8 هـ
630 م
(شِعْرُ أَبِي خِرَاشٍ فِي رِثَاءِ ابْنِ الْعَجْوَةِ)

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: …
حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ، قَالَ: أُسِرَ زُهَيْرُ بْنُ الْعَجْوَةِ الْهُذَلِيُّ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَكُتِّفَ، فَرَآهُ جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيُّ، فَقَالَ لَهُ: أَأَنْتَ الْمَاشِي لَنَا بِالْمَغَايِظِ؟ فَضَرَبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ أَبُو خِرَاشٍ الْهُذَلِيُّ يَرْثِيهِ، وَكَانَ ابْنَ عَمِّهِ:
عَجَّفَ أَضْيَافِي جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ بِذِي فَجَرٍ تَأْوِي إلَيْهِ الْأَرَامِلُ
طَوِيلِ نِجَادِ السَّيْفِ لَيْسَ بِجَيْدَرٍ إذَا اهْتَزَّ وَاسْتَرْخَتْ عَلَيْهِ الْحَمَائِلُ 
تَكَادُ يَدَاهُ تُسْلِمَانِ إزَارَهُ  مِنْ الْجُودِ لَمَّا أَذْلَقَتْهُ الشَّمَائِلُ 
إلَى بَيْتِهِ يَأْوِي الضَّرِيكُ إذَا شَتَا وَمُسْتَنْبِحٌ [13] بَالِي الدَّرِيسَيْنِ عَائِلُ
تَرَوَّحَ مَقْرُورًا وَهَبَّتْ عَشِيَّةً  لَهَا حدب تحتشّه فَيُوَائِلُ 
فَمَا بَالُ أَهْلِ الدَّارِ لَمْ يَتَصَدَّعُوا وَقَدْ بَانَ مِنْهَا اللَّوْذَعِيُّ الْحُلَاحِلُ 
فَأُقْسِمُ لَوْ لَاقَيْتَهُ غَيْرَ مُوثَقٍ لَآبَكَ بِالنَّعْفِ الضِّبَاعُ الْجَيَائِلُ 
وَإِنَّكَ لَوْ وَاجَهْتَهُ إذْ لَقِيتَهُ فَنَازَلْتُهُ أَوْ كُنْتَ مِمَّنْ يُنَازِلُ
لَظَلَّ جَمِيلٌ أَفْحَشَ الْقَوْمِ صِرْعَةً  وَلَكِنَّ قِرْنَ الظَّهْرِ لِلْمَرْءِ شَاغِلُ 
فَلَيْسَ كَعَهْدِ الدَّارِ يَا أُمَّ ثَابِتٍ  وَلَكِنْ أَحَاطَتْ بِالرِّقَابِ السَّلَاسِلُ
وَعَادَ الْفَتَى كَالشَّيْخِ لَيْسَ بِفَاعِلِ  سِوَى الْحَقِّ شَيْئًا وَاسْتَرَاحَ الْعَوَاذِلُ
وَأَصْبَحَ إخْوَانُ الصَّفَاءِ كَأَنَّمَا أَهَالَ عَلَيْهِمْ جَانِبَ التُّرْبِ هَائِلُ
فَلَا تَحْسَبِي أَنِّي نَسِيتُ لَيَالِيَا بِمَكَّةَ إذْ لَمْ نَعْدُ عَمَّا نُحَاوِلُ 
إذْ النَّاسُ نَاسٌ وَالْبِلَادُ بِغِرَّةٍ  وَإِذْ نَحن لَا تشنى عَلَيْنَا الْمَدَاخِلُ