صفر 11 هـ
أيار 632 م
سَرِيَّة أُسَامَة بن زيد إِلَى أَرض فلسطين سنة إِحْدَى عشرَة من الْهِجْرَة

بَعثه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَرْبَع بَقينَ من صفر وَأمره من غَزْو الرّوم والإغارة عَلَيْهِم بِمَا أَمر وَعقد لَهُ لِوَاء بِيَدِهِ الْمُبَارَكَة وجهزه فِي …

الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار أَرْبَاب الصوارم الفاتكة فَخرج يحمل لِوَاءُهُ بُرَيْدَة بن الْحصيب وعسكر بالجرف مستعينا بعالم الشَّهَادَة والغيب فَاجْتمع لَدَيْهِ أهل البدو والحضر وانتدب للغزو أَعْيَان النَّاس حَتَّى أَبُو بكر وَعمر وَتكلم قوم فِي إمارته وَهُوَ شَاب على الكهول فَصَعدَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمِنْبَر مغضبا وَذكر من تَقْدِيمه وتكريمه مَا وَردت بِهِ النقول.
ثمَّ اضْطجع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مهاد الْمَرَض وَعرض لأسامة بل لجَمِيع الْمُسلمين من الشّغل بوفاته مَا عرض ثمَّ إِنَّه سَار فِي خلَافَة أبي بكر إِلَى جِهَة قَصده وَلم يقدم أحد من الْمُسلمين على رد جَيْشه وَلَا حل عقده لَكِن أَبَا بكر سَأَلَهُ فِي عمر بن الْخطاب وَأَن يَأْذَن لَهُ فِي تخلفه عَنهُ فَأجَاب حَتَّى انْتهى بِنَاحِيَة البلقاء إِلَى أهل أبنى فشن الْغَارة على الْأَعْلَى من مَنَازِلهمْ والأدنى وَحرق بُيُوتهم وأشجارهم ومزق أعوانهم وأنصارهم وأجال الْخَيل فِي عراصهم وَأصَاب كثيرا من سوابحهم وقلاصهم وسبى أَوْلَادهم ونساءهم وَأخذ أَمْوَالهم وَسَفك دِمَاءَهُمْ وَقتل قَاتل أَبِيه واستأصل الخامل مِنْهُم والنبيه واظهر للعسكر نتيجة مَا خص بِهِ من التَّفْضِيل وَقسم الْجُمْلَة المجتمعة من الْغَنَائِم بَينهم على التَّفْصِيل ثمَّ أَسْرج للرحيل خيله حَتَّى قدم الْمَدِينَة فِي خمس عشرَة لَيْلَة فَخرج أَبُو بكر وَالنَّاس مستبشرين إِلَى لِقَائِه وَهَذِه آخر سَرِيَّة بعثها رَسُول الله وَخَاتم أنبيائه.

للنجم قد سامى أُسَامَة رفْعَة *** وَلم لَا وَخير الْخلق نوه باسمه
وافى إِلَى أَرض الشآم بمحفل *** فرق العدى ذلت لعزة عزمه
وَلكم أَقَامَ بغزو الرّوم من *** علم يلوح بِعِلْمِهِ وبحزمه