275 هـ
888 م
سنه خمس وسبعين ومائتين (ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث)

فمن ذلك ما كان من توجيه الطائي جيشا الى سامرا بسبب ما احدث صديق بها واطلاقه أخاه من السجن وكان أسيرا عنده،وذلك في المحرم …

 من هذه السنه: ثم خرج الطائي الى سامرا، وارسل صديقا ووعده ومناه وامنه، فعزم على الدخول اليه في الامان، فحذره ذلك غلام له يقال له هاشم، وكان- فيما ذكر- شجاعا، فلم يقبل منه، ودخل سامرا مع اصحابه، وصار الى الطائي، فأخذه الطائي، ومن دخل معه منهم، فقطع يد صديق ورجله ويد هاشم ورجله وأيدي جماعه من اصحابه وارجلهم وحبسهم، ثم حملهم في محامل الى مدينه السلام، وقد ابرزت ايديهم وارجلهم المقطعه ليراها الناس، ثم حبسوا.
وفيها غزا يازمان في البحر، فاخذ للروم اربعه مراكب.
وفيها تصعلك فارس العبدى، فعاث بناحيه سامرا، وصار الى كوخها، فانتهب دور آل حسنج، فشخص الطائي اليه، فلحقه بالحديثه، فاقتتلا، فهزمه الطائي وأخذ سواده، وصار الطائي الى دجلة، فدخل طيارة ليعبرها، فادركه اصحاب العبدى فتعلقوا بكوثل الطيار، فرمى الطائي بنفسه في دجلة، فعبرها سباحه، فلما خرج منها نفض لحيته من الماء، وقال: ايش ظن العبدى؟ اليس انا اسبح من سمكه! ثم نزل الطائي الجانب الشرقى والعبدى بازائه في الجانب الغربي وفي انصراف الطائي قال على بن محمد بن منصور بن نصر بن بسام:

قد اقبل الطائي، لا اقبلا *** قبح في الافعال ما اجملا
كأنه من لين ألفاظه *** صبيه تمضغ جهد البلا

وفيها امر ابو احمد بتقييد الطائي وحبسه، ففعل ذلك لاربع عشره خلت من شهر رمضان، وختم على كل شيء له، وكان يلى الكوفه وسوادها وطريق خراسان وسامرا والشرطه ببغداد، وخراج بادوريا وقطربل ومسكن وشيئا من ضياع الخاصة.
وفيها حبس ابو احمد ابنه أبا العباس، فشغب اصحابه، وحملوا السلاح، وركب غلمانه، واضطربت بغداد لذلك، فركب ابو احمد لذلك حتى بلغ باب الرصافه، وقال لأصحاب ابى العباس وغلمانه فيما ذكر: ما شأنكم؟
اترونكم اشفق على ابنى منى! هو ولدى، واحتجت الى تقويمه، فانصرف الناس، ووضعوا السلاح، وذلك يوم الثلاثاء لست خلون من شوال من هذه السنه.
وحج بالناس فيها هارون بن محمد الهاشمى.