307 هـ
919 م
سنه سبع وثلاثمائة (ذكر ما دار في هذه السنه من اخبار بنى العباس)

فيها اشخص عبد الله بن حمدان الى مؤنس الخادم لمعاونته على حرب يوسف ابن ابى الساج، فواقعه باردبيل، وانهزم ابن ابى الساج فاسر …

وادخل مدينه السلام مشهرا، عليه الدراعه الديباج التي ألبسها عمرو بن الليث الصفار، والبس برنسا طويلا بشفاشج وجلاجل، وحمل على الفالج، وادخل من باب خراسان، فساء الناس ما فعل به إذ لم تكن له فعله ذميمه في كل من اسره او ظفر به، وحمل مؤنس وكسى وخلع على وجوه اصحابه، ووكل المقتدر بابن ابى الساج، وحبس في الدار، وامر بالتوسع عليه في مطعمه ومشربه، وهرب سبك غلام ابن ابى الساج عند الوقيعه، وكان صاحب امره كله ومدبر جيشه، وهرب معه اكثر رجال ابن ابى الساج، فقال مؤنس ليوسف: اكتب الى سبك في الاقبال إليك، فان ذلك مما يرفق الخليفة عليك.
ففعل ابن ابى الساج، وكتب الى سبك، فجاوبه: انى لا افعل حتى اعلم صنعهم فيك، وإحسانهم إليك، فحينئذ آتى طائعا.
وكانت لابن ابى الساج اشعار وهو محبوس منها:

اقول كما قال ابن حجر أخو الحجى *** وكان امرا راض الأمور ودوسا:
فلو انها نفس تموت سويه *** ولكنها نفس تساقط أنفسا
ولست بهياب المنيه لو أتت *** ولم ابق رهنا للتأسف والاسى
اجازى على الاحسان فيما فعلته *** وقدمته ذخرا جزاء الذى اسا
وانى لأرجو ان أءوب مسلما *** كما سلم الرحمن في اليم يونسا
فاجزى امام الناس حق صنيعه *** وامنح شكرى ذا العنايه مؤنسا

وفيها ركبت أم موسى القهرمانه بهديه امرت أم المقتدر بتهيئتها واهدائها عن بنات غريب الخال لأزواجهن بنى بدر الحمامي، فسارت أم موسى في موكب عظيم فيه الفرسان والرجاله، وقيد بين يديها اثنا عشر فرسا بسروجها ولجمها، منها سته بحليه ذهب، وسته بحليه فضه، مع كل فرس خادم بجنبه عليه منطقه ذهب وسيوف بمناطق ذهب، واربعون طختا من فاخر الثياب ومائه الف دينار مسيفه، كل ذلك هديه من قبل النساء الى ازواجهن.
وفيها قدم ابو القاسم بن بسطام من مصر الى بغداد، بعد ان كتب اليه في القدوم لإدارة أدارها على بن عيسى عليه، ومطالبه ذهب الى اخذه بها فلما قدم وجه الى الخليفة والى السيده بهديه فخمه، واموال جزيله، فقطعا عنه مطالبه على بن عيسى، وانقطع بنفسه الى الوزير حامد، فاعتنى به وكان ذلك سببا لفساد ما بين الوزير حامد وبين على بن عيسى، ووقعت بينهما ملاحاة، خرجا معها الى التهاتر والتساب، وبعث ذلك حامد الوزير الى ان يضمن للخليفة فيما كان يتقلده على واحمد ابنا عيسى اموالا عظيمه، فأجيب الى ذلك واستعمل حامد عليها عبيد الله بن الحسن بن يوسف، فبلغته عنه بعد ذلك خيانة أقلقته، فاستأذن الخليفة وشخص من بغداد الى واسط، واقام بها أياما وانحدر منها الى الاهواز واحكم ما اراد، واوفى ما عليه من الأموال مقسطا في كل شهر سوى ما وهب وانفق فزعم انه وهب مائه الف دينار، وانفق مائه الف دينار.
وقدم الى بغداد في غره ذي القعده وخلع عليه وحمل قال الصولي: رايته يوما وقد شكا اليه شفيع المقتدرى فناء شعيره، فجذب الدواة الى نفسه وكتب له بمائه كر، وكتب لام موسى بمائه كر، وكتب لمؤنس الخادم بمائه كر.
وفي هذه السنه تتابعت الاخبار من مصر باقبال صاحب المغرب إليها وموافاته الإسكندرية.
ثم ورد الخبر في جمادى الآخرة بوقعه كانت بين اصحاب السلطان وبينهم في جمادى الاولى، وانه قتل من البرابر نحو من اربعه آلاف، ومن اصحاب السلطان مثلهم، فندب المقتدر مؤنسا الخادم للخروج الى مصر مره ثانيه، فخرج في شهر رمضان سنه سبع، وشيعه الى مضربه ابو العباس محمد بن امير المؤمنين المقتدر واجلاء الناس، وسار في آخر شهر رمضان فكان في الطريق باقى سنه سبع وفيها مات ابو احمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان لايام مضت من صفر.
وفي آخر صفر لست بقين منه توفى محمد بن عبد الحميد، كاتب السيده، وكان ممن عرضت عليه الوزارة فاباها، وكان موسرا بخيلا، وكان من مشايخ الكتاب الذين يعول عليهم في الأمور وفي احكام الدواوين، وأخذت السيده أم المقتدر بالله من مخلفيه من العين مائه الف دينار، واستكتبت السيده احمد بن عبيد الله بن احمد ابن الخصيب بعده وكان يكتب لثمل قهرمانتها، فضبط الأمر ضبطا شديدا وحمد اثره فيه.
واقام الحج للناس في هذه السنه احمد بن العباس الهاشمى.