347 هـ
958 م
سنه سبع واربعين وثلاثمائة

ورد الخبر ان الروم نهبوا سواد ميافارقين، وقتلوا نادرا، غلام سيف  الدولة وانهم غلبوا على سميساط وأحرقوها، وان سيف الدولة افلت منهم …

في عدد يسير، وأسروا اهله وقرابته.
واخر ناصر الدولة حمل المال عن معز الدولة، فسار الى نصيبين وراءه وبعد ناصر الدولة الى ميافارقين.
وانفذ معز الدولة بسبر مردى، وهو حدث، في خمسمائة من الديلم الى سنجاب، فهرب منه ابو المرجى جابر وهبه الله، ابنا ناصر الدولة، الا ينفذه، فلم يقبل منه، فقال:

طفل يرق الماء في *** وجناته وينض عوده
ويكاد من شبه العذارى *** منه ان تبدو نهوده
جعلوه قائد عسكر *** ضاع الرعيل ومن يقوده

وقال السرى المعروف بالرفاء يمدح أبا المرجى:

الله اكبر فرق السيف العدا *** فتفرقت أيدي سبا اخبارها
لا تجبر الأيام كسر عصابه *** كسرت وذل بجابر جبارها
رحلت فكان الى السيوف رحيلها *** وثوت فكان الى السيوف مزارها
علم الأعاجم ان وقع سيوفكم *** نار تشب وأنتم اعصارها
من ذا ينازعكم كريمات العلا *** وهي البروج وأنتم اقمارها
الحرب تعلم انكم آسادها *** والارض تشهد انكم أمطارها
في وقعه لك عزها وسناؤها *** وعلى عدوك عارها وشنارها
عمرت ديارك من قبور ملوكها *** وخلت من الانس المقيم ديارها

ولابن الحجاج في ذلك:

لله يا سير مردى يوم حجار *** حين دعاك الى ذي لبده ضار
سرى إليك وجنح الليل منسدل *** بجحفل مثل جنح الليل جرار
وصبحتك جيوش الله معلمه *** من كل اغلب ماضى العزم مغوار
يأبى له الضيم- ان الضيم منقصه *** انف حمى وجاش غير خوار
لما سما لك في الهيجاء منفردا *** بمرهف القد ماضى الحد بتار
عضب المهزة لا يبتز رونقه *** يوم الكريهة الا نفس جبار
لقيتم غير انكاس ولا عزل *** ولا نكول على الهيجاء اغمار
لما راى العز في ايراد مهجته *** مضى فاوردها من غير احدار
ليث يكر إذا كروا وان لجئوا *** الى الفرار راوه غير فرار
ابى النزول على حكم نزلت به *** فما انثنى بعد اقبال لادبار
حتى هوى تحت أيدي الخيل يخبطه *** في سائل من دم الأوداج موار
ثاو بسنجار لا يغدو إذا ظعن *** الغادون عنها ولا يسرى مع السارى
يا آل احمد ايها هكذا ابدا *** صونوا الحريم وحوطوا حوزه الدار
واصلوا بنار الردى من دون شحنكم *** والحر بالنار اولى منه بالعار
لا ترهبوهم فان القوم اكثرهم *** من حزتموهم لثاما يوم سنجار
لله ذلك من يوم اعاد لكم *** يا شيعه الله فيهم يوم ذي قار
كروا فان صدور الخيل عابسه *** يحملن كل رحيب الصدر كرار
يحملن أسدا بخفان مواطنها *** منها الهصور ومنها المشبل الضاري

فاما حال ناصر الدولة، فانه توجه من ميافارقين الى حلب، قاصدا لأخيه سيف الدولة، واستامن اكثر جيشه اخوه ابو زهير الى معز الدولة.
واكرم سيف الدولة أخاه، ونزع خفه بيده، وتوسط الحال بين معز الدولة وبين أخيه على ما تقرر ضمنه وقال السرى يذكر ذلك لسيف الدولة:

راى من أخيك الشام اكرم شيعه *** واصدق برق في المحول يشام
ارى الخائن المغرور قام بأرضكم *** كان المنايا الحمر عنه تنام
فطورا لكم في العيش رحب منازل *** وطورا لكم بين السيوف رجام
وأنتم على اكباد قوم حراره *** وبرد على أكبادنا وسلام

ورجع معز الدولة بضمان سيف الدولة الى الموصل، وتقرر معه دفع الفى الف وستمائه الف درهم، واطلاق الماسورين من اصحابه.
فلما سار بين المؤنسيه وادرمه، وذلك في ثالث ذي الحجه، وهو الخامس عشر من شباط، هبت ريح مغرب بارده، فتلف من عسكره ثمانمائه رجل، ولحق معز الدولة الغشي من البرد مع كثره ما عليه من الخز والوبر، وقلع العسكر سقوف ادرمه وأبوابها، فاوقدوها، واطلق لهم معز الدولة ثلاثة آلاف درهم عوضا عما أخذ من الخشب.