1 شوال 8 هـ
21 كانون الثاني 630 م
سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة

وجهة السرية

خرجت سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من كنانة.

مكانها

وكانوا بأسفل مكة على ليلة بناحية يلملم.

وقتها

في شوال سنة ثمان، وهو يوم الغمَُيصَْاء، وهي عند ابن إسحاق قبل سريته لهدم العزى.

سببها

لما رجع خالد بن الوليد رضي اللهّٰ عنه من هدم العزى ورسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم مقيم بمكة، بعثه إلى بني جذيمة داعياً إلى الإسلام، ولم يبعثه مقاتلاً.

عدد السرية

فخرج في ثلاثمائة وخمسين رجلاً من المهاجرين والأنصار، وبني سليم، فانتهى إليهم.

محادثتهم

قال: ما أنتم؟ قالوا: مسلمون، قد صلينا وصدقنا بمحمد، وبنينا المساجد في ساحتنا، وأذَّنَّا فيها، قال: فما بال السلاح عليكم؟
قالوا: إن بيننا وبين قوم من العرب عداوة، فخفنا أن تكونوا همُْ؛ فأخذنا السلاح، قال: فضعوا السلاح. قال: فوضعوه.

الأمر بأسرهم

فقال لهم: استأسروا، فاستأسر القوم، فأمر بعضهم فكَتَفّ بعضًا وفرقهم في أصحابه.

قتلهم في السحر

فلما كان في السَّحَر نادى خالد: من كان معه أسير فليذَُافهِّ. والمذافة: الإجهاز عليه بالسيف.
فأما بنو سليم فقتلوا مَنْ كان في أيديهم.

إرسال بعض الأسرى

وأما المهاجرون والأنصار فأرسلوا أسراهم.

تبرؤ النبي صلى اللهّٰ عليه وسلم من قتلهم

فبلغ النبي صلى اللهّٰ عليه وسلم ما صنع خالد، فقال: “اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد“.

ودي القتلى

وبعث علي بن أبي طالب فودى لهم قتلاهم وما ذهب منهم، ثم انصرف إلى رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم فأخبره.

سبب قتلهم

وعند ابن إسحاق في هذا الخبر: أن خالداً قال لهم: ضعوا السلاح، فإن الناس قد أسلموا، فلما وضعوه أمر بهم عند ذلك فكُتفِّوا، ثم عرضهم على السيف، وقد كان بين خالد و عبد الرحمن بن عوف كلامٌ في ذلك، فقال له عبد الرحمن: عملت بأمر الجاهلية في الإسلام؟ فقال: إنما ثأرت بأبيك، فقال عبد الرحمن: كذبت، قد قتلت قاتل أبي، وإنما ثأرت بعمك الفاكه
بن المغيرة، حتى كان بينهما شر.

تنفير خالد من فعلته

فبلغ ذلك النبي صلى اللهّٰ عليه وسلم فقال: “مهلاً يا خالد، دع عنك أصحابي، فوالله لو كان لك أحد ذهباً ثم أنفقته في سبيل اللهّٰ ما أدركت غدوة رجل من أصحابي ولا روحته“.

الثأر

وكان بنو جذيمة قتلوا الفاكه بن المغيرة وعوفَ بن عبد عوف قبل ذلك، وقتل عبد الرحمن خالد بن هشام قاتل أبيه منهم.

وداع رجل منهم حبيبته

عن ابن أبي حدرد الأسلمي، قال: كنت يومئذ في خيل خالد بن الوليد، فقال لي فتى من بني جذيمة، هو في سني – وقد جمعت يداه إلى عنقه برِمَُّة، ونسوة مجتمعات غير بعيد منه-: يا فتى، قل ما تشاء. قال: هل أنت آخذ بهذه الرُمّة فقائدي إلى هذه النسوة حتى أقضي إليهن حاجة، ثم تردني بعد فتصنعوا بي ما بدا لكم؟ قال: قلت: واللهّٰ ليَسيرٌ ما طلبت، فأخذته برمَُّته فقَدَّته بها، حتى وقفته عليهن، فقال: أسلمي حبيش على نفد العيش
أريتك إن طالبتكم فوجدتكم  … بحلية أو ألفيتكم بالخوانق
ألم أك أهلاً أن ينُوَّل عاشقٌ … تكلف إدلاج السُرّى والودائق
فلا ذنب لي قد قلت إذ أهلنُا معاً … أثيبي بودٍُّ قبل إحدى الصفائق
أثيبي بودٍُّ قبل أن يشحط النوى … وينأى الأمير بالحبيب المفارق

مشهد مناشدتهم بالرحمة

وعن ابن عباس: أن النبي صلى اللهّٰ عليه وسلم بعث سر ية فغنموا، وفيهم رجل، فقال لهم: إني لست منهم، عشقت امرأة فلحقتها، فدعوني أنظر إليها ثم اصنعوا بي ما بدا لكم، فإذا امرأة طو يلة أدماء، فقال لها:
أسلمي حبيش قبل نفاد العيش:
أريتكُِ لو تابعتكُم فلحقتكُم … بحليْةَ أو أدركتكم بالخوانق
أما كان حقًّا أن ينُوَّل عاشق … تكلَفّ إدلاجَ السُرّى والودائق
قالت: نعم، فديتك.
قال: فقدموه فضربوا عنقه، فجاءت المرأة فوقعت عليه، فشهقت شهقة أو شهقتين ثم ماتت. فلما قدموا على رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم أخبروه الخبر، فقال رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم: “أما كان فيكم رجل رحيم“.