107 هـ
725 م
سنة سبع ومائة (ذكر الخبر عما فيها من أحداث)

فمن ذلك ما كان من خروج عباد الرعيني باليمن محكما، فقتله يوسف ابن عمر، وقتل معه اصحابه كلهم وكانوا ثلاثمائه وفيها غزا الصائفة معاوية …

بْن هشام، وعلى جيش الشام ميمون بْن مهران، فقطع البحر حتى عبر إلى قبرس، وخرج معهم البعث الذى هشام كان أمر به في حجته سنة ست، فقدموا في سنة سبع على الجعائل، غزا منهم نصفهم وقام النصف وغزا البر مسلمة بْن عبد الملك وفيها وقع بالشام طاعون شديد.
وفيها وجه بكير بْن ماهان أبا عكرمة وأبا محمد الصادق ومحمد بْن خنيس وعمار العبادي في عدة من شيعتهم، معهم زياد خال الوليد الأزرق دعاة إلى خراسان، فجاء رجل من كندة إلى أسد بْن عبد الله، فوشى بهم إليه، فأتى بأبي عكرمة ومحمد بْن خنيس وعامة أصحابه، ونجا عمار، فقطع أسد أيدي من ظفر به منهم وأرجلهم، وصلبهم فأقبل عمار إلى بكير بْن ماهان، فأخبره الخبر، فكتب به إلى محمد بْن علي، فأجابه: الحمد لله الذي صدق مقالتكم ودعوتكم، وقد بقيت منكم قتلى ستقتل.
وفي هذه السنة حمل مسلم بْن سعيد إلى خالد بن عبد الله، وكان اسد ابن عبد الله له مكرما بخراسان لم يعرض له ولم يحبسه، فقدم مسلم وابن هبيرة مجمع على الهرب، فنهاه عن ذلك مسلم، وقال له: إن القوم فينا أحسن رأيا منكم فيهم وفي هذه السنة غزا أسد جبال نمرون ملك الغرشستان مما يلي جبال الطالقان، فصالحه نمرون وأسلم على يديه، فهم اليوم يتولون اليمن.

غزو الغور
وفيها غزا أسد الغور وهي جبال هراة

ذكر الخبر عن غزوة أسد هذه الغزوة:
ذكر علي بن محمد عن أشياخه، أن أسدا غزا الغور، فعمد أهلها إلى أثقالهم فصيروها في كهف ليس إليه طريق، فأمر أسد باتخاذ توابيت ووضع فيها الرجال، ودلاها بالسلاسل، فاستخرجوا ما قدروا عليه، فقال ثابت قطنة:

أرى أسدا تضمن مفظعات *** تهيبها الملوك ذوو الحجاب
سما بالخيل في أكناف مرو *** وتوفزهن بين هلا وهاب
إلى غورين حيث حوى أزب *** وصك بالسيوف وبالحراب
هدانا الله بالقتلى تراها .*** مصلبة بأفواه الشعاب
ملاحم لم تدع لسراة كلب ***  مهاترة ولا لبني كلاب
فأوردها النهاب وآب منها *** بأفضل ما يصاب من النهاب
وكان إذا أناخ بدار قوم *** أراها المخزيات من العذاب
ألم يزر الجبال جبال ملع *** ترى من دونها قطع السحاب
بأرعن لم يدع لهم شريدا *** وعاقبها الممض من العقاب

وملع من جبال خوط فيها تعمل الحزم الملعية.

[أخبار متفرقة]
وفي هذه السنة نقل أسد من كان بالبروقان من الجند إلى بلخ، فأقطع كل من كان له بالبروقان مسكن مسكنا بقدر مسكنه، ومن لم يكن له مسكن أقطعه مسكنا، وأراد أن ينزلهم على الأخماس، فقيل له: إنهم يتعصبون، فخلط بينهم، وكان قسم لعمارة مدينة بلخ الفعلة على كل كورة على قدر خراجها، وولى بناء مدينة بلخ برمك أبا خالد بْن برمك، – وكان البروقان منزل الأمراء وبين البروقان وبين بلخ فرسخان وبين المدينة والنوبهار قدر غلوتين- فقال أبو البريد في بنيان أسد مدينة بلخ:

شعفت فؤادك فالهوى لك شاعف *** رئم على طفل بحومل عاطف
 إن المباركة التي أحصنتها *** عصم الذليل بها وقر الخائف
فأراك فيها ما رأى من صالح ***فتحا وأبواب السماء رواعف
فمضى لك الاسم الذي يرضى به *** عنك البصير بما نويت اللاطف
يا خير ملك ساس أمر رعية *** إني على صدق اليمين لحالف
الله آمنها بصنعك بعد ما *** كانت قلوب خوفهن رواجف

وحج بالناس في هذه السنة إبراهيم بْن هشام، حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَحْمَد بْن ثَابِت، عمن ذكره، عن إسحاق بْن عيسى، عن أبي معشر وكذلك قال الواقدي وهشام وغيرهما.
وكانت عمال الأمصار فِي هَذِهِ السنة عمالها الذين ذكرناهم قبل في سنة ست ومائة.