(سَبَبُهَا)

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: …
وَغَزْوَةُ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيُّ الْغَابَةَ.
وَكَانَ مِنْ حَدِيثِهَا فِيمَا بَلَغَنِي، عَمَّنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ قومِي، وأصدقتها مِائَتي دِرْهَمٍ، قَالَ: فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَعِينُهُ عَلَى نِكَاحِي، فَقَالَ: “وَكَمْ أصدقت؟” فَقلت: مِائَتي دِرْهَمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: “سُبْحَانَ اللَّهِ، لَوْ كُنْتُمْ تَأْخُذُونَ الدَّرَاهِمَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ مَا زِدْتُمْ، وَاَللَّهِ مَا عِنْدِي مَا أُعِينُكَ بِهِ“. قَالَ: فَلَبِثْتُ أَيَّامًا، وَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي جُشَمَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، يُقَالُ لَهُ: رِفَاعَةُ بْنُ قَيْسٍ، أَوْ قَيْسُ بْنُ رِفَاعَةَ، فِي بَطْنٍ عَظِيمٍ مِنْ بَنِي جُشَمَ، حَتَّى نَزَلَ بِقَوْمِهِ وَمَنْ مَعَهُ بِالْغَابَةِ، يُرِيدُ أَنْ يَجْمَعَ قَيْسَا عَلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ ذَا اسْمٍ فِي جُشَمَ وَشَرَفٍ. قَالَ: فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلَيْنِ مَعِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ:: “اُخْرُجُوا إلَى هَذَا الرَّجُلِ حَتَّى تَأْتُوا مِنْهُ بِخَبَرِ وَعِلْمٍ“. قَالَ: وَقَدَّمَ لَنَا شَارِفًا عَجْفَاءَ، فَحُمِلَ عَلَيْهَا أَحَدنَا، فو الله مَا قَامَتْ بِهِ ضَعْفًا حَتَّى دَعَمَهَا الرِّجَالُ مِنْ خَلْفِهَا بِأَيْدِيهِمْ، حَتَّى اسْتَقَلَّتْ وَمَا كَادَتْ ثُمَّ قَالَ: “تُبَلَّغُوا عَلَيْهَا وَاعْتُقِبُوهَا“.