279 هـ
892 م
سنه تسع وسبعين ومائتين (ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث)

فمن ذلك ما كان من أمر السلطان بالنداء بمدينه السلام ألا يقعد على الطريق ولا في مسجد الجامع قاص ولا صاحب نجوم ولا زاجر، وحلف …

 الوراقون الا يبيعوا كتب الكلام والجدل والفلسفه.
وفيها خلع جعفر المفوض من العهد لثمان بقين من المحرم.
وفي ذلك اليوم بويع للمعتضد بانه ولى العهد من بعد المعتمد، وانشئت الكتب بخلع جعفر وتوليه المعتضد، ونفذت الى البلدان، وخطب يوم الجمعه للمعتضد بولاية العهد، وانشئت عن المعتضد كتب الى العمال والولاه، بان امير المؤمنين قد ولاه العهد، وجعل اليه ما كان الموفق يليه من الأمر والنهى والولاية والعزل وفيها قبض على جراده، كاتب ابى الصقر لخمس خلون من شهر ربيع الاول، وكان الموفق وجهه الى رافع بن هرثمة، فقدم مدينه السلام قبل ان يقبض عليه بايام.
وفيها انصرف ابو طلحه منصور بن مسلم من شهرزور لست بقين من جمادى الاولى- وكانت ضمت اليه- فقبض عليه وعلى كاتبه عقامه، وأودعا السجن، وذلك لاربع بقين من جمادى الاولى.

ذكر خبر الفتنة بطرسوس
وفيها كانت الملحمه بطرسوس بين محمد بن موسى ومكنون غلام راغب مولى الموفق، في يوم السبت لتسع بقين من جمادى الاولى، وكان سبب ذلك- فيما ذكر- ان طغج بن جف، لقى راغبا بحلب، فاعلمه ان خمارويه بن احمد يحب لقاءه، ووعده عنه بما يحب، فخرج راغب من حلب ماضيا الى مصر في خمسه غلمان له، وانفذ خادمه مكنونا مع الجيش الذى كان معه وأمواله وسلاحه الى طرسوس فكتب طغج الى محمد بن موسى الاعرج يعلمه انه قد انفذ راغبا، وان كل ما معه من مال وسلاح وغلمان مع غلامه مكنون، وقد صار الى طرسوس، وانه ينبغى له ان يقبض عليه ساعه يدخل وعلى ما معه فلما دخل مكنون طرسوس وثب به الاعرج، فقبض عليه ووكل بما معه، فوثب اهل طرسوس على الاعرج، فحالوا بينه وبين مكنون، وقبضوا على الاعرج فحبسوه في يد مكنون، وعلموا ان الحيله قد وقعت براغب، فكتبوا الى خمارويه بن احمد يعلمونه بما فعل الاعرج، وانهم قد وكلوا به، وقالوا: اطلق راغبا لينفذ إلينا حتى نطلق الاعرج، فاطلق خمارويه راغبا، وانفذه الى طرسوس، وانفذ معه احمد بن طغان واليا على الثغور، وعزل عنهم الاعرج، فلما وصل راغب الى طرسوس اطلق محمد بن موسى الاعرج، ودخل طرسوس احمد بن طغان واليا عليها وعلى الثغور ومعه راغب، يوم الثلاثاء لثلاث عشره خلت من شعبان.

خبر وفاه المعتمد
وفيها توفى المعتمد ليله الاثنين لإحدى عشره ليله بقيت من رجب، وكان شرب على الشط في الحسنى يوم الأحد شرابا كثيرا، وتعشى فاكثر، فمات ليلا، فكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنه وسته ايام- فيما ذكر.

خلافه المعتضد
وفي صبيحة هذه الليلة بويع لأبي العباس المعتضد بالله بالخلافة، فولى غلامه بدرا الشرطه وعبيد الله بن سليمان بن وهب الوزارة ومحمد بن الشاد بن ميكال الحرس، وحجبه الخاصة والعامه صالحا المعروف بالأمين، فاستخلف صالح خفيفا السمرقندي.
ولليلتين خلتا من شعبان فيها قدم على المعتضد رسول عمرو بن الليث الصفار بهدايا، وسال ولايه خراسان، فوجه المعتضد عيسى النوشرى مع الرسول، ومعه خلع ولواء عقده له على خراسان، فوصلوا اليه في شهر رمضان من هذه السنه، وخلع عليه، ونصب اللواء في صحن داره ثلاثة ايام.

[أخبار متفرقة]
وفيها ورد الخبر بموت نصر بن احمد، وقام بما كان اليه من العمل وراء نهر بلخ اخوه اسماعيل بن احمد.
وفيها قدم الحسين بن عبد الله المعروف بابن الجصاص من مصر رسولا لخمارويه بن احمد بن طولون، ومعه هدايا من العين، عشرون حملا على بغال وعشره من الخدم وصندوقان فيهما طراز وعشرون رجلا على عشرين نجيبا، بسروج محلاه بحليه فضه كثيره، ومعهم حراب فضه، وعليهم أقبية الديباج والمناطق المحلاه وسبع عشره دابه، بسروج ولجم، منها خمسه بذهب والباقى بفضة، وسبع وثلاثون دابه بجلال مشهره، وخمسه ابغل بسروج ولجم وزرافه، يوم الاثنين لثلاث خلون من شوال، فوصل الى المعتضد، فخلع عليه وعلى سبعه نفر معه وسفر ابن الجصاص في تزويج ابنه خمارويه من على بن المعتضد، فقال المعتضد: انا أتزوجها، فتزوجها.
وفيها ورد الخبر بأخذ احمد بن عيسى بن الشيخ قلعه ماردين من محمد بن إسحاق بن كنداج.
وفيها مات ابراهيم بن محمد بن المدبر، وكان يلى ديوان الضياع، فولى مكانه محمد بن عبد الحميد، وكان موته يوم الأربعاء لثلاث او اربع عشره بقيت من شوال.
وفيها عقد لراشد مولى الموفق على الدينور، وخلع عليه يوم السبت لسبع بقين من شوال، ثم خرج راشد الى عمله يوم الخميس لعشر خلون من ذي القعده.
وفي يوم النحر منها ركب المعتضد الى المصلى الذى اتخذه بالقرب من الحسنى، وركب معه القواد والجيش فصلى بالناس، فذكر عنه انه كبر في الركعة الاولى ست تكبيرات، وفي الركعة الثانيه تكبيره واحده، ثم صعد المنبر، فلم تسمع خطبته، وعطل المصلى العتيق فلم يصل فيه.
وفيها كتب إلى أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف بمحاربه رافع بن هرثمة ورافع بالري، فزحف اليه احمد، فالتقوا يوم الخميس لسبع بقين من ذي القعده، فانهزم رافع بن هرثمة، وخرج عن الري، ودخلها ابن عبد العزيز.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن محمد الهاشمى، وهي آخر حجه حجها، وحج بالناس ست عشره سنه، من سنه اربع وستين الى هذه السنه.