(شِعْرُ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ فِي هِجْرَةِ بَنِي أَسَدٍ)

وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ، …
وَهُوَ يَذْكُرُ هِجْرَةَ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ قَوْمِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِيعَابُهُمْ فِي ذَلِكَ حَيْنَ دُعُوا إلَى الْهِجْرَةِ:
وَلَوْ حَلَفَتْ بَيْنَ الصَّفَا أُمُّ أَحُمَدٍ وَمَرْوَتِهَا باللَّه بَرَّتْ يَمِينُهَا
لَنَحْنُ الْأُلَى كُنَّا بِهَا ثُمَّ لَمْ نَزَلْ بِمَكَّةَ حَتَّى عَادَ غَثًّا سَمِينُهَا
بِهَا خَيَّمَتْ غَنْمُ بْنُ دُودَانَ وَابْتَنَتْ وَمَا إنْ غَدَتْ غَنْمُ وَخَفَّ قَطِينُهَا
إلَى اللَّهِ تَغْدُو بَيْنَ مَثْنَى وَوَاحِدٍ وَدِينُ رَسُولِ اللَّهِ بِالْحَقِّ دِينُهَا
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ جَحْشٍ أَيْضًا:
لَمَّا رَأَتْنِي أُمُّ أَحْمَدَ غَادِيًا بِذِمَّةِ مَنْ أَخْشَى بِغَيْبٍ وَأَرْهَبُ
تَقُولُ: فَإِمَّا كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَيَمِّمْ بِنَا الْبُلْدَانَ ولتَنْأَ يَثْرِبَ
فَقُلْتُ لَهَا: بَلْ يَثْرِبُ الْيَوْمَ وَجْهُنَا وَمَا يَشإِ الرَّحْمَنُ فَالْعَبْدُ يَرْكَبُ
إلَى اللَّهِ وَجْهِي وَالرَّسُولِ وَمَنْ يُقِمْ إلَى اللَّهِ يَوْمًا وَجْهَهُ لَا يُخَيَّبُ
فَكَمْ قَدْ تَرَكْنَا مِنْ حَمِيمٍ مُنَاصِحٍ وَنَاصِحَةٍ تَبْكِي بِدَمْعٍ وَتَنْدُبُ
تَرَى أَنَّ وِتْرًا نَأْيُنَا عَنْ بِلَادِنَا وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ الرَّغَائِبَ نَطْلُبُ
دَعَوْتُ بَنِي غَنْمٍ لِحَقْنِ دِمَائِهِمْ وَلِلْحَقِّ لَمَّا لَاحَ لِلنَّاسِ مَلْحَبُ
أَجَابُوا بِحَمْدِ اللَّهِ لَمَّا دَعَاهُمْ إلَى الْحَقِّ دَاعٍ وَالنَّجَاحُ فَأَوْعَبُوا
وَكُنَّا وَأَصْحَابًا لَنَا فَارَقُوا الْهُدَى أَعَانُوا عَلَيْنَا بِالسِّلَاحِ وأجْلَبوا
كَفَوْجَيْنِ: أَمَّا مِنْهُمَا فَمُوَفَّقٌ عَلَى الْحَقِّ مَهْدِيٌّ، وَفَوْجٌ مُعَذَّبُ
طَغَوْا وَتَمَنَّوْا كِذْبَةً وَأَزَلَّهُمْ عَنْ الْحَقِّ إبْلِيسُ فَخَابُوا وَخُيِّبُوا
وَرِعْنَا إلَى قَوْلِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ فَطَابَ وُلَاةُ الْحَقِّ مِنَّا وطُيِّبوا
نَمُتُّ بِأَرْحَامٍ إلَيْهِمْ قَرِيبَةٍ وَلَا قُرْبَ بِالْأَرْحَامِ إذْ لَا نُقَرَّبُ
فَأَيُّ ابْنِ أُخْتٍ بَعْدَنَا يَأْمَنَنَّكُمْ وَأَيَّةُ صِهْرٍ بَعْدَ صِهْرِي تُرْقَبُ
سَتَعْلَمُ يَوْمًا أَيُّنَا إذْ تُزَايِلُوا وَزُيِّلَ أَمْرُ النَّاسِ لِلْحَقِّ أَصْوَبُ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَوْلُهُ «وَلْتَنْأَ يَثْرِبَ» ، وَقَوْلُهُ «إذْ لَا نَقْرَبُ» ، عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: «إذْ» إذَا، كَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [سبأ: 31]. قَالَ أَبُو النَّجْمِ الْعِجْلِيُّ:
ثُمَّ جَزَاهُ اللَّهُ عَنَّا إذْ جَزَى جَنَّاتِ عَدْنٍ فِي الْعَلَالِيِّ وَالْعُلَا