(شِعْرٌ لِحَسَّانَ فِي بَدْرٍ أَيْضًا)

وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ أَيْضًا:…

تَبَلَتْ فُؤَادَكَ فِي الْمَنَامِ خَرِيدَةً تَسْقِى الضَّجِيعَ بِبَارِدِ بَسَّامِ 
كَالْمِسْكِ تَخْلِطُهُ بِمَاءِ سَحَابَةٍ أَوْ عَاتِقٍ كَدَمِ الذَّبِيحِ مُدَامِ 
نُفُجُ الْحَقِيبَةِ بُوصُهَا مُتَنَضِّدٌ بَلْهَاءُ غَيْرُ وَشِيكَةِ الْأَقْسَامِ 
بُنِيَتْ عَلَى قَطَنٍ أَجَمَّ كَأَنَّهُ فُضُلًا إذَا قَعَدَتْ مَدَاكُ رُخَامِ 
وَتَكَادُ تكسل أَن تَجِيء فِرَاشُهَا فِي جِسْمِ خَرْعَبَةٍ وَحُسْنِ قَوَامِ 
أَمَّا النَّهَارَ فَلَا أُفَتِّرُ ذِكْرَهَا وَاللَّيْلُ تُوزِعُنِي بِهَا أَحْلَامِي 
أَقْسَمْتَ أَنْسَاهَا وَأَتْرُكُ ذِكْرَهَا حَتَّى تُغَيَّبَ فِي الضَّرِيحِ عِظَامِي 
يَا مَنْ لِعَاذِلَةٍ تَلُومُ سَفَاهَةً وَلَقَدْ عَصَيْتُ عَلَى الْهَوَى لُوَّامِي
بَكَرَتْ عَلَيَّ بِسُحْرَةٍ بَعْدَ الْكَرَى وَتَقَارُبٍ مِنْ حَادِثِ الْأَيَّامِ
زَعَمَتْ بأنّ الْمَرْء معديكرب عُمْرَهُ عَدَمٌ لِمُعْتَكِرٍ مِنْ الْأَصْرَامِ 
إنَّ كُنْتِ كَاذِبَةَ الَّذِي حَدَّتْتِنِي فَنَجَوْتِ مَنْجَى الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ
تَرَكَ الْأَحِبَّةَ أَنْ يُقَاتِلَ دُونَهُمْ وَنَجَا بِرَأْسِ طِمرَّةٍ وَلِجَامِ 
تَذَرُ الْعَنَاجِيجُ الْجِيَادُ بِقَفْرَةٍ مَرَّ الدَّمُوكِ بِمُحْصَدٍ وَرِجَامِ 
مَلَأَتْ بِهِ الفرجين فار مدّت بِهِ وَثَوَى أَحِبَّتُهُ بِشَرِّ مَقَامِ 
وَبَنُو أَبِيهِ وَرَهْطُهُ فِي مَعْرَكٍ نَصَرَ الْإِلَهُ بِهِ ذَوِي الْإِسْلَامِ
طَحَنَتْهُمْ، وَاَللَّهُ يُنْفِذُ أَمْرَهُ، حَرْبٌ يُشَبُّ سَعِيرُهَا بِضِرَامِ 
لَوْلَا الْإِلَهُ وَجَرْيُهَا لَتَرَكْنَهُ جَزَرَ السِّبَاعِ وَدُسْنَهُ بحَوَامِي 
مِنْ بَيْنَ مَأْسُورٍ يُشَدُّ وَثَاقُهُ صَقْرٍ إذَا لَاقَى الْأَسِنَّةَ حَامِي 
وَمُجَدَّلٍ لَا يَسْتَجِيبُ لِدَعْوَةٍ حَتَّى تَزُولَ شَوَامِخُ الْأَعْلَامِ 
بِالْعَارِ وَالذُّلِّ الْمُبَيَّنِ إذْ  رَأَى بِيضَ السُّيُوفِ تَسُوقُ كُلَّ هُمَامِ 
بِيَدَيْ أَغَرَّ إذَا انْتَمَى لَمْ يُخْزِهِ نَسَبُ الْقِصَارِ سَمَيْدَعٍ مِقْدَامِ 
بِيضٌ إذَا لَاقَتْ حَدِيدًا صَمَّمَتْ كَالْبَرْقِ تَحْتَ ظِلَالِ كُلِّ غَمَامِ