53 هـ
672 م
سنة ثلاث وخمسين

فيها مات زياد بن أبي سفيان بالكوفة واستخلف على البصرة سمرة بن جندب، على الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد، …

فعزل معاوية عبد الله بن خالد وولاها الضحاك بن قيس الفهري وعزل عبيد الله بن أبي بكرة عن سجستان وولاها عباد بن زياد، فغزا عباد القندهار حتى بلغ بيت الذهب، وجمع له الهند جمعا فقاتلهم، فهزم الله الهند، ولم يزل على سجستان حتى مات معاوية.
وفيها شتا عبد الرحمن بن أم الحكم بأرض الروم.
وفيها ولى معاوية عبيد الله بن زياد خراسان.
وفيها ولد يزيد بن المهلب، مات زياد وهو ابن ثلاث وخمسين، ويقال: فيها مات عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق.
وفي في إمارة زياد على العراق كان أمر قريب وزحاف، وهما ابنا خالة.

حدثنا وهب بن جرير قال: حدثني أبي عن جرير بن زيد قال: خرج قريب وزحاف في إمارة زياد في سبعين رجلا، وذلك في شهر رمضان، فأتوا بني ضبيعة وهم في مسجدهم، فلقوا رجلا منهم يقال له: رؤبة بن المخبل فقتلوه.
قال وهب: قال أبي: فحدثني الزبير بن الخريت عن أبي لبيدأن رؤبة بن المخبل قال في العشية التي قتل في ليلتها في شئ حدث به: إن كنت صادقا فرزقني الله الشهادة قبل أن أرجع إلى بيتي، فلقوه تلك الليلة قبل أن يصل إلى منزله فقتلوه، ثم أتوا مسجد بني قطيعة.
قال وهب: وحدثني أبي عن قطن الأزرق عن شيخ منهم قال: ما شعرنا و إنا لقيام في المسجد حتى أخذوا بأبواب المسجد وحكموا، ومالوا على أهل المسجد يقتلونهم، فوثب القوم الجدر وسعوا إلى الأبواب، وصعد رجل المنارة فجعل ينادي: يا خيل الله اركبي، فصعدوا إليه فقتلوه حتى إذا لم يبق في المسجد إلا قتيل، وهرب من هرب، خرجوا يحكمون في السكة، وخرج رجل من بني قطيعة من باب داره فوافق القوم حتى انتهوا إلى باب، فضربه رجل بالسيف حين أخرج رأسه فقد لحيه فرجع وأغلق الباب، وكان عروسا قبل ذلك حديثا، فقامت إليه امرأته فشدته بخمار لها مصبوغ ببقم فالتأم وبرا.
قال قطن: فأدركته وفي فيه الضجم.

قال: وحدثني ذلك الرجل حديثهم أيضا قال: ومضوا وأقبل رجل من الحي في يده السيف نحوهم، فناداه بعض من أشرف عليه من ظهر البيوت: يا فلان اتق الحرورية، فقال رجل منهم: لسنا الحرورية ولكنا الحرس، فأمن الرجل فقام حتى انتهوا إليه فقتلوه، ومضوا حتى دخلوا مسجد المعاول فقتلوا من فيه ثم مضوا حتى خرجوا إلى رحبة بني علي.
حدثنا وهب قال: حدثني أبي قال: نا جرير بن يزيد أنهم انتهوا إلى رحبة بني علي، فخرج عليهم بنو علي، وكانوا رماة فرموهم بالنبل حتى صرعوهم أجمعين.
قال: فلما أصبحنا غدونا ونحن شباب فإذا هم قد صلبوا عن حفرة السعدين.
قال: فجاءت جارية معها قصعة فيها دراهم فنظرت إليهم فقالت: {سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ} [الرعد: 24]، فأخذت فصلبت معهم.
قال: فكأني أنظر إليها ومعها الدراهم ما يعرض لها أحد.
قال: وكان قريب وزحاف ابني خالة.

حدثنا وهب قال: حد ثني غسان بن مضر قال: حدثني سعيد بن يزيد
قال: خرج قريب وزحاف وزياد بالكوفة وسمرة بالبصرة، قال: فخرجوا ليلة فنزلوا مقبرة بني يشكر، وكانا واعدا خوارج المضرية أن يجتمعوا جميعا في مقبرة بني يشكر، فلم توافهم خوارج مضر فقال بعضهم لبعض: لو تفرقنا.
فقالوا: قد عرف كل رجل منكم من أين خرج، وتتبعون في منازلكم فتقتلون، وذلك في شهر رمضان وهم سبعون رجلا، فأقبلوا فمروا ببني ضبيعة، فأتوا على شيخ منهم يقال له: حبكان، فقال حين رآهم: مرحبا بأبي الشعثاء، وهو يحسب أنه ابن حصن وكان على الشرط فقتلوه.
قال: وتفرقوا في مساجد الأزد وانطلقت فرقة منهم إلى بني علي، وأتت فرقة منهم مسجد المعاول، فخرج عليهم سيف بن وهب بالترس والرمح في أصحاب له، فكان يطعن الرجل الطعنة فيشيله من الأرض فقتل من أتاه، وخرج على قريب و زحاف شباب من بني علي وشباب من بني راسب بالنبل، قال قريب: هل في القوم فلان ؟ يعني عبد الله بن أوس الطاحي وهو عم طوق وأوس كان يناضله قبل ذلك قالوا: نعم، قال: فهلم إلى البراز فقتله عبد الله بن أوس، وجاء برأسه.
قال: وأقبل زياد من الكوفة ومسعود بن عمرو معه، فقال له زياد وجعل يؤنبه: فعلتم وفعلتم ؟ فقال مسعود: هذا باطل.
فقال زياد: أكذب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟.
ثم قال: يا معشر طاحية لو لا أنكم قد أصبتم في القوم لبعثت بكم إلى السجن.
قال: فادعى بنو علي قتلهم، وادعى بنو راسب قتلهم.
قالوا: فالحكم بيننا وبينهم النبل، فوجدوا نبل بني علي في القتلى أكثر.
قال سعيد بن يزيد: وكان قريب وزحاف أول من خرج بعد أهل النهروان من الحرورية.
قال: وكان قريب من بني إياد، وزحاف من بني طئ، وهما ابنا خالة.
قال وهب: وسمعت غسان بن مضر يقول: سمعت سعيد بن يزيد يقول: قال أبو بلال: قريب لا قربه الله وأيم الله لئن أقع من السماء إلى الأرض أحب أن أصنع كما صنع.
يعني الاستعراض.
قال وهب: قال أبي: اشتد ز ياد في أمر الحرورية بعد قريب وزحاف فقتلهم، وأمر سمرة بقتلهم، فقتل منهم بشرا كثيرا.
قال أبو عبيدة: زحاف طائي وقريب إيادي من إياد بني سود خرجوا، فقتلوا رؤبة بن المخبل، ثم قتلوا جابر بن كعب الجديدي، وضربوا بكير بن وائل الطاحي على ذراعه فاتقى.
قال أبو عبيدة: فركب زياد فلحقه شقيق بن ثور وحجار بن أبجر وعباد بن حصين الحبطي، فجرحوا شقيقا في جبهته، وصرعوا حجار بن أبجر، فاستنقذه شقيق، فزعموا أن زيادا قال لبني علي: لا عطية لكم عندي إن نجوا، فقاتلهم المقاتلة ورمتهم الذراري من فوق البيوت حتى قتلوا.
و وأقام الحج سعيد بن العاصي.