13 رجب 8 هـ
5 تشرين الثاني 629 م
سرية أبو عبيدة بن الجراح إلى حي من جهينة

وقتها …

ثم سرية الخبَطَ أميرها أبو عبيدة بن الجراح وكانت في رجب سنة ثمان.

عدد السرية وأميرها

بعث رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في ثلاثمائة رجل من المهاجرين والأنصار، وفيهم عمر بن الخطاب.

جهة السرية

إلى حي من جهينة ب القبلية مما يلي ساحل البحر، وبينها وبين المدينة خمس ليال.

إصابة الجيش بالجوع

فأصابهم في الطريق جوع شديد، فأكلوا الخبط، وابتاع قيسٌ جُزُرًا ونحرها لهم، وألقى لهم البحر حُوتًا عظيمًا فأكلوا منه، وانصرفوا ولم يلقوا كيدًا.

تحقيق في اسم قائد السرية

عن جابر بن عبد اللّٰه: أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بعثهم بعثاً، عليهم قيس بن سعد بن عبادة فجهدوا، فنحر لهم قيس تسع ركائب، قال عمر في حديثه: فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: “إن الجود لمَِنْ شيمة أهل ذلك البيت“. قال إبراهيم: لم يكن قيس بن سعد أمير هذا الجيش، إنما كان أبو عبيدة وقيس معه.

شراء جزور لسد جوع الجيش

وعن داود بن قيس وإبراهيم بن محمد الأنصاري، وخارجة بن الحارث، قالوا: بعث رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم أبا عبيدة في سرية، فيها المهاجرون والأنصار وهم ثلاثمائة رجل إلى ساحل البحر، إلى حي من جهينة، فأصابهم جوع شديد. فقال قيس بن سعد: مَنْ يشتري مني تمرًا بجزور، يوفيني الجزور هاهنا وأوفيه التمر بالمدينة، فجعل عمر يقول: وا عجباه لهذا الغلام، لا مال له، يدَُيِنُّ في مال غيره.

مساومة رجل من جهينة

فوجد رجلاً من جهينة، فقال قيس: بعني جزورًا أوفيكم وسقة من تمر المدينة. فقال الجهني: واللّٰه ما أعرفك، فمن أنت؟ قال: أنا ابن سعد بن عبادة بن دليم. قال الجهني: ما أعرفني بنسبك وذكر كلامًا، فابتاع منه خمس جزائر، كل جزور بوسق من تمر، يشترط عليه البدوي من تمر آل دليم. يقول قيس: نعم. قال: فأشهد لي، فأشهد له نفرًا من الأنصار، ومعهم نفر من المهاجرين. قال قيس: أَشْهِدْ مَنْ تحب، وكان فيمن أشهد عمر بن الخطاب، فقال عمر: ما أشهد هذا يدَُيِنّ ولا مال له، وإنما
المال لأبيه.
قال الجهني: واللّٰه ما كان سعد ليخُْنِي بابنه في وسقة من تمر، وأرى وجهًا حسناً، وفعلاً شريفًا. فكان من عمر وقيس كلام، حتى أغلظ لقيس وأخذ الجزر فنحرها لهم في مواطن ثلاثة، كل يوم جزورًا.

النهي عن نحر الجزور

فلما كان اليوم الرابع نهاه أميره فقال: تريد أن تخفر ذمتك ولا مال لك. قال محمد: فحدثني محمد بن يحيى بن سهل، عن أبيه، عن رافع بن خديج، قال: أقبل أبو عبيدة ومعه عمر، فقال: عزمت عليك أن لا تنحر، أتريد أن تخفر ذمتك؟ قال قيس: يا أبا عبيدة، أترى أبا ثابت يقضي ديون الناس، ويحمل الكَلَّ، ويطعم في المجاعة لا يقضي عني وسقة من تمر لقوم مجاهدين في سبيل اللّٰه؟ فكاد أبو عبيدة أن يلين له، وجعل عمر يقول: اعزم. فعزم عليه وأبى أن ينحر.
وبقيت جزوران، فقدم بهما قيس المدينة ظَهْرًا يتعاقبون عليهما.

بلوغ الخبر لسعد

وبلغ سعدًا ما أصاب القوم من المجاعة، فقال: إن يك قيس كما أعرف فسينحر للقوم، فلما قدم قيس ولقيه سعد، فقال: ما صنعت في مجاعة القوم؟ قال: نحرت. قال: أصبت، قال: ثم ماذا؟ قال: ثم نحرت، قال: أصبت، قال: ثم ماذا؟ قال: ثم نحرت، قال أصبت، قال: ثم ماذا؟ قال: ثم نهيت، قال: ومن نهاك؟ قال: أبو عبيدة أميري. قال: ولم؟ قال: زعم أنه لا مال لي، وإنما المال لأبيك. فقلت: أبي يقضي على الأباعد، ويحمل الكل، ويطعم في المجاعة، ولا يصنع هذا بي.

مجازاة قيس

قال: فلك أربع حوائط، أدناها حائط تجد منه خمسين وسقًا.

الوفاء للبدوي

قال: وقدم البدوي مع قيس فأوفاه أوْسُقَه وحمله وكساه، فبلغ النبي صلى اللّٰه عليه وسلم فعل قيس، فقال: “إنه في قلب جود“.