316 هـ
928 م
سنه ست عشره وثلاثمائة

دخل مؤنس المظفر بغداد، وبعده نصر وندب مؤنس للخروج الى الرقة، لما وصل الخبر باستيلاء القرمطى على الرحبه حربا وقتله أهلها ورهبت  …

الاعراب أبا طاهر، حتى كانوا يتطايرون عند سماع ذكره، وجعل على كل بيت منهم دينارا بعد ان نهبهم.
وعاود القرمطى هيب، فلم يقدر عليها، فاتى الكوفه، وجاء الى قصر ابن هبيرة فخرج اليه نصر، فحم نصر حمى شديده حاده، فسار مع ذلك الى شورا وبينه وبين القرمطى نهرها، واستخلف على الجيش احمد بن كيغلغ، وانفذ معه الجيش.
وانصرف القرمطى من غير لقاء.
واشتدت عله نصر، وجف لسانه من شده الحمى، فاعيد الى بغداد، فمات في الطريق في عمارية، فانفذ المقتدر على الجيش هارون بن غريب، فدخل بهم بغداد.
واقام على بن عيسى حين راى تنكر الأمور على الاستعفاء من الوزارة، والمقتدر يجلبه، ويستوقفه حتى اعفاه.
واستوزر المقتدر أبا على بن مقله ضرورة، وذلك بمشوره نصر، فلما كان في النصف من شهر ربيع الاول، انفذ المقتدر هارون بن غريب، ومعه ابو جعفر بن شيرزاد للقبض على على بن عيسى، فاستحيا هارون من لقائه بذلك، فانفذ أبا جعفر، فوجده مستعدا قد لبس خفا وعمامة وطيلسانا، واستصحب مصحفا ومقراضا، وسال هارون صيانة حرمه، ففعل وحمل مع أخيه ابى على الى دار السلطان، فاعتقله في دار زيدان القهرمانه، وكانت وزارته هذه سنه واربعه اشهر ويومين.

وزارة ابى على بن مقله
وقد كان محمد بن خلف النيرمانى بذل في الوزارة ثلاثمائة الف دينار، فلم تقبل منه، لما عرف منه الجهل بالكتابه والتهور في الافعال.
واحضر ابن مقله يوم الخميس سادس عشر ربيع الاول، وقلد الوزارة، ووصل الى الخليفة وخلع عليه، وحمل اليه طعام على العادة التي جرت للوزارة إذا خلع عليهم.
ودس نصر الحاجب على على بن عيسى من ادعى مكاتبته القرمطى على يده، وذلك لعداوة بينه وبينه، ولممايله على لمؤنس.
وعزم الخليفة على ضرب على بن عيسى بالسياط على باب العامه، فوقفت السيده على بطلان الأمر فازالت من نفس المقتدر تصديق ذلك، وثنته عن رايه في معاقبته.
واتفق لابن مقله ما مشى به الأمور، انفاذه البريدى له- وكان بينهما موده- سفاتجا بثلاثمائة الف دينار، وغير ذلك من وجوه اخر.
وتغاير سواس هارون بن غريب على غلام امرد، فوقع الحرب بينهم، فاخذ نازوك سواس هارون وحبسهم، فسار اصحاب هارون الى مجلس الشرطه وضربوا خليفه نازوك، وأخذوا اصحابه فلم ينكر ذلك المقتدر فجمع نازوك رجاله وزحف الى دار هارون، فقتل من اصحابه قوما، ووقعت الحرب، فجاء ابن مقله ومفلح الأسود فاديا رساله إليهما عن المقتدر حتى كفا.
واقام مؤنس في داره مستوحشا، فأظهر ان ذلك لمرض في ساقه، وصار اليه هارون لابسا دراعه فاصطلحا.
واقام هارون ببستان النجمى، قاصدا للبعد من الفتن، فكتب اصحاب مؤنس اليه وهو بالرقة، بان الأمر قد تم لهارون في امره الأمراء، فاسرع الى بغداد ولم ينحدر الى المقتدر وصعد اليه الأمير ابو العباس والوزير ابو على فسلما عليه.
وقدم عليه ابو الهيجاء من الجبل، وقلد احمد بن نصر الحجبة، وأخذ منه ستين الف دينار، وذلك في شهر رمضان، وصرف في ذي الحجه.
وقبض ابن مقله على ابى محمد بن عبد الله كاتب نصر، والزمه خمسين الف دينار.