271 هـ
884 م
سنة إحدى وسبعين ومائتين (ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث الجليلة)

وأولها يوم الاثنين للتاسع والعشرين من حزيران، ولخمس وتسعين ومائة وألف من عهد ذي القرنين فمن ذلك ما كان فيها من ورود الخبر في غرة …

صفر بدخول محمد وعلي ابني الحسين بن جعفر بْن موسى بْن جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ المدينة وقتلهما جماعة من أهلها ومطالبتهما أهلها بمال، وأخذهما من قوم منهم مالا وأن أهل المدينة لم يصلوا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أربع جمع، لا جمعة ولا جماعة، فقال أبو العباس بن الفضل العلوي:

أخربت دار هجرة المصطفى البر *** فأبكى إخرابها المسلمينا
عين فابكي مقام جبريل والقبر *** فبكي والمنبر الميمونا
وعلى المسجد الذي أسه التقوى *** خلاء أضحى من العابدينا
وعلى طيبة التي بارك الله *** عليها بخاتم المرسلينا
قبح الله معشرا اخربوها *** وأطاعوا متبرئا ملعونا

وفيها ادخل على المعتمد من كان حصر بغداد من حاج خراسان، فأعلمهم أنه قد عزل عمرو بن الليث عما كان قلده، ولعنه بحضرتهم، وأخبرهم أنه قد قلد خراسان محمد بن طاهر، وكان ذلك لأربع بقين من شوال.
وأمر أيضا بلعن عمرو بن الليث على المنابر، فلعن.
ولثمان بقين من شعبان من هذه السنة شخص صاعد بن مخلد من معسكر أبي أحمد بواسط إلى فارس لحرب عمرو بن الليث.
ولعشر خلون من شهر رمضان منها عقد لأحمد بن محمد الطائي على المدينة وطريق مكة وفيها كانت بين أبي العباس بن الموفق وبين خمارويه بن أحمد بن طولون وقعة بالطواحين، فهزم أبو العباس خمارويه، فركب خمارويه حمارا هاربا منه إلى مصر، ووقع أصحاب أبي العباس في النهب ونزل أبو العباس مضرب خمارويه، ولا يرى أنه بقي له طالب، فخرج عليه كمين لخمارويه كان كمنه لهم خمارويه، وفيهم سعد الأعسر وجماعة من قواده وأصحابه، وأصحاب أبي العباس قد وضعوا السلاح ونزلوا فشد كمين خمارويه عليهم فانهزموا، وتفرق القوم، ومضى أبو العباس إلى طرسوس في نفر من أصحابه قليل، وذهب كل ما كان في العسكرين، عسكر أبي العباس وعسكر خمارويه من السلاح والكراع والأثاث والأموال، وانتهب ذلك كله، وكانت هذه الوقعة يوم السادس عشر من شوال من هذه السنة- فيما قيل.
وفيها وثب يوسف بن أبي الساج- وكان والي مكة- على غلام للطائي يقال له بدر، وخرج واليا على الحاج فقيده، فحارب ابن أبي الساج جماعة من الجند، وأغاثهم الحاج، حتى استنقذوا غلام الطائي، وأسروا ابن أبي الساج، فقيد وحمل إلى مدينة السلام، وكانت الحرب بينهم على أبواب المسجد الحرام.
وفيها خربت العامة الدير العتيق الذي وراء نهر عيسى، وانتهبوا كل ما كان فيه من متاع، وقلعوا الأبواب والخشب وغير ذلك، وهدموا بعض حيطانه وسقوفه، فصار إليهم الحسين بن إسماعيل صاحب شرطة بغداد من قبل محمد بن طاهر، فمنعهم من هدم ما بقي منه، وكان يتردد إليه أياما هو والعامة، حتى يكاد يكون بين أصحاب السلطان وبينهم قتال، ثم بنى ما كانت العامة هدمته بعد أيام، وكانت إعادة بنائه- فيما ذكر- بقوة عبدون بن مخلد، أخي صاعد بن مخلد.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن محمد بن إسحاق بن عيسى بن موسى العباسي.