(سَبَب عداوتهم للْمُسلمين)

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَنَصَبَتْ عِنْدَ ذَلِكَ أَحْبَارُ يَهُودَ لِرَسُولِ اللَّهِ…

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَدَاوَةَ، بَغْيًا وَحَسَدًا وَضِغْنًا، لِمَا خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْعَرَبَ مِنْ أَخْذِهِ رَسُولَهُ مِنْهُمْ، وَانْضَافَ إلَيْهِمْ رِجَالٌ مِنْ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، مِمَّنْ كَانَ عَسِيَ عَلَى جَاهِلِيَّتِهِ فَكَانُوا أَهْلَ نِفَاقٍ عَلَى دِينِ آبَائِهِمْ مِنْ الشِّرْكِ وَالتَّكْذِيبِ بِالْبَعْثِ، إلَّا أَنَّ الْإِسْلَامَ قَهَرَهُمْ بِظُهُورِهِ وَاجْتِمَاعِ قَوْمِهِمْ عَلَيْهِ، فَظَهَرُوا بِالْإِسْلَامِ، وَاِتَّخَذُوهُ جُنَّةً مِنْ الْقَتْلِ وَنَافَقُوا فِي السِّرِّ، وَكَانَ هَوَاهُمْ مَعَ يَهُودَ، لِتَكْذِيبِهِمْ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجُحُودِهِمْ الْإِسْلَامَ. وَكَانَتْ أَحْبَارُ يَهُودَ هُمْ الَّذِينَ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَتَعَنَّتُونَهُ، وَيَأْتُونَهُ بِاللَّبْسِ، لِيَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ، فَكَانَ الْقُرْآنُ يَنْزِلُ فِيهِمْ فِيمَا يَسْأَلُونَ عَنْهُ، إلَّا قَلِيلًا مِنْ الْمَسَائِلِ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَسْأَلُونَ عَنْهَا.