310 هـ
922 م
سنه عشر وثلاثمائة

في المحرم، اطلق يوسف بن ابى الساج وحمل اليه مال وخلع وحكى انه انزل في دار دينار، وانه انفذ الى مؤنس المظفر، يستدعى منه انفاذ  …

ابى بكر ابن الادمى القاري، فتمنع ابو بكر وقال: اننى قرات بين يديه يوم شهر: {وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ} [هود: 102]، ورايته يبكى، فاظنه حقد على ذلك، فقال له مؤنس لا تخف، فاننى شريكك في جائزته، فمضى اليه وجلا، فلما دخل عليه، وقد أفيضت عليه الخلع، والناس بحضرته والغلمان وقوف على راسه، قال لهم: هاتوا كرسيا لأبي بكر، فاتوه به، وقال: اقرا، فاستفتح وقرأ قوله تعالى: {وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي} يوسف: 54] فقال: لا اريد هذا، بل اريد ان تقرا بين يدي ما كنت تقرؤه يوم شهرت فامتنع، ثم قرأ حين الزمه: {وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ} [هود: 102]  فبكى ثم قال: هذه الآية كانت سببا لتوبتي من كل محظور، ولو أمكنني ترك خدمه السلطان لتركتها وامر له بمال جزيل وطيب كثير.
وحضر يوسف دار الخليفة بسواد، ووصل اليه، فقبل البساط وخلع عليه، وحمل على فرس بمركب ذهب، وذلك يوم الخميس ثامن المحرم، وجلس المقتدر يوم السبت، وعقد له على اعمال الصلاة والمعاون والخراج بالري والجبال واذربيجان، وزينت له دار السلطان يومئذ، فركب معه مؤنس ومفلح ونصر والقواد، واستكتب أبا عبد الله محمد بن خلف النيرمانى، وقرر ان يحمل الى السلطان في كل سنه خمسمائة الف دينار.
وخلع على طاهر ويعقوب ابنى محمد بن عمرو بن الليث الصفار، وعلى الليث ابن على وابنه خلع الرضا.
وقدم أخ لنصر الحاجب من بلاد الروم واسلم، فخلع عليه.
وتوالت الفتوح على المسلمين برا وبحرا، فقرئت الكتب على المنابر لذلك.
وفي جمادى الاولى تقلد نازوك الشرطه ببغداد وعزل ابن عبد الصمد عنها.
واملك ابو عمر القاضى مسرورا المحفلى ببنت المظفر بن نصر الداعي، ومحمد بن ياقوت بابنه رائق الكبير، بحضره المقتدر وحكى انه خطب خطبه طويله تعجب الناس من حسنها، ولما فرغ منها، وقد حمى الحر وتعالى النهار، قيل له ضجر الخليفة بالجلوس، فخطب خطبه اوجزها بكلمتين، وعقد النكاح، فنهض المقتدر مبادرا لشدة الحر، ووقع فعل ابى عمر عنده الطف موقع، والتفت الى صاحب الديوان فقال: ينبغى ان يزاد ابو عمر في رزقه، واثنى عليه.
فعاد صاحب الديوان الى داره، فقال لمن حضره من خاصته: قد جرى لأبي عمر كل جميل من الخليفة، وقد تقدم بالزيادة في رزقه.
قال صاحب الحكاية، وكان ابو عمر رجلا صديقي، فدعتني نفسي الى التقرب بذلك اليه فجئته، فأنكر مجيئي في وقت خلوته، فحدثته بالحديث على شرحه، فدعا للخليفة وقال: لا عدمتك، فاستقللت شكره وانصرفت.
فولد لي فكرا معمى، بان في وجهه من التعجب منى، وندمت ندما شديدا، وقلت: سر السلطان أفشاه الى من هو احظى عندي من وزيره، ذكره الرجل لانسه بي، بادرت باخراجه ان راح ابو عمر وشكره فعلم انه من فعلى ما صورتي، فرجعت ودخلت بغير اذن، فلما وقع ناظره على قال: يا فلان، ولا حرف، فكانه فشكرته وانصرفت.
وفي جمادى الأخيرة، خلع على ابى الهيجاء بن حمدان، وطوق وسور وانفذ الحسين بن احمد الماذرائى من مصر هديه وفيها بغله معها فلو، وغلام طويل اللسان يلحق طرفه انفه.
ودخل محمد بن نصر الحاجب، قادما من قاليقلا، في شهر رمضان وقد فتح عليه.
وفيه قبض على أم موسى القهرمانه، وأختها أم محمد، وأخيها ابى بكر احمد ابن العباس، لأنها زوجت بنت أخيها ابى بكر من ابى العباس بن محمد بن إسحاق ابن المتوكل على الله، وكانت له نعم عظيمه، وكان لعلى بن عيسى صديقا، واسرفت في الأموال التي نثرتها، والدعوات التي عملتها، حتى دعت اهل المملكة ثمانية عشر يوما، وقالت لها السيده: انك قد دبرت ان يصير صهرك خليفه، وسلمتها الى ثمل القهرمانه، وهي موصوفه بالشر، وكانت قهرمانه أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف، فاستخرجت منها الف الف دينار.
وبلغت زياده دجلة ثمانية عشر ذراعا ونصفا.
وورد الخبر انه انبثق بواسط سبعه عشر بثقا أكثرها الف ذراع، وأصغرها مائتا ذراع، وغرق من أمهات القرى الفان وثلاثمائة قريه.
وحج نصر الحاجب، فقلد ابن ملاحظ الحرمين، وصرف عنهما نزار بن محمد.