(شِعْرُ حَسَّانٍ فِي قَتْلَى يَوْمِ أُحُدٍ)

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَبْكِي حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ…

وَمَنْ أُصِيبَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ:
يَا مَيَّ قُومِي فَانْدُبِنْ بِسُحَيْرَةٍ شَجْوَ النَّوَائِحِ
كالحاملات الوقر بالثّقل الْمُلِحَّاتِ الدّوالح 
المعولات الحامشات وُجُوهَ حُرَّاتٍ صَحَائِحِ 
وَكَأَنَّ سيل دموعها الأنصاب تُخْضَبُ بِالذَّبَائِحِ 
يَنْقُضْنَ أَشْعَارًا لَهُنَّ هُنَاكَ بَادِيَةً الْمَسَائِحِ 
وكأنّها أَذْنَاب خيل بِالضُّحَى شُمْسٍ رَوَامِحِ 
مِنْ بَين مشزور و مجزور يُذَعْذَعُ بِالْبَوَارِحِ 
يبْكين شجوا مسلبات كَدَّحَتْهُنَّ الكَوَادِحْ 
وَلَقَدْ أَصَابَ قُلُوبَهَا مَجْلٌ لَهُ جُلَبٌ قَوَارِحُ 
إذْ أَقْصَدِ الْحِدْثَانَ مَنْ كُنَّا نُرَجِّي إذْ نُشَايِحُ 
أَصْحَابَ أُحْدٍ غَالَهُمْ دَهْرٌ أَلَمَّ لَهُ جَوَارِحُ 
مَنْ كَانَ فارسنا وحامينا إذَا بُعِثَ الْمَسَالِحُ
يَا حَمْزَ، لَا وَاَللَّهِ لَا أَنْسَاكَ مَا صُرَّ اللَّقَائِحُ 
لمناخ أَيْتَام وأضياف وَأَرْمَلَةٍ تُلَامِحُ 
وَلِمَا يَنُوبُ الدَّهْرُ فِي حَرْبٍ لِحَرْبٍ وَهْيَ لَاقِحُ 
يَا فَارِسًا يَا مِدْرَهًا يَا حَمْزَ قَدْ كُنْتَ الْمُصَامِحَ 
عنّا شديدات الخطوب إذَا يَنُوبُ لَهُنَّ فَادِحْ
ذكّرتني أَسد الرّسول ، وَذَاكَ مِدْرَهُنَا الْمُنَافِحْ 
عَنَّا وَكَانَ يُعَدُّ إذْ عُدَّ الشَّرِيفُونَ الْجَحَاجِحْ 
يَعْلُو الْقَمَاقِمَ جَهْرَةً سَبْطَ الْيَدَيْنِ أَغَرَّ وَاضِحْ 
لَا طَائِشٌ رَعِشٌ وَلَا ذُو عِلَّةٍ بِالْحِمْلِ آنِحْ 
بَحْرٌ فَلَيْسَ يغبّ جارا مِنْهُ سَيْبٌ أَوْ مَنَادِحْ 
أَوْدَى شباب أولى الحفائظ وَالثَّقِيلُونَ الْمَرَاجِحْ 
المطعمون إِذا المشاتي مَا يُصَفِّفهُنَّ نَاضِحْ 
لَحْمَ الْجِلَادِ وَفَوْقَهُ مِنْ شَحْمِهِ شُطَبٌ شَرَائِحْ 
لِيُدَافِعُوا عَنْ جَارِهِمْ مَا رَامَ ذُو الضِّغْنِ الْمُكَاشِحْ 
لهفي لشبّان رزئناهم كَأَنَّهُمْ المَصَابِحْ
شمّ، بطارقة، غطارفة ، خَضَارِمَةٌ، مَسَامِحْ 
المشترون الْحَمد بالأموال إنَّ الْحَمد رابح
والجامزون بِلُجْمِهِمْ يَوْمًا إذَا مَا صَاحَ صَائِحْ 
مَنْ كَانَ يرْمى بالنّواقر   مِنْ زَمَانٍ غَيْرِ صَالِحْ
مَا إنْ تَزَالُ رِكَابُهُ يَرْسِمْنَ فِي غُبْرٍ صَحَاصِحْ 
رَاحَتْ تَبَارَى وَهُوَ فِي رَكْبٍ صُدُورُهُمْ رَوَاشِحْ 
حَتَّى تئوب لَهُ الْمَعَالِي لَيْسَ مِنْ فَوْزِ السَّفائِحْ 
يَا حَمْزَ قَدْ أَوْحَدْتَنِي كَالْعُودِ شَذَّ بِهِ الكَوافِحْ 
أَشْكُو إِلَيْك وفوقك التّرب الْمُكَوَّرُ وَالصَّفَائِحْ 
مِنْ جندل نلقيه فَوْقك إذْ أَجَادَ الضَّرْحَ ضَارِحْ 
فِي وَاسِعٍ يَحْشُونَهُ بِالتُّرْبِ سَوَّتْهُ الْمَمَاسِحْ 
فعزاؤنا أنّا نقُول وَقَوْلُنَا بَرْحٌ بَوَارِحْ 
مَنْ كَانَ أَمْسَى وَهُوَ عَمَّا أَوْقَعَ الْحِدْثَانُ جَانِحْ 
فليأتنا فلتبك عَيناهُ لِهَلْكَانَا النَّوَافِحْ
الْقَائِلِينَ الْفَاعِلِينَ ذَوِي السَّمَاحَةِ وَالْمَمَادِحْ
مَنْ لَا يزَال ندي يَدَيْهِ لَهُ طَوَالَ الدَّهْرِ مَائِحْ 
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُهَا لِحَسَّانٍ، وَبَيْتُهُ:
«الْمُطْعِمُونَ إذَا الْمَشَاتِي
» ، وَبَيْتُهُ: «
الْجَامِزُونَ بِلُجْمِهِمْ
» ، وَبَيْتُهُ: «
مَنْ كَانَ يُرْمَى بِالنَّوَاقِرِ
» عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ