167 هـ
783 م
سنة سبع وستين ومائة (ذكر الأحداث الَّتِي كَانَتْ فِيهَا)

فمن ذَلِكَ مَا كان من توجيه المهدي ابنه موسى في جمع كثيف من الجند، وجهاز لم يجهز- فيما ذكر- أحد بمثله، إلى جرجان لحرب ونداهرمز …

وشروين صاحبي طبرستان، وجعل المهدي حين جهز موسى إليها أبان بْن صدقة على رسائله، ومحمد بْن جميل على جنده، ونفيعا مولى المنصور على حجابته، وعلي بْن عيسى بْن ماهان على حرسه، وعبد الله بْن خازم على شرطه، فوجه موسى الجنود إلى وانداهرمز وشروين، وأمر عليهم يزيد بْن مزيد، فحاصرهما.
وفيها توفى عيسى بن موسى بالكوفه، وولى الكوفة يومئذ روح بْن حاتم، فأشهد روح بْن حاتم على وفاته القاضي وجماعة من الوجوه، ثم دفن وقيل إن عيسى بْن موسى توفي وروح على الكوفة، لثلاث بقين من ذي الحجة، فحضر روح جنازته، فقيل له: تقدم فأنت الأمير، فقال: ما كان الله ليرى روحا يصلي على عيسى بْن موسى، فليتقدم أكبر ولده، فأبوا عليه وأبى عليهم، فتقدم العباس بْن عيسى، فصلى على أبيه وبلغ ذلك المهدي، فغضب على روح، وكتب إليه:
قد بلغني ما كان من نكوصك عن الصلاة على عيسى، أبنفسك، أم بأبيك، أم بجدك كنت تصلي عليه! أو ليس إنما ذلك مقامي لو حضرت.
فإذ غبت كنت أنت أولى به لموضعك من السلطان! وامر بمحاسبته، وكان يلي الخراج مع الصلاة والأحداث.
وتوفي عيسى والمهدي واجد عليه وعلى ولده، وكان يكره التقدم عليه لجلالته.
وفيها جد المهدي في طلب الزنادقة والبحث عنهم في الآفاق وقتلهم، وولى أمرهم عمر الكلواذي، فأخذ يزيد بْن الفيض كاتب المنصور، فأقر- فيما ذكر- فحبس، فهرب من الحبس، فلم يقدر عليه.
وفيها عزل المهدي أبا عبيد الله معاوية بْن عبيد الله عن ديوان الرسائل، وولاه الربيع الحاجب، فاستخلف عليه سعيد بْن واقد، وكان أبو عبيد الله يدخل على مرتبته.
وفيها فشا الموت، وسعال شديد ووباء شديد ببغداد والبصرة.
وفيها توفي أبان بْن صدقة بجرجان، وهو كاتب موسى على رسائله، فوجه المهدي مكانه أبا خالد الأحول يزيد خليفة أبي عبيد الله.
وفيها أمر المهدي بالزيادة في المسجد الحرام، فدخلت فيه دور كثيرة.
وولى بناء ما زيد فيه يقطين بْن موسى، فكان في بنائه إلى أن توفي المهدي.
وفيها عزل يحيى الحرشي عن طبرستان والرويان، وما كان إليه من تلك الناحية، ووليها عمر بْن العلاء، وولي جرجان فراشة مولى المهدي، وعزل عنها يحيى الحرشي.
وفيها أظلمت الدنيا لليال بقين من ذي الحجة، حتى تعالى النهار ولم يكن فيها صائفة، للهدنة التي كانت بين المسلمين والروم.
وحج بالناس في هذه السنة إبراهيم بْن يحيى بْن محمد وهو على المدينة، ثم توفي بعد فراغه من الحج وقدومه المدينة بأيام، وولي مكانه إسحاق بْن عيسى ابن على.
وفيها طعن عقبه بن سلم الهنائى بعيساباذ، وهو في دار عمر بن بزيع، اغتاله رجل، فطعنه بخنجر، فمات فيها.
وكان العامل على مكة والطائف فيها عبيد الله بْن قثم، وعلى اليمن سليمان بْن يزيد الحارثي، وعلى اليمامة عبد الله بْن مصعب الزبيري، وعلى صلاة الكوفة وأحداثها روح بْن حاتم، وعلى صلاة البصرة وأحداثها محمد بْن سليمان، وعلى قضائها عمر بْن عثمان التيمي، وعلى كور دجلة وكسكر وأعمال البصرة والبحرين وعمان وكور الأهواز وفارس وكرمان المعلى مولى المهدي.
وعلى خراسان وسجستان الفضل بْن سليمان الطوسي.
وعلى مصر موسى بْن مصعب وعلى إفريقية يزيد بْن حاتم.
وعلى طبرستان والرويان عمر بْن العلاء، وعلى جرجان ودنباوند وقومس فراشة مولى المهدي، وعلى الري سعد مولى أمير المؤمنين.