142 هـ
759 م
سنة اثنتين وأربعين ومائة (ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث)

ذكر خلع عيينة بْن موسى بْن كعب بالسند
فمما كان فيها خلع عيينة بْن موسى بْن كعب بالسند …

ذكر الخبر عن سبب خلعه:
ذكر أن سبب خلعه، كان أن المسيب بْن زهير كان خليفة موسى بْن كعب على الشرط، فلما مات موسى أقام المسيب على ما كان يلي من الشرط، وخاف المسيب أن يكتب المنصور إلى عيينة في القدوم عليه فيوليه مكانه، وكتب إليه ببيت شعر ولم ينسب الكتاب إلى نفسه:
فأرضك أرضك ان تأتنا فنم نومة ليس فيها حلم
وخرج أبو جعفر لما أتاه الخبر عن عيينة بخلعه حتى نزل بعسكره من البصرة عند جسرها الأكبر، ووجه عمر بْن حفص بْن أبي صفرة العتكي عاملا على السند والهند، محاربا لعيينة بْن موسى، فسار حتى ورد السند والهند، وغلب عليها

ذكر خبر نكث اصبهبذ طبرستان العهد
وفي هذه السنة نقض إصبهبذ طبرستان العهد بينه وبين المسلمين، وقتل من كان ببلاده من المسلمين.
ذكر الخبر عن أمره وأمر المسلمين: ذكر أن أبا جعفر لما انتهى إليه خبر الأصبهبذ وما فعل بالمسلمين، وجه إليه خازم بْن خزيمة وروح بْن حاتم ومعهم مرزوق أبو الخصيب مولى أبي جعفر، فأقاموا على حصنه محاصرين له ولمن معه في حصنه، وهم يقاتلونهم حتى طال عليهم المقام، فاحتال أبو الخصيب في ذلك فقال لأصحابه:
اضربوني واحلقوا رأسي ولحيتي، ففعلوا ذلك به، ولحق بالأصبهبذ صاحب الحصن فقال له: إني ركب مني أمر عظيم، ضربت وحلق رأسي ولحيتي وقال له: إنما فعلوا ذلك بي تهمة منهم لي أن يكون هواي معك، وأخبره أنه معه، وأنه دليل له على عورة عسكرهم فقبل منه ذلك الأصبهبذ، وجعله في خاصته وألطفه، وكان باب مدينتهم من حجر يلقى إلقاء يرفعه الرجال، وتضعه عند فتحه وإغلاقه، وكان قد وكل به الأصبهبذ ثقات أصحابه، وجعل ذلك نوبا بينهم، فقال له أبو الخصيب: ما أراك وثقت بي، ولا قبلت نصيحتي! قَالَ: وكيف ظننت ذلك؟ قَالَ: لتركك الاستعانة بي فيما يعنيك، وتوكيلي فيما لا تثق به إلا بثقاتك، فجعل يستعين به بعد ذلك، فيرى منه ما يحب إلى أن وثق به، فجعله فيمن ينوب في فتح باب مدينته وإغلاقه، فتولى له ذلك حتى أنس به ثم كتب أبو الخصيب إلى روح بْن حاتم وخازم بْن خزيمة، وصير الكتاب في نشابة، ورماها إليهم، وأعلمهم أن قد ظفر بالحيلة، ووعدهم ليله، سماها لهم في فتح الباب فلما كان في تلك الليلة فتح لهم، فقتلوا من فيها من المقاتلة، وسبوا الذراري، وظفر بالبحترية وهي أم منصور بْن المهدي، وأمها باكند بنت الأصبهبذ الأصم- وليس بالأصبهبذ الملك، ذاك أخو باكند- وظفر بشكلة أم إبراهيم بْن المهدي، وهي بنت خونادان قهرمان المصمغان، فمص الأصبهبذ خاتما له فيه سم فقتل نفسه.
وقد قيل: إن دخول روح بْن حاتم وخازم بْن خزيمة طبرستان كان في سنة ثلاث وأربعين ومائة.
وفي هذه السنة بنى المنصور لأهل البصرة قبلتهم التي يصلون إليها في عيدهم بالحمان، وولى بناءه سلمة بْن سعيد بْن جابر، وهو يومئذ على الفرات والأبلة من قبل أبي جعفر، وصام أبو جعفر شهر رمضان وصلى بها يوم الفطر.
وفيها توفي سليمان بْن علي بْن عبد الله بالبصرة ليلة السبت لتسع بقين من جمادى الآخرة، وهو ابن تسع وخمسين سنة، وصلى عليه عبد الصمد ابن علي.
وفيها عزل عن مصر نوفل بْن الفرات، ووليها محمد بْن الأشعث، ثم عزل عنها محمد ووليها نوفل بْن الفرات، ثم عزل نوفل ووليها حميد ابن قحطبة.
وحج بالناس في هذه السنة إسماعيل بْن علي بْن عبد الله بْن العباس.
وكان العامل على المدينة محمد بْن خالد بْن عبد الله، وعلى مكة والطائف الهيثم بْن معاوية، وعلى الكوفة وأرضها عيسى بْن موسى، وعلى البصرة وأعمالها سفيان بْن معاوية، وعلى قضائها سوار بْن عبد الله، وعلى مصر حميد بْن قحطبة.
وفيها- في قول الواقدي- ولى أبو جعفر أخاه العباس بْن محمد الجزيرة والثغور وضم إليه عدة من القواد، فلم يزل بها حينا.