ إلَى طَوْدٍ يروق ويقهر
بهَا ليل مِنْهُمْ جَعْفَرٌ وَابْنُ أُمِّهِ عَلِيٌّ وَمِنْهُمْ أَحْمَدُ الْمُتَخَيَّرُ
وَحَمْزَةُ وَالْعَبَّاسُ مِنْهُمْ وَمِنْهُمْ عَقِيلٌ وَمَاءُ الْعُودِ مِنْ حَيْثُ يُعْصَرُ
بِهِمْ تُفْرَجُ اللَّأْوَاءُ فِي كُلِّ مَأْزِقٍ عَمَاسٍ إذَا مَا ضَاقَ بِالنَّاسِ مَصْدَرُ
هُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ أَنْزَلَ حُكْمَهُ عَلَيْهِمْ، وَفِيهِمْ ذَا الْكِتَابُ الْمُطَهَّرُ