139 هـ
756 م
سنة تسع وثلاثين ومائة (ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث)

فمن ذلك ما كان من إقامة صالح بْن علي والعباس بْن محمد بملطية، حتى استتما بناء ملطية ثم غزوا الصائفة من درب الحديث، فوغلا في …

أرض الروم- وغزا مع صالح أختاه: أم عيسى ولبابة ابنتا علي، وكانتا نذرتا إن زال ملك بني أمية أن تجاهدا في سبيل الله.
وغزا من درب ملطية جعفر بْن حنظلة البهراني وفي هذه السنة كان الفداء الذي جرى بين المنصور وصاحب الروم، فاستنقذ المنصور منهم أسراء المسلمين، ولم يكن بعد ذلك- فيما قيل- للمسلمين صائفة إلى سنة ست وأربعين ومائة، لاشتغال أبي جعفر بأمر ابني عبد الله بْن الحسن، إلا أن بعضهم ذكر أن الحسن بْن قحطبة غزا الصائفة مع عبد الوهاب بْن إبراهيم الإمام في سنه اربعين وأقبل قسطنطين صاحب الروم في مائة ألف، فنزل جيحان، فبلغه كثرة المسلمين فأحجم عنهم، ثم لم يكن بعدها صائفة إلى سنة ست وأربعين ومائة وفي هذه السنة سار عبد الرحمن بْن معاوية بْن هشام بْن عبد الملك بْن مروان إلى الأندلس، فملكه أهلها أمرهم، فولده ولاتها إلى اليوم.
وفيها وسع أبو جعفر المسجد الحرام، وقيل إنها كانت سنة خصبة فسميت سنة الخصب.
وفيها عزل سليمان بْن علي عن ولاية البصرة، وعما كان إليه من أعمالها.
وقد قيل إنه عزل عن ذلك في سنة أربعين ومائة.
وفيها ولي المنصور ما كان إلى سليمان بْن علي من عمل البصرة سفيان بْن معاوية، وذلك- فيما قيل- يوم الأربعاء للنصف من شهر رمضان، فلما عزل سليمان وولى سفيان توارى عبد الله بْن علي وأصحابه خوفا على أنفسهم، فبلغ ذلك أبا جعفر، فبعث إلى سليمان وعيسى ابني علي، وكتب إليهما في أشخاص عبد الله بْن علي، وعزم عليهما أن يفعلا ذلك ولا يؤخراه، وأعطاهما من الأمان لعبد الله بْن علي ما رضياه له ووثقا به، وكتب إلى سفيان بْن معاوية يعلمه ذلك، ويأمره بإزعاجهما واستحثاثهما بالخروج بعبد الله ومن معه من خاصته، فخرج سليمان وعيسى بعبد الله وبعامة قواده وخواص أصحابه ومواليه، حتى قدموا على أبي جعفر، يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة.

ذكر خبر حبس عبد الله بن على
وفيها أمر أبو جعفر بحبس عبد الله بْن علي وبحبس من كان معه من أصحابه وبقتل بعضهم.

ذكر الخبر عن ذلك:
ولما قدم سليمان وعيسى ابنا علي على أبي جعفر أذن لهما، فدخلا عليه، فأعلماه حضور عبد الله بْن علي، وسألاه الإذن له فأنعم لهما بذلك، وشغلهما بالحديث، وقد كان هيأ لعبد الله بْن علي محبسا في قصره، وامر به ان ينصرف اليه بعد دخول عيسى وسليمان عليه، ففعل ذلك به، ونهض أبو جعفر من مجلسه، فقال لسليمان وعيسى: سارعا بعبد الله، فلما خرجا افتقدا عبد الله من المجلس الذي كان فيه، فعلما أنه قد حبس، فانصرفا راجعين إلى أبي جعفر، فحيل بينهما وبين الوصول إليه، وأخذت عند ذلك سيوف من حضر من أصحاب عبد الله بْن علي من عواتقهم وحبسوا.
وقد كان خفاف بْن منصور حذرهم ذلك وندم على مجيئه، وقال لهم: إن أنتم أطعتموني شددنا شدة واحده على ابى جعفر، فو الله لا يحول بيننا وبينه حائل حتى نأتي على نفسه، ونشد على هذه الأبواب مصلتين سيوفنا، ولا يعرض لنا عارض إلا أفتنا نفسه حتى نخرج وننجو بأنفسنا، فعصوه فلما أخذت السيوف وأمر بحبسهم جعل خفاف يضرط في لحيته، ويتفل في وجوه أصحابه ثم أمر أبو جعفر بقتل بعضهم بحضرته، وبعث بالبقية إلى أبي داود خالد بْن إبراهيم بخراسان فقتلهم بها.
وقد قيل إن حبس أبي جعفر عبد الله بن على كان في سنة أربعين ومائة.
وحج بالناس في هذه السنة العباس بْن محمد بْن عَلِيّ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عباس وكان على مكة والمدينة والطائف زياد بْن عبيد الله الحارثي، وعلى الكوفة وأرضها عيسى بْن موسى، وعلى البصرة وأعمالها سفيان بْن معاوية، وعلى قضائها سوار بْن عبد الله، وعلى خراسان ابو داود خالد بن ابراهيم.