131 هـ
748 م
سنة إحدى وثلاثين ومائة

فيها توجه قحطبة بن شبيب من جرجان بعد قتل نباتة، فبلغ ابن هبيرة فاحدر عامر بن ضبارة الى أصطخر، ووجه ابنه داود بن يزيد بن عمر …

بن هبيرة، فسار داود وعامر من أصطخر إلى أصبهان، وبعث ابن هبيرة مالك بن أدهم الباهلي في خيل عظيمة والمصعب بن صحصح الأسدي وغطيفا السلمي متساندين، فنزل بعضهم ماه وبعضهم همذان، فوجه قحطبة ابنه الحسن إلى تلك الجيوش، فبلغ مسير الحسن، فانضموا إلى نهاوند، ونزل بهم الحسن فحاصرهم.

فحدثني محمد بن معاوية عن بيهس أبي حبيب بن حبيب قال: توجه قحطبة فلقي عامر بن ضبارة وداود، فالتقوا بجابلق رستاق من أصبهان في رجب يوم السبت لسبع بقين من رجب سنة إحدى وثلاثين ومائة، فقتل عامر وانهزم داود فلحق بأبيه، ولحق قحطبة بمن معه حتى حصر أهل نهاوند مع ابنه الحسن بن قحطبة.

وفي هذه السنة وهي سنة إحدى وثلاثين ومائة: قتل عامر، وكتب نصر بن سيار إلى مروان وابن هبيرة يستمدهما، فلم يأته مدد حتى سار قحطبة، فانحاز نصر فنزل الري ومرض، ثم سار فمات بهمذان.

وحدثني عمرو بن عبيدة قال: حدثني قزعة مولى نصر بن سيار قال: مات نصر بسلوة من أرض الري فدفناه وأجرينا الماء على قبره.
قال قزعة: لما حضرته الوفاة دعا بنيه فقال: إياكم والمدن، ألحقوا بالشام فإن تكن لبني مروان مدةكنتم معهم، وإن كان غير ذلك أصابكم ما أصابهم، وأنشدني لنصر بن سيار حين أبطا المدد:

أرى خلل الرماد وميض جمر *** خليق أن يكون له ضرام
فإن النار بالزندين تورى *** وإن الفعل يقدمه الكلام
أقول من التعجب ليت شعري *** أأيقاظ أمية أم نيام

قال بيهس بن حبيب: كتب ابن هبيرة إلى مروان يخبره بقتل ابن ضبارة، فوجه إليه الحوثرة بن سهيل الباهلي من بني فراص في عشرة آلاف من قيس خاصة، واجتمعت الجيوش بنهاوند، وكتب ابن هبيرة بعهد مالك بن أدهم عليها.
قال بيهس: فحاصر قحطبة أهل نهاوند نحوا من أربعة أشهر.
قال عمرو بن عبيدة عن قزعة قال: حصرنا بها حتى أكلنا دوابنا وأصابنا جوع وجهد شديد.
قال بيهس: ثم صالح مالك بن أدهم قحطبة، وفتحت المدينة في شوال سنة إحدى وثلاثين ومائة، فقتل قحطبة أهل خراسان الذين هربوا مع نصر بن سيار وقال: إني لم أصالح على أهل خراسان إنما صالحت على أهل الشام، وادعى مالك أنه صالح على أهل خراسان وأهل الشام.
قال أبو الذيال: أمن أهل الشام غير رجلين، رجل من قريش يقال له: أبو البختري، ورجل من بني سليم يقال له: سفيان قتلهما صبرا.
قال قزعة: أقام قحطبة رجالا على أبواب المدينة فلم يدع أحدا له نباهة من أهل خراسان إلا قتله، وأخذ بني نصر بن سيار فقتلهم.
وقال أبو الحسن: افتتحها صلحا في غرة ذي القعدة، وقتل سعيد بن الحر ابن عبيد الله بن عمر بن الخطاب من أهل الجزيرة، وقتل حاتم بن الحارث بن شريح التميمي، وعاصم بن عمرو السمرقندي وكان يسمى هزارمرود، وعمارة بن سليم.

قال بيهس بن حبيب: لما فرغ قحطبة من نهاوند أقبل يريد ابن هبيرة، ونهض ابن هبيرة على مقدمته عبيد الله بن العباس الليثي حتى نزل براز الروز بين حلوان والمدائن.
قال بيهس: وانتهى إلينا حوثرة بن سهيل على نهر يقال له: بامرا، وانضم إلينا من كان من أصحاب عامر بن ضبارة ومن خرج من نهاوند فاجتمعا في ثلاث وخمسين ألفا ممن يرتزق، وسار الحسن بن قحطبة على مقدمة أبيه فنزل حلوان، وأتاه أبوه فاجتمع القوم جميعا، وتوجه ابن هبيرة فنزل جلولاء الوقيعة، ونزل قحطبة خانقين بين العسكرين أربعة فراسخ وذلك في آخر ذي القعدة سنة إحدى وثلاثين ومائة، فجعلت طلائعنا وطلائعهم تلتقي أياما لا نبرح ولا يبرحون.
وفيها كان الطاعون بالبصرة.

حدثني علي بن محمد قال: ابتدأ الطاعون في جمادى الآخرة، فكان يموت فيه الجميعة وكذلك رجب واشتد في شعبان، وكانت حمته وشدته في رمضان وشوال.
ثم سكن فكان كنحو ما بدأ حتى انقضت السنة، وفي الطاعون مات أيوب السختياني وعلي بن زيد بن جدعان.
وفي هذه السنة مات عبد الله بن أبي نجيح المكي وعبد الرحمن بن القاسم بن أبي بكر.
وأقام الحج الوليد بن عروة بن محمد بن عطية من سعد بن بكر.
وبعد الثلاثين ومائة مات عبد العزيز بن حكيم الحضرمي، وعبد العزيز بن رفيع، والركين بن الربيع، وأبو الأسود محمد بن عبد الرحمن.
وعمارة بن عبد الله بن ضبارة.
وفي خلافة مروان مات أبو الحويرث واسمه عبد الرحمن بن معاوية مرادي حليف بني نوفل بن عبد مناف.