306 هـ
918 م
سنه ست وثلاثمائة

[أخبار متفرقة]
في هذه السنه، تاخرت ارزاق الجند، واحتج ابن الفرات بان المال صرف في نفقه الجيش الذى جهزه لمحاربه ابن ابى الساج، فقبض عليه فكانت …

وزارته هذه سنه وخمسه اشهر وتسعه عشر يوما.
ودخل على جحظه بعض اصدقائه، فقال له: ما تتمنى؟ فقال: لم يبق لي منى غير نكبات الوزراء! فقال له: قد نكب ابن الفرات، فقال جحظه:

احسن من قهوة معتقه *** تخالها في انائها ذهبا
من كف مقدودة منعمه *** تقسم فينا الحاظها الوصبا
ومسمع نهض السرور إذا *** رجع فيما تقول او ضربا
نعمه قوم أزالها قدر *** لم يحظ حر فيها بما طلبا

وزارة حامد بن العباس
كان حامد يستدعى قسيما الجوهري خادم السيده، إذا خرج الى واسط لمشارفه أعمالها بها، ويلاطفه، فعاد من عنده وقد نكب ابن الفرات، فاشار به، فوافق ذلك مشوره ابن الحوارى أيضا فوصل وقد كوتب الى بغداد في اليوم الرابع من القبض على ابن الفرات وكان له أربعمائة غلام يحملون السلاح وعده حجاب تجرى مجرى القواد.
واشار ابن الحوارى عليه بطلب على بن عيسى، ومساءله المقتدر بالله فيه ليخلفه على الدواوين، ففعل، فقال المقتدر بالله: ما احسب على بن عيسى يرضى ان يكون تابعا، بعد ان كان متبوعا فقال حامد: انا اعامل الوزراء منذ ايام الناصر لدين الله، فما رايت اعف من على بن عيسى، ولا اكبر نفسا منه، ولم لا يستجيب لخلافه الوزارة؟ وانما الكاتب كالخياط يخيط يوما ثوبا قيمته الف دينار، ويخيط يوما ثوبا قيمته عشره دراهم فضحك منه من سمع قوله، وعيب بهذا.
وازرى عليه، ان أم موسى القهرمانه، خرجت اليه برقعة من الخليفة فقرأها، ووضعها بين يديه، وأخذ يتحدث حديث شق الفرن المنفجر ايام الناصر لدين الله بواسط، وأم موسى مستعجله بالجواب، ولم يجب الى ان استوفى حديث الشق.
وحكايته معها في قوله لها: والتقطي واحذرى ان تغلطى مشهوره.
وكتب ابو الحسن محمد بن جعفر بن ثوابه، عن المقتدر بالله كتابا الى اصحاب الاطراف يذكر فيه وزارة حامد اوله: اما بعد، فان احمد الأمور ما عم صلاحه ومنفعته، وخير التدبير ما رجى سداده واصابته، وازكى الاعمال ما وصل الى الكافه يمنه وبركته، وافضل الاكوان ما كان اتباع الحق سبيله وعادته.
وخلع المقتدر بالله على على بن عيسى، وانفذ به مع صاحب نصر الحاجب وشفيع المقتدرى الى دار حامد على اعمال المملكة.
وكتب اليه على بن عيسى في بعض الأيام رقعه خاطبه فيها بعبده، فأنكر ذلك حامد وقال: لست اقرا له رقعه إذا خاطبني بهذا، بل يخاطبني بمثل ما اخاطبه به.
وكان يكتب كل واحد منهما الى صاحبه اسمه واسم ابيه، وشكر له على بن عيسى هذا الفعل.
وسقطت منزله حامد، وتفرد على بالأمور، وقيل فيهما، قال ابن بسام:

يا بن الفرات تعزى *** قد صار امرك آيه
لما عزلت حصلنا *** على وزير بدايه

وضمن على بن عيسى الحسين بن احمد الماذرائى، اعمال مصر والشام بثلاثة آلاف الف دينار، فاوصله الى المقتدر بالله، فخلع عليه وشخص الى عمله وقدم على بن احمد بن بسطام من مصر فولاه اعمال فارس.
قال ابو الفضل العباس بن الحسين وزير معز الدولة: رايت أبا القاسم بن بسطام وقد دخل إلينا فارس عاملا، ومعه اثقال لم ير مثلها، ورايت في جمله اثقاله اربعين نجيبا موقره اسره مشبكه، ذكروا انه يستعملها في الطرقات للمجلس والتمس يوما سجاده للصلاة بعينها، وكان يألفها، ففتشت رزم الفرش، فكان فيها نحو أربعمائة سجاده ولما تبين حامد ان منزلته قد وهت، استاذن في الانحدار الى واسط، فاذن الخليفة له، وليس له من الوزارة غير الاسم.
واقطع المقتدر بالله ابنه أبا العباس دار حامد بالمخرم، فانتقل حامد الى داره في باب البصره.
ولما انحدر حامد استخلف مكانه صهره أبا الحسين محمد بن بسطام وأبا القاسم الكلوذانى، فظهرت كفاية الكلوذانى.
وتقلد ابو الهيجاء بن حمدان طريق خراسان.