(شِعْرُ أَبِي طَالِبٍ فِي قُرَيْشٍ حِينَ تَظَاهَرُوا عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: …
فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ عَلَى ذَلِكَ قُرَيْشٌ، وَصَنَعُوا فِيهِ الَّذِي صَنَعُوا.
قَالَ أَبُو طَالِبٍ:
أَلَا أَبْلِغَا عَنِّي عَلَى ذَاتِ بَيْنِنَا  لُؤَيًّا وَخُصَّا مِنْ لُؤَيٍّ بَنِي كَعْبِ
أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّا وَجَدْنَا مُحَمَّدًا نَبِيًّا كَمُوسَى خُطَّ فِي أَوَّلِ الْكُتُبِ
وَأَنَّ عَلَيْهِ فِي الْعِبَادِ مَحَبَّةً وَلَا خَيْرَ مِمَّنْ خَصَّهُ اللَّهُ بِالْحُبِّ
وَأَنَّ الَّذِي أَلْصَقْتُمْ مِنْ كِتَابكُمْ لَكُمْ كَائِنٌ نَحْسًا كَرَاغِيَةِ السَّقْبِ
أَفِيقُوا أَفِيقُوا قَبْلَ أَنْ يُحْفَرَ الثَّرَى وَيُصْبِحَ مَنْ لَمْ يَجْنِ ذَنْبًا كَذِي الذَّنْبِ
وَلَا تَتْبَعُوا أَمْرَ الْوُشَاةِ وَتَقْطَعُوا أَوَاصِرَنَا بَعْدَ الْمَوَدَّةِ وَالْقُرْبِ
وَتَسْتَجْلِبُوا حَرْبًا عَوَانًا وَرُبَّمَا أَمُرُّ عَلَى مَنْ ذَاقَهُ جَلَبُ الْحَرْبِ
فَلَسْنَا وَرَبِّ الْبَيْتِ نُسْلِمُ أَحْمَدًا لِعَزَّاءِ مَنْ عَضَّ الزَّمَانُ وَلَا كَرْبِ
وَلَمَّا تَبِنْ مِنَّا وَمِنْكُمْ سَوَالِفُ  وَأَيْدٍ أُتِرَّتْ بِالْقَسَاسِيَّةِ الشُّهْبِ
بِمُعْتَرَكٍ ضَيْقٍ تَرَى كَسْرَ الْقَنَا بِهِ وَالنُّسُورَ الطُّخْمَ يَعْكُفْنَ كَالشَّرْبِ
كَأَنَّ مُجَالَ الْخَيْلِ فِي حَجَرَاتِهِ  وَمَعْمَعَةَ الْأَبْطَالِ مَعْرَكَةُ الْحَرْبِ
أَلَيْسَ أَبُونَا هَاشِمٌ شَدَّ أَزْرَهُ وَأَوْصَى بَنِيهِ بِالطِّعَانِ وَبِالضَّرْبِ
وَلَسْنَا نَمَلُّ الْحَرْبَ حَتَّى تَمَلَّنَا وَلَا نَشْتَكِي مَا قَدْ يَنُوبُ مِنْ النَّكْبِ
وَلَكِنَّنَا أَهْلُ الْحَفَائِظِ وَالنُّهَى إذَا طَارَ أَرْوَاحُ الْكُمَاةِ مِنْ الرُّعْبِ
فَأَقَامُوا عَلَى ذَلِكَ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، حَتَّى جَهَدُوا لَا يَصِلُ إلَيْهِمْ شَيْءٌ، إلَّا سِرًّا مُسْتَخْفِيًا (بِهِ) مَنْ أَرَادَ صِلَتَهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ.