207 هـ
822 م
سنة سبع ومائتين (ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث)

ذكر خروج عبد الرحمن بن احمد العلوي باليمن، فمن ذلك خروج عبد الرحمن بْن أحمد بْن عبد الله بْن محمد بْن عمر بن على بن ابى طالب …

ببلاد عك من اليمن يدعو إلى الرضى من آل محمد صلى الله عليه وسلم.

ذكر الخبر عن سبب خروجه:
وكان السبب في خروجه أن العمال باليمن أساءوا السيرة، فبايعوا عبد الرحمن هذا، فلما بلغ ذلك المأمون وجه إليه دينار بْن عبد الله في عسكر كثيف، وكتب معه بأمانه، فحضر دينار بْن عبد الله الموسم وحج، فلما فرغ من حجه سار إلى اليمن حتى أتى عبد الرحمن، فبعث إليه بأمانه من المأمون، فقبل ذلك، ودخل ووضع يده في يد دينار، فخرج به إلى المأمون، فمنع المأمون عند ذلك الطالبين من الدخول عليه، وأمر بأخذهم بلبس السواد، وذلك يوم الخميس لليلة بقيت من ذي القعده

ذكر الخبر عن وفاه طاهر بن الحسين
وفي هذه السنة كانت وفاة طاهر بْن الحسين.

ذكر الخبر عن وفاته:
ذكر عن مطهر بْن طاهر، أن وفاة ذي اليمينين كانت من حمى وحرارة أصابته، وأنه وجد في فراشه ميتا وذكر أن عميه علي بْن مصعب وأخاه أحمد بْن مصعب، صارا إليه يعودانه، فسألا الخادم عن خبره- وكان يغلس بصلاة الصبح- فقال الخادم هو نائم لم ينتبه، فانتظراه ساعة، فلما انبسط الفجر، وتأخر عن الحركة في الوقت الذي كان يقوم فيه للصلاة، أنكرا ذلك، وقالا للخادم:
أيقظه، فقال الخادم: لست أجسر على ذلك، فقالا له: اطرق لنا لندخل إليه، فدخلا فوجداه ملتفا في دواج، قد أدخله تحته، وشده عليه من عند رأسه ورجليه، فحركاه فلم يتحرك، فكشفا عن وجهه فوجداه قد مات.
ولم يعلما الوقت الذي توفي فيه، ولا وقف أحد من خدمه على وقت وفاته، وسألا الخادم عن خبره وعن آخر ما وقف عليه منه، فذكر أنه صلى المغرب والعشاء الآخرة، ثم التف في دواجه قَالَ الخادم: فسمعته يقول بالفارسية كلاما وهو در مرك ينز مردى ويذ، تفسيره أنه يحتاج في الموت أيضا إلى الرجلة.
وذكر عن كلثوم بْن ثابت بْن أبي سعد – وكان يكنى أبا سعدة – قَالَ: كنت على بريد خراسان، ومجلسي يوم الجمعة في أصل المنبر، فلما كان في سنة سبع ومائتين، بعد ولاية طاهر بْن الحسين بسنتين، حضرت الجمعة، فصعد طاهر المنبر، فخطب، فلما بلغ إلى ذكر الخليفة أمسك عن الدعاء له، فقال: اللهم أصلح أمة محمد بما اصلحت به أولياءك، واكفها مئونة من بغى فيها، وحشد عليها، بلم الشعث، وحقن الدماء، وإصلاح ذات البين قَالَ: فقلت في نفسي: أنا أول مقتول، لأني لا أكتم الخبر، فانصرفت واغتسلت بغسل الموتى، وائتزرت بإزار الموتى، ولبست قميصا، وارتديت رداء، وطرحت السواد، وكتبت إلى المأمون قَالَ: فلما صلى العصر دعاني، وحدث به حادث في جفن عينه وفي مأقه، فخر ميتا قَالَ: فخرج طلحه ابن طاهر، فقال: ردوه ردوه- وقد خرجت- فردوني، فقال: هل كتبت بما كان؟ قلت: نعم، قَالَ: فاكتب بوفاته، وأعطاني خمسمائة ألف ومائتي ثوب، فكتبت بوفاته وبقيام طلحة بالجيش.
قَالَ: فوردت الخريطة على المأمون بخلعه غدوة، فدعا ابن أبي خالد فقال له: اشخص: فأت به – كما زعمت، وضمنت – قَالَ: أبيت ليلتي، قَالَ: لا لعمري لا تبيت إلا على ظهر فلم يزل يناشده حتى أذن له في المبيت قَالَ: ووافت الخريطة بموته ليلا، فدعاه فقال: قد مات، فمن ترى؟ قَالَ: ابنه طلحة، قَالَ: الصواب ما قلت، فاكتب بتوليته فكتب بذلك، وأقام طلحة واليا على خراسان في أيام المأمون سبع سنين بعد موت طاهر، ثم توفي، وولي عبد الله خراسان – وكان يتولى حرب بابك- فأقام بالدينور، ووجه الجيوش، ووردت وفاة طلحة على المأمون، فبعث إلى عبد الله يحيى بْن أكثم يعزيه عن أخيه ويهنئه بولاية خراسان، وولى علي بْن هشام حرب بابك.
وذكر عن العباس أنه قَالَ: شهدت مجلسا للمأمون، وقد أتاه نعي الطاهر، فقال: لليدين وللفم! الحمد لله الذي قدمه وأخرنا.
وقد ذكر في أمر ولاية طلحة خراسان بعد أبيه طاهر غير هذا القول، والذي قيل من ذلك، أن طاهرا لما مات- وكان موته في جمادى الأولى- وثب الجند، فانتهبوا بعض خزائنه، فقام بأمرهم سلام الأبرش الخصي، فأمر فأعطوا رزق ستة أشهر فصير المأمون عمله إلى طلحة خليفة لعبد الله بْن طاهر، وذلك أن المأمون ولى عبد الله في قول هؤلاء بعد موت طاهر عمل طاهر كله- وكان مقيما بالرقة على حرب نصر بْن شبث- وجمع له مع ذلك الشام، وبعث إليه بعهده على خراسان وعمل أبيه، فوجه عبد الله أخاه طلحة بخراسان، واستخلف بمدينة السلام إسحاق بْن إبراهيم، وكاتب المأمون طلحة باسمه، فوجه المأمون أحمد بْن أبي خالد إلى خراسان للقيام بأمر طلحة، فشخص أحمد إلى ما وراء النهر، فافتتح أشروسنة، وأسر كاوس بْن خاراخره وابنه الفضل، وبعث بهما إلى المأمون، ووهب طلحة لابن أبي خالد ثلاثة آلاف ألف درهم وعروضا بألفي ألف، ووهب لإبراهيم بْن العباس كاتب احمد بن ابى خالد خمسمائة الف درهم وفي هذه السنه غلا السعر ببغداد والبصرة والكوفة حتى بلغ سعر القفيز من الحنطة بالهارونى اربعين درهما الى الخمسين بالقفيز الملجم.
وفي هذه السنة ولي موسى بْن حفص طبرستان والرويان ودنباوند.
وحج بالناس في هذه السنه ابو عيسى بن الرشيد.