80 هـ
699 م
ذكر من مات او قتل سنه ثمانين

منهم عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بن عبد المطلب، كان يكنى أبا جعفر  أمه أسماء بنت عميس، قال ابن عمر: مات عبد الله بن جعفر …

رضى الله عنه بالمدينة عام الجحاف- سيل كان ببطن مكة جحف بالحاج وذهب بالإبل وعليها الحمولة- فصلى عليه ابان بن عثمان، وكان واليا على المدينة من قبل عبد الملك بن مروان.
قال: وكان له يوم توفى تسعون سنه.

وقال على بن محمد: توفى عبد الله بن جعفر سنه اربع او خمس وثمانين سنه.
وعمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، ويكنى أبا سعيد، وقبض النبي ص وهو ابن اثنتى عشره سنه.
وقال ابو نعيم الفضل بن دكين مات عمرو بن حريث بالكوفه سنه خمس وثمانين في خلافه عبد الملك بن مروان.

وعقيل بن ابى طالب بن عبد المطلب بن هاشم، وكان فيمن اسر يوم بدر، وكان لا مال له، ففداه العباس بن عبد المطلب، ذكر ابن سعد ان على بن عيسى النوفلي اخبره عن ابيه، عن عمه إسحاق بْن عبد الله عن عبد الله بْن الحارث، قال: فدى العباس نفسه وابن أخيه عقيلا بثمانين أوقية ذهب، ويقال بألف دينار.

قال ابن سعد: وأخبرنا على بن عيسى، قال: حدثنا ابان بن عثمان عن معاويه ابن عمار الدهني، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد ع يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: «انظروا من هاهنا من اهل بيتى من بنى هاشم».
قال: فجاء على بن ابى طالب ع، فنظر الى العباس ونوفل وعقيل، ثم رجع، فناداه عقيل: يا بن أم على: اما والله لقد رايتنا، فجاء على الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: يا رسول الله، رايت العباس ونوفلا وعقيلا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قام على راس عقيل، فقال: «أبا يزيد، قتل ابو جهل». قال: إذا لا تنازع في تهامه، ان كنت أثخنت القوم والا فاركب اكتافهم
قال ابو جعفر: وقيل: رجع عقيل الى مكة، فلم يزل بها، ثم خرج الى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا في أول سنه ثمان، فشهد عزوه مؤتة ثم رجع، فعرض له مرض، فلم يسمع له بذكر في فتح مكة ولا الطائف ولا في حنين، وقيل: مات عقيل ابن ابى طالب بعد ما عمى في خلافه معاويه.

وربيعه بن الحارث بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مناف، وهو الذى قال النبي صلى الله عليه وسلم  يوم فتح مكة: «الا ان كل دم وماثره في الجاهلية فإنها تحت قدمي هاتين، وان أول دم اضعه دم ربيعه بن الحارث» وانما قال النبي صلى الله عليه وسلم : وان أول دم اضعه دم ربيعه بن الحارث وربيعه حي، لان ذلك كان دما لربيعه الطلب به في الجاهلية، وذلك ان ابنا لربيعه صغيرا، كان مسترضعا في بنى ليث بن بكر، وكان بين هذيل وبين ليث بن بكر حرب، فخرج ابن ربيعه ابن الحارث، وهو طفل يحبو امام البيوت، فرمته هذيل بحجر فاصابه الحجر، فرضخ راسه، فجاء الاسلام قبل ان يثار ربيعه بن الحارث بدم ابنه، فابطل النبي صلى الله عليه وسلم الطلب بذلك الدم، فلم يجعل لربيعه السبيل على قاتل ابنه، فكان ذلك معنى وضع النبي صلى الله عليه وسلم دمه، وهو ابطاله ان يكون له الطلب به، لأنه كان من ذحول الجاهلية وقد هدم الاسلام الطلب بها واما ابن ربيعه المقتول، فانه يختلف في اسمه، فاما ابن عمر فانه قال: اسمه آدم بن ربيعه، وقال بعضهم: كان اسمه تمام بن ربيعه.
وقال بعضهم: كان اسمه اياس بن ربيعه، وقالوا جميعا: كان ربيعه بن الحارث اسن من عمه العباس بن عبد المطلب بسنين قالوا: ولم يحضر ربيعه بن الحارث بدرا مع المشركين كان غائبا بالشام، ثم قدم بعد ذلك على رسول الله ص مهاجرا ايام الخندق، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فيمن ثبت معه من اهل الخندق، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فيمن ثبت معه من اهل بيته واصحابه، وتوفى ربيعه بعد اخويه: نوفل وابى سفيان في خلافه عمر ابن الخطاب وعبد الله بن الحارث بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مناف وكان اسمه عبد شمس، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم حين اسلم عبد الله، خرج من مكة قبل الفتح مهاجرا الى رسول الله، ثم خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه فمات بالصفراء، فدفنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قميصه- يعنى قميص النبي ص- وقال له سعيد: أدركته السعادة.
وجعفر بن أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بن هاشم، وكان جعفر ابن ابى سفيان ممن ثبت يوم حنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من اصحابه، ولم يزل مع ابيه ملازما لرسول الله حتى قبض، وتوفى جعفر في وسط خلافه معاويه لعنه الله.
والحارث بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بن هاشم كان رجلا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صحب رسول الله عند اسلام ابيه، وولد ابنه عبد الله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واتى به رسول الله فحنكه ودعا له.
قال ابن سعد: أخبرنا على بن عيسى، عن ابيه، قال: انتقل الحارث بن نوفل الى البصره، واختط بها دارا، ونزلها في ولايه عبد الله بن عامر بن كريز، ومات بالبصرة في آخر خلافه عثمان.
وعبد المطلب بْن رَبِيعَة بْن الْحَارِث بْن عبد المطلب بن هاشم، وقد روى عبد المطلب بن ربيعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان رجلا على عهد رسول الله، قال ابن عمر: وحكاه ابن سعد عن على بن عيسى النوفلي، ان عبد المطلب بن ربيعه لم يزل بالمدينة الى زمن عمر بن الخطاب، ثم تحول الى الشام، فنزلها وابتنى بها دارا، وهلك بدمشق في خلافه يزيد بن معاويه وعتبة بن ابى لهب، واسم ابى لهب عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف، قال ابن سعد: أخبرنا على بن عيسى بن عبد الله النوفلي عن حمزه ابن عتبة بن ابراهيم اللهبي، قال: حدثنا ابراهيم بن عامر بن ابى سفيان بن معتب وغيره من مشيختنا الهاشميين، عن ابن عباس، عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في الفتح، قال لي: «يا عباس، اين ابنا أخيك: عتبة ومعتب لا اراهما؟» قال: قلت: يا رسول الله تنحيا فيمن تنحى من مشركي قريش، فقال لي: «اذهب فاتنى بهما»، قال العباس: فركبت إليهما بعرنه فأتيتهما، فقلت: ان رسول الله يدعوكما، فركبا معى سريعين حتى قدما على النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعاهما الى الاسلام، فأسلما وبايعا ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاخذ بأيديهما، وانطلق بهما يمشى بينهما، حتى اتى بهما الملتزم- وهو ما بين باب الكعبه والحجر الأسود- فدعا ساعه ثم انصرف، والسرور يرى في وجهه قال العباس: فقلت له: سرك الله يا رسول الله، فانى ارى في وجهك السرور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «نعم انى استوهبت ابنى عمى هذين ربى فوهبهما لي» .
قال حمزه بن عتبة: فخرجا معه في فوره ذاك الى حنين، فشهدا غزوه حنين، وثبتا مع رسول الله يومئذ فيمن ثبت من اهل بيته واصحابه، وأصيبت عين معتب يومئذ، ولم يقم احد من بنى هاشم من الرجال بمكة، بعد ان فتحت غير عتبة ومعتب ابنى ابى لهب.
واسامه بن زيد بن حارثة وهو حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويكنى أبا محمد، وأمه أم ايمن، واسمها بركه حاضنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاته، وولد اسامه بمكة ونشا حتى ادرك لم يعرف الا الاسلام ولم يدن بغيره، وهاجر مع ابيه الى المدينة، وكان أبوه زيد في قول بعضهم أول الناس إسلاما، ولم يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن سعد: أخبرنا الفضل بن دكين، قال: حدثنا حنش، قال: سمعت ابى يقول: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم اسامه بن زيد وهو ابن ثمان عشره سنه قال ابن عمر: لم يبلغ اولاد اسامه من الرجال والنساء في كل دهر اكثر من عشرين إنسانا، قال: وقبض النبي صلى الله عليه وسلم واسامه ابن عشرين سنه، وكان قد سكن وادي القرى بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثم نزل المدينة، فمات بالجرف في آخر خلافه معاويه.

وابو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسمه اسلم، كان عبدا للعباس ابن عبد المطلب، فوهبه للنبي صلى الله عليه وسلم، فلما بشر النبي صلى الله عليه وسلم باسلام العباس اعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهاجر ابو رافع الى المدينة بعد بدر، فأقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد أحدا والخندق والمشاهد كلها، وزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مولاته سلمى، وشهدت معه خيبر، وولدت لأبي رافع عبيد الله بن ابى رافع، وكان كاتبا لعلى بن ابى طالب ع.
وسلمان الفارسي، وكان يكنى أبا عبد الله، وأول غزاه غزاها سلمان الخندق.
وذكر عن جعفر بن سليمان عن هشام بن حسان عن الحسن قال: كان عطاء سلمان خمسه آلاف وكان على ثلاثين ألفا من الناس يحطب في عباءه، يفترش نصفها ويلبس نصفها، وكان إذا خرج عطاؤه امضاه، ويأكل من سفيف يده.
قال ابن عمر: توفى سلمان الفارسي في خلافه عثمان بن عفان.
والأسود بن نوفل بن خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصى كان قديم الاسلام بمكة، وهاجر الى ارض الحبشه في المره الثانيه، وكان موسى بن عقبه يقول: هو نوفل بن خويلد الذى اسلم، وهاجر الى ارض الحبشه.
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ نوفل بن خويلد، ويكنى أبا الأسود، وهو الذى يقال له: يتيم عروه بن الزبير.
وابو الروم عمير بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدار بن قصى، وأمه رومية، وهو أخو مصعب بن عمير لأبيه قال ابن عمر: كان ابو الروم قديم الاسلام بمكة وهاجر الى ارض الحبشه في الهجره الثانيه وشهد أحدا.
وجهم بن قيس بن شُرَحْبِيلَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عبد الدار بن قصى.
كان قديم الاسلام، وهاجر الى ارض الحبشه في المره الثانيه في قول جميعهم، ومعه امراته حريمله بنت عبد الأسود بن خزيمة بن اقيش بن عامر بن بياضه الخزاعية، ومعه ابناه منها عمرو وخزيمة ابنا جهم، وتوفيت حريمله بأرض الحبشه.
والوليد بْن الوليد بْن المغيرة بْن عبد الله بْن عمر بن مخزوم، قال ابن عمر:
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عروه قال: وأخبرنا ابراهيم بن جعفر، عن ابيه قالا: خرج سلمه بن هشام وعياش بن ابى ربيعه والوليد بن الوليد مهاجرين الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلبهم ناس من قريش ليردوهم فلم يقدروا عليهم، فلما كانوا بظهر الحره انقطعت اصبع الوليد فدميت، فقال:

هل أنت الا اصبع دميت  وفي سبيل الله ما لقيت

قال: وانقطع فؤاده، فمات بالمدينة، فبكته أم سلمه ابنه ابى اميه فقالت:

يا عين فابكى للوليد  بن الوليد بن المغيره
مثل الوليد بن الوليد  ابى الوليد كفى العشيره

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقولي هكذا، يا أم سلمه، ولكن قولي: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ}» [ق:19] .

وابن أم مكتوم، واختلف في اسمه فاما اهل المدينة فيقولون: اسمه عبد الله، واما اهل العراق وهشام بن محمد، فيقولون: اسمه عمرو بن قيس بن زائده بن الأصم ابن رواحه بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي، ونسب الى أمه أم مكتوم، واسم أمه أم مكتوم عاتكه ابنه عبد الله بن عنكثه بن عامر بن مخزوم بن يقظه اسلم ابن أم مكتوم بمكة قديما، وكان ضرير البصر، وقدم المدينة مهاجرا، فاختلف في وقت قدومه إياها، فقال محمد بن عمر: قدمها بعد بدر بيسير، فنزل دار القراء، وهي دار مخرمه بن نوفل، وكان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة مع بلال، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخلفه على المدينة، يصلى بالناس في عامه غزواته، وكان صاحب رايه المسلمين يوم القادسية، ثم رجع الى المدينة فمات بها.
وابو ذر جندب بن جناده بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمره ابن بكر بن عبد مناه بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ الياس بن مضر بن نزار.
ذكر ابن عمر انه سمع موسى بن عبيده يخبر عن نعيم بن عبد الله المجمر عن ابيه، قال: اسم ابى ذر جندب بن جناده، وكذلك كان يقول محمد بن عمر وهشام ابن محمد، وغيرهما من اهل السير قال ابن عمر: وسمعت أبا معشر نجيحا يقول: اسم ابى ذر برير بن جندب، قال: وحدثنى أبو بكر بْن عبد الله بْن أبي سبرة، عن موسى بن عقبه، عن عطاء بن ابى مروان، عن ابيه، قال: قال ابو ذر: كنت في الاسلام خامسا قال ابو جعفر: ثم رجع ابو ذر حين اسلم الى بلاد قومه، فأقام بها حتى مضت بدر واحد والخندق، ثم قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة بعد ذلك.
قال ابن سعد: أخبرنا عبد الله بن عمر وابو معمر المنقرى حدثنا عبد الوارث ابن سعيد عن الحسين المعلم عن ابى بريده، قال: لما قدم ابو موسى الأشعري لقى أبا ذر، فجعل ابو موسى يلزمه، وكان الأشعري رجلا خفيف اللحم قصيرا، وكان ابو ذر رجلا اسود كثير الشعر، فجعل الأشعري يلزمه، ويقول ابو ذر: إليك عنى، ويقول الأشعري: مرحبا يا أخي، ويدفعه ابو ذر، ويقول: لست بأخيك انما كنت اخاك قبل ان تستعمل، قال: ثم لقى أبا هريرة فالتزمه فقال: مرحبا يا أخي، فقال له ابو ذر: إليك عنى، هل كنت عملت لهؤلاء؟ قال نعم، قال: هل تطاولت في البنيان، او اتخذت زرعا او ماشيه؟ قال: لا قال: أنت أخي قال ابن سعد وأخبرنا الفضل بن دكين، قال: حدثنا صالح بن رستم ابو عامر، عن حميد بن هلال عن الأحنف بن قيس قال: رايت أبا ذر رجلا طويلا آدم ابيض الراس واللحية.
قال ابو جعفر: وتوفى ابو ذر في خلافه عثمان بالربذة.

بريده بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث بن الاعرج بن سعد بن رزاح ابن عدى بن سهم بن مازن بن الحارث بن سلامان بن اسلم بن اقصى بن حارثة ابن عمرو بن عامر، وهو ماء السماء وكان بريده يكنى أبا عبد الله، واسلم حين مر بِهِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم للهجره، وذكر ابن عمر ان هاشم بن عاصم الأسلمي حدثه عن ابيه، قال: لما هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مكة الى المدينة، فانتهى الى الغميم، أتاه بريده بن الحصيب، فدعاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الاسلام فاسلم هو ومن معه، وكانوا زهاء ثمانين بيتا، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، فصلوا خلفه.
قال: فحدثني هاشم بن عاصم الأسلمي، قال: حدثنى المنذر بن جهم، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قد علم ابن الحصيب ليلتئذ صدرا من سوره مريم، وقدم بريده بعد ان مضت بدر واحد عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، فتعلم بقيتها، واقام مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان من ساكنى المدينة، وغزا معه مغازيه بعد ذلك، ولم يزل بريده مقيما بعد وفاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بالمدينة، حتى فتحت البصره ومصرت، فتحول إليها، واختط بها، ثم خرج منها غازيا الى خراسان، فمات بمرو، في ولايه يزيد بن معاويه وبقي بها ولده.

ودحية بن خليفه بن فروه بن فضالة بن زيد بن إمرئ القيس بن الخزرج، وهو زيد مناه بن عامر بن بكر بن عامر الاكبر بن عوف بن بكر بن عوف بن عذره ابن زيد اللات بن رفيده بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن الحاف ابن قضاعه اسلم دحية قديما، ولم يشهد بدرا، وكان يشبه بجبرئيل ص، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم دحية المشاهد بعد بدر، وبقي الى خلافه معاويه.
وأوس بن قيظى بن عمرو بن زيد بن جشم بن حارثة، وابناه كباثه وعبد الله ابنا أوس، شهدا أحدا، وحضر معهما عرابه بن أوس بن قيظى يوم احد، فاستصغر فرد، وعرابه هو الذى قال الشماخ بن ضرار فيه:

إذا بلغتني وحملت رحلي  عرابه فاشرقى بدم الوتين

وعثمان بن حنيف بن واهب بن عكيم بن ثعلبه بن الحارث بن مجدعه بن عمرو ابن حنش بن عوف بن عمرو بن عوف، كان يكنى أبا عبد الله، وكان عمر بن الخطاب بعثه على مسح ارض العراق، وكان عامل على ع على البصره، حين بويع له، وتوفى في خلافه معاويه.
وحسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناه بن عدى بن عمرو ابن مالك بن النجار شاعر رسول الله، ويكنى أبا الوليد، وكان قديم الاسلام، ولم يشهد مع رسول الله مشهدا، وكان يجبن، وتوفى في خلافه معاويه وله عشرون ومائه سنه، عاش في الجاهلية ستين سنه وفي الاسلام ستين سنه.
ونوفل بن معاويه بن صخر بن يعمر بن نفاثه بن عدى بن الديل بن بكر بن عبد مناه ابن كنانه وهم بيت بنى الديل، وكان معاويه ابو نوفل على بنى الديل يوم الفجار، وله يقول تابط شرا:

فلا وأبيها ما نزلنا بعامر  ولا عامر ولا النفاثى نوفل

وابنه سلمى بن نوفل كان اجود العرب، وله يقول الشاعر الجعفري:

نسود أقواما وليسوا بساده  بل السيد المحمود سلمى بن نوفل

وذكر محمد بن عمر ان أبا بكر بْن عبد الله بْن أبي سبرة حدثه عن جوثه بن عبيد الديلى، قال عمر نوفل بن معاويه الديلى في الجاهلية ستين سنه، وفي الاسلام ستين سنه قال: وكان شهد مع المشركين من قريش بدرا وواحدا والخندق، وكانت له نكاية وذكر، ثم اسلم بعد ذلك، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة وحنينا والطائف، ونزل المدينة في بنى الديل، وقد روى نوفل بن معاويه عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وتوفى نوفل بالمدينة في خلافه يزيد بن معاويه، لعنهما الله.
وعرابه بن أوس بن قيظى بن عمرو بن زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث، شهد أبوه أوس بن قيظى واخواه عبد الله وكباثه ابنا أوس أحدا واستصغر عرابه فرد، وأجيز في الخندق.
قال ابن عمر: حدثنا عمر بن عقبه، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، قَالَ:
كان عرابه بن أوس يوم احد ابن اربع عشره سنه وخمسه اشهر، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابى ان يجيزه.
قال محمد: وعرابه بن أوس هو الذى مدحه الشماخ بن ضرار، وكان قدم المدينة، فاوقر له راحلته تمرا، فقال:

رَأَيْتُ عُرَابَةَ الأَوْسِيَّ يَنْمِي  إِلَى الْخَيْرَاتِ مُنْقَطِعَ الْقَرِينِ
إِذَا مَا رَايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ  تَلَقَّاهَا عرابه باليمين

وعبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، ولد عبيد الله محمدا- وبه كان يكنى والعباس، والعاليه، تزوجها على بن عبد الله بن العباس، فولدت له محمد بن على- وفي ولده الخلافه من بنى العباس- وعبد الرحمن وقثم- وهما اللذان قتلهما بسر ابن ابى ارطاه العامري باليمن- وكان عبيد الله بن العباس اصغر سنا من عبد الله ابن العباس بسنه، وقد سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وروى عنه، وبقي عبيد الله ابن العباس الى ايام يزيد بن معاويه، واستعمل على بن ابى طالب ع عبيد الله بن عباس على اليمن، وامره على الموسم، فحج بالناس سنه تسع وثلاثين، فاصطلح الناس تلك السنه عَلَى شيبة بن عُثْمَانَ بن أبي طَلْحَة، فحج بهم وكان عبيد الله بن العباس سيدا شجاعا سخيا، كان ينحر كل يوم جزورا، وكان على مقدمه الْحَسَن بن علي عَلَيْهِ السلام إِلَى مُعَاوِيَةَ، واخوه لأبيه وأمه قثم بن العباس، غزا خراسان وعليها سعيد بن عثمان، فقال: اضرب لك بألف سهم؟ فقال: لا بل اخمس ثم اعط الناس حقوقهم، ثم أعطني بعد ما شئت وكان ورعا فاضلا، وتوفى قثم بسمرقند.
قال ابو جعفر: وقال على بن محمد: ولي قثم بن عباس لعلى مكة، واقام للناس الحج، وكان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ومعبد بن العباس وكثير بن العباس، قال على بن محمد المدائني: أم كثير وتمام أم ولد رومية، يقال لها مسليه، ومات كثير بينبع بالذبحه، وتمام بن العباس، وكان من أشد اهل زمانه بطشا، وكان اصغر ولد ابيه.
وعبد اللَّهِ بْن زمعة بْن الأَسْوَدِ بْن المطلب بْن أسد بن عبد العزى بن قصى، وأمه قريبه الكبرى: ابنه أبي أمية بْن المغيرة بْن عبد الله بْن عمر بن مخزوم، وأمها عاتكه ابنه عبد المطلب بن هاشم.
وعامر بن كريز بن رَبِيعَة بن حبيب بن عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ، وأمه البيضاء وهي أم حكيم ابنه عبد المطلب بن هاشم، اسلم عامر بن كريز يوم فتح مكة، وبقي الى خلافه عثمان بن عفان، وقدم على ابنه عبد الله بن عامر البصره، وهو واليها لعثمان بن عفان.
وابو هاشم بْن عتبة بْن رَبِيعَة بْن عبد شمس بن عبد مناف، اسلم ابو هاشم فتح مكة، وخرج الى الشام فنزلها حتى مات.
وقيس بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.
والصلت بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بن قصى اسلم الصلت يوم فتح مكة.
وجهيم بْنُ الصَّلْتِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.
وعبد الله بْن قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ اسلم يوم فتح مكة.
وركانه بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصى، اسلم في الفتح، وقدم المدينة بعد ذلك، فنزلها الى ان مات بها في أول خلافه معاويه، واخوه لأبيه وأمه عجير بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب.
وابو نبقه، واسمه عبد الله بن علقمه بن المطلب بن عبد مناف.
والأسود بن ابى البختري، واسم ابى البختري العاص بن هاشم بن الحارث ابن اسد بن عبد العزى بن قصى، اسلم يوم الفتح، واما أبوه ابو البختري فقتل يوم بدر ببدر مشركا.
وهبار بن الأسود بن المطلب بن الأسد بن عبد العزى بن قصى وكان هبار- فيما ذكر عنه- يقول: لما ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعا الى الله كنت فيمن عاداه ونصب له وآذاه.
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث الى زينب ابنته من يقدم بها من مكة، فعرض لها نفر من قريش فيهم هبار، فنخس بها، وقرع ظهرها بالرمح، وكانت حاملا فاسقطت فردت الى بيوت بنى عبد مناف وكان هبار بن الأسود عظيم الجرم في الاسلام، فاهدر دمه رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ كلما بعث سريه اوصاهم بهبار وقال: «ان ظفرتم به فاجعلوه بين جذمتين من حطب، وحرقوه بالنار، ثم يقول: انما يعذب بالنار رب النار، ان ظفرتم به فاقطعوا يديه ورجليه، ثم اقتلوه» .
قال ابو جعفر: وذكر محمد بن عمر ان واقد بن ابى ثابت حدثه عن يزيد بن رومان قال قال الزبير بن العوام: ما رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث سريه قط الا قال: «ان ظفرتم بهبار، فاقطعوا يديه ورجليه، ثم اضربوا عنقه»، فو الله لقد كنت اطلبه واسال عنه، والله يعلم لو ظفرت به قبل ان ياتى إلى رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ لقتلته، ثم طلع عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وانا عنده جالس فجعل يعتذر الى رسول الله، ويقول: سب يا محمد من سبك، وآذ من آذاك، فقد كنت موضعا في سبك واذاك، وكنت مخذولا وقد نصرني الله عز وجل، وهداني الى الاسلام.
قال الزبير: فجعلت انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وانه ليطأطئ راسه استحياء منه، مما يعتذر هبار، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «قد عفوت عنك»، والاسلام يجب ما كان قبله، وكان اشنا من احد، فَبَلَغَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حلمه وما يحمل عليه من الأذى، فقال: يا هبار سب من سبك قال ابن عمر: وحدثنى هشام بن عمارة عن سعيد بن مُحَمَّد بن جبير بن مطعم، عن أبيه عن جده، قال: كنت جالسا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اصحابه في مسجده منصرفه من الجعرانة، فطلع هبار بن الأسود من باب رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا نظر القوم اليه، قالوا: يا رسول الله، هبار بن الأسود، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قد رايته» فاراد بعض القوم القيام اليه، فاشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم ان اجلس، ووقف عليه هبار، فقال: يا رسول الله، السلام عليك، إني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد انك رسول الله، ولقد هربت منك في البلاد واردت اللحوق بالاعاجم، ثم ذكرتك وعائدتك وفضلك وبرك وصفحك عمن جهل عليك، وكنا يا رسول الله اهل شرك فهدانا الله عز وجل بك، وتنقذنا من الهلكة، اصفح عن جهلي، وعما كان يبلغك عنى، فانى مقر بسوءتى معترف بذنبي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قد عفوت عنك، وقد احسن الله بك حيث هداك للإسلام، والاسلام يجب ما قبله».
وهند بن ابى هاله، واسم ابى هاله النباش بن زراره بن وقدان بن حبيب بن سلامه ابن غوى بْنِ جِرْوَةَ بْن أُسَيِّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تميم، قدم ابو هاله مكة، واخواه عوف وانيس، فحالفوا بنى عبد الدار بن قصى بن كلاب، وأقاموا معهم بمكة، وتزوج ابو هاله خديجه ابنه خويلد، فولدت له هندا وهاله رجلين، فمات هاله وادرك هند الاسلام فاسلم، وكان الحسن بن على عليه السلام يحدث عنه يقول: حدثنى خالي هند ابن ابى هاله.
وذكر عن معمر بن المثنى انه قال: مر هند بالبصرة مجتازا، فمات بها، فلم تقم يومئذ سوق ولا كلاء، وقالوا: أخو فاطمه أخو فاطمه صلوات الله عليها! والمهاجر بن أبي أمية بْن المغيرة بْن عبد الله بْن عمر بن مخزوم، أخو أم سلمه ابنه ابى اميه زوج النبي صلى الله عليه وسلم لأبيها وأمها، وكان اسم ابى اميه بن المغيره سهيل، وهو زاد الركب، وكان إذا سافر انفق على اصحابه واهل رفقته في سفرهم ذلك من عنده فسمى بذلك زاد الركب.
قال ابن عمر: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْر بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي سبرة، عن المهاجر بن مسمار، قال: كان المهاجر بن اميه قد وجد عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لام سلمه: كلمى لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهذا يومه عندك، فادخلته في بيتها، فلما دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يرعه الا مهاجرا آخذ بحقويه من خلفه، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت: أم سلمه: ارض عنه رضى الله عنك، فرضى عنه، وولاه صنعاء، فانطلق حتى اتى مكة، فبلغه ان العنسي قد خرج بصنعاء، فرجع الى المدينة، فلم يزل بها حتى توفى النبي صلى الله عليه وسلم، وولاه ابو بكر صنعاء، فمضى في ولايته، قال: فقلت لابن ابى سبره: فان روايتنا ان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه عاملا، فتوفى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بصنعاء فقال: هكذا أخبرني مهاجر بن مسمار. وصفوان بن اميه بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص، كان يكنى أبا وهب.
قال ابن عمر: حدثنا عبد الله بن يزيد الهذلي، عن ابى حصين، قال:
استقرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من صفوان بن اميه بمكة خمسين ألفا، فاقرضه.
قال محمد بن عمر: ولم يزل صفوان صحيح الاسلام، ولم يبلغنا انه غزا مع رسول الله ولا بعده، ولم يزل مقيما بمكة الى ان مات بها في أول خلافه معاويه.

وَعَبْدَ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحِ بْنِ الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤي اسلم قديما، وقد كان يكتب لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، ثم ارتد عن الاسلام، ثم اسلم يوم فتح مكة، وقد مضى خبره في كتابنا المسمى المذيل من مختصر تاريخ الرسل والملوك.
والأقرع بن حابس بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك ابن حنظلة بْن مالك بْن زَيْد مناة بْن تميم، وكان في وفد بنى تميم الذين قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاعطاه من غنائم حنين مائه من الإبل، وفيه قال عباس ابن مرداس ما قال وصعصعة بن ناجيه بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم واسلم.
ومن ولده الفرزدق الشاعر بن غالب بن صعصعة، ومن ولده أيضا عقال ابن شبه بن عقال بن صعصعة الخطيب.
والزبرقان بن بدر بن إمرئ القيس بن خلف بن بهدله بن عوف بن كعب بن سعد ابن زيد مناه بن تميم، وكان اسم الزبرقان الحصين، وكان شاعرا جميلا، وكان يقال له قمر نجد، وكان في وفد تميم الذين وفدوا عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبرقان بن بدر على صدقه قومه بنى سعد ابن زيد مناه بن تميم، وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عليها وارتدت العرب، ومنعوا الصدقه وثبت الزبرقان على الاسلام، وأخذ الصدقه من قومه فأداها الى ابى بكر.
ومالك بن نويره بن جمره بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن حنظله بن مالك ابن زيد مناه بن تميم وقال ابن عمر: حدثنى عتبة بن جبيرة عن حصين بن عبد الرحمن ابن عمرو بن سعد بن معاذ، قال: لما صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحج سنه عشر قدم المدينة فلما راى هلال المحرم سنه احدى عشره بعث المصدقين في العرب فبعث مالك بن نويره على صدقه بنى يربوع، وكان قد اسلم، وكان شاعرا، قال وكان مالك بن نويره يسمى الجفول.

ولبيد بن ربيعه بن مالك بن جعفر بن كلاب الشاعر.
قال ابن عمر: حدثنا موسى بن شيبه بن عمرو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ابن خارجه بن عبد الله بن كعب، قال: قدم وفد بنى كلاب عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهم ثلاثة عشر رجلا، في سنه تسع، فيهم لبيد بن ربيعه، فنزلوا دار رمله بنت الحدث، ثم جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فسلموا عليه سلام الاسلام، وأسلموا ورجعوا الى بلاد قومهم.
قال ابن سعد: أخبرنا نصر بن باب، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ الشعبى، قال: كتب عمر بن الخطاب الى المغيره بن شعبه وهو عامله على الكوفه، ان ادع من قبلك من الشعراء فاستنشدهم ما قالوا من الشعر في الجاهلية والاسلام، ثم اكتب بذلك الى، فدعاهم المغيره فقال للبيد: انشدنى ما قلت من الشعر في الجاهلية والاسلام، قال: ابدلنى الله عز وجل بذلك سوره البقره وسوره آل عمران وقال للأغلب العجلى انشدنى، قال:

ارجزا تريد أم قصيدا  لقد سالت هينا موجودا

قال: فكتب بذلك المغيره الى عمر، فكتب ان انقص الاغلب خمسمائة من عطائه، وزدها في عطاء لبيد، فرحل اليه الاغلب، فقال: اتنقصني على ان أطعتك، قال: فكتب عمر الى المغيره ان زد على الاغلب الخمسمائة التي نقصت وأقرها زياده في عطاء لبيد بن ربيعه.
وحبشي بن جناده بن نصر بن اسامه بن الحارث بن معيط بن عمرو بن جندل ابن مره بن صعصعة بن معاويه بن بكر بن هوازن، وبنو مره بن صعصعة هم بنو سلول، وسلول امراه وهي أم بنى مره، وهي سلول ابنه ذهل بن شيبان بن ثعلبه بها يعرفون وصحب حبشي بن جناده النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد مع على ع مشاهده.
وابو امامه الباهلى واسمه صدى بن عجلان، من بنى سهم بن عمرو بن ثعلبه ابن غنم بن قتيبة بن معن بن مالك بن اعصر، وهو منبه بن سعد بن قيس بن عيلان.
وزيد الخيل بن مهلهل بن زيد بن منهب بن عبد رضا بن المختلس بن ثوب ابن كنانه بن مالك بن نابل بن سودان، هو نبهان بن عمرو بن الغوث بن طيّئ بن أدد ابن زيد بن يشجب بن يعرب بن قحطان وأم طيّئ دله بنت ذي منجشان بن كله ابن ردمان بن حمير، ولدتها أمها على اكمه يقال لها مذحج، فسميت دله مذحج بتلك الأكمه، فولدها كلهم يقال لهم بنو مذحج، واسم طيّئ جلهمة وانما سمى طيئا في قول بعضهم، لأنه أول من طوى المناهل، وقال بعضهم: لأنه أول من طوى بئرا، ومات زيد الخيل بعد منصرفه مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في موضع، يقال له فرده.
قال هشام عن ابيه: كان يقال لبطن زيد الخيل الذى هو منه بنو المختلس، وكان لزيد من الولد مكنف بن زيد، وبه كان يكنى، وقد اسلم وصحب النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد قتال اهل الرده مع خالد بن الوليد، وكان له بلاء.
وحريث بن زيد، وكان فارسا صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد قتال اهل الرده مع خالد بن الوليد وكان شاعرا.
وعروه بن زيد شهد القادسية وقس الناطف ويوم مهران فابلى، وقال في ذلك شعرا وكان زيد الخيل شاعرا.
وعدى بن حاتم الجواد بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن إمرئ القيس بن عدى بن اخزم بن ربيعه بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث ابن طيّئ، وكان يكنى أبا ظريف.
شهد عدى بن حاتم القادسية ويوم مهران وقس الناطف والنخيله، ومعه اللواء، وشهد الجمل مع امير المؤمنين على بن ابى طالب عليه السلام، وفقئت عينه يومئذ، وقتل ابنه وشهد صفين والنهروان مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، ومات في زمن المختار بالكوفه، وهو ابن مائه وعشرين سنه.
وعمرو بن المسبح بن كعب بن طريف بن عصر بن غنم بن حارثة بن ثوب ابن معن بن عتود بن عنين بن سلامان بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيّئ، وكان ارمى العرب، وله يقول امرؤ القيس:

رب رام من بنى ثعل  مخرج كفيه من ستره

وقال وبره بن الجحدر المعنى من بنى دغش:

زعب الغراب وليته لم يزعب  بالبين من سلمى وأم الحوشب
ليت الغراب رمى حماطه قلبه  عمرو باسهمه التي لم تلغب 

وعاش عمرو بن المسبح خمسين ومائه سنه، ثم أدرك رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووفد اليه واسلم.
والاشعث بن قيس، وهو الاشج بن معد يكرب بن معاويه بن جبله بن عدى ابن ربيعه بن معاويه الاكرمين بن الحارث بن معاويه بن الحارث بن معاويه بن ثور ابن مرتع بن كنده، وهو كندى، واسمه ثور بن عفير بن عدى بن الحارث بن مره ابن زيد بن يشجب بن عريب بن كهلان بن سبا بن يشجب بن يعرب ابن قحطان وكان اسم الاشعث معديكرب، وكان ابدا اشعث الراس، فسمى الاشعث، وكان يكنى أبا محمد، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في سبعين راكبا من كنده، ثم ارتد واسر، فبعث به الى ابى بكر، فتاب فلم يزل مقيما بالمدينة حتى ندب عمر بن الخطاب في خلافته الناس الى غزو العراق، فشخص مع سعد ابن ابى وقاص فشهد القادسية والمدائن وجلولاء ونهاوند، واختط بالكوفه حين اختطها المسلمون، وبنى بها دارا في كنده، ونزلها الى ان مات وشهد الاشعث تحكيم الحكمين، واراد على عليه السلام ان يحكم عبد الله بن العباس مع عمرو بن العاص، فأبى الاشعث بن قيس، وقال: لا يحكم فيها مضريان، حتى يكون أحدهما يمانيا، فحكم على عليه السلام أبا موسى الأشعري، وكان الاشعث احد شهود الكتاب.
واخوه سيف بن قيس، وفد مع الاشعث بن قيس الى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، فأمره ان يؤذن لهم، فلم يزل يؤذن حتى مات.
وابراهيم بن قيس أخوهما، وفد الى النبي صلى الله عليه وسلم، مع الاشعث فاسلم.
والحارث بن سعيد بن قيس بن الحارث بن شيبان بن العاتك بن معاويه الاكرمين، وفد الى النبي صلى الله عليه وسلم.
واماناه بن قيس بن الحارث بن شيبان بن العاتك بن معاويه الاكرمين، وفد الى النبي صلى الله عليه وسلم، واسلم، وقد كان عاش دهرا، وله يقول عوضه بن بدا الشاعر:

الا ليتنى عمرت يا أم خالد  كعمر اماناه بن قيس بن شيبان
لقد عاش حتى قيل ليس بميت  وافنى فئاما من كهول وشبان
حلت به من بعد جرش وحقبه  دويهيه حلت بنصر بن دهمان
فاضحى كان لم يغن في الناس ساعه  رهين ضريح في سبائب كتان

وكان مع اماناه في الوفد ابنه يزيد بن اماناه، واسلم، ثم ارتد فقتل يوم النجير مرتدا في روايه هشام بن محمد.
ومعدان بن الأسود بن عبد الله بن الحارث الولادة بن عمرو بن معاويه بن الحارث الاكبر، وكان يقال لمعدان الجفشيش، وفد الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مع الاشعث بن قيس وهو الذى قال: يا رسول الله الست منا؟ فسكت مرتين ثم قال في الثالثه: «انا لا نَقْفُو أُمَّنَا وَلا نَنْتَفِي مِنْ أَبِينَا، نحن بنو النضر بن كنانه» فقال الاشعث: فض الله فاك الا سكت! الجفشيش القائل في روايه كنده:

أطعنا رسول الله إذا كان صادقا  فيا عجبا ما بال ملك ابى بكر!
ايورثها بكرا إذا كان بعده  فتلك إذا والله قاصمه الظهر

وهذا في روايه هشام بن محمد، واما محمد بن عمر، فانه كان يذكر ان هذين البيتين لحارثه بن سراقه بن معد يكرب الكندى، الذى منع زياد بن لبيد الصدقه، وانحاز فيمن ارتد.
وقيس بن المكشوح، واسم المكشوح هبيرة بن عبد بغوث بن الغزيل بن سلمه ابن بدا بن عامر بن عوبثان بن زاهر بن مراد، وانما سمى أبوه المكشوح، واسم المكشوح هبيرة لأنه كشح بالنار، اى كوى على كشحه، وكان سيد مراد، وابنه قيس، وكان فارس مذحج وهو الذى احتز راس العنسي فيما قيل، فسمته مضر قيس غدر، فقال:
لست غدر، ولكنى حتف مضر.
وقال محمد بن عمر: حدثنى عبد الله بن عمرو بن زهير عن محمد بن عماره بن خزيمة ابن ثابت، قال: قال عمرو بن معد يكرب لقيس بن مكشوح المرادى: حين انتهى اليه أمر رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا قيس، أنت سيد قومك اليوم.
وقد ذكر لنا أن رجلا من قريش، يقال لَهُ: محمد، قد خرج بالحجاز، يقول:
انه نبي، فانطلق بنا إليه حَتَّى نعلم علمه، فإن كان نبيا كما يقول، فإنه لا يخفى علينا إذا لقيناه اتبعناه، وإن كان غير ذَلِكَ علمنا علمه وانه ان سبق اليه رجل من قومك سادنا وتراس علينا، وكناله اذنابا، فأبى عليه قيس وسفه رايه، فركب عمرو بن معديكرب في عشره من قومه، حتى اتى المدينة، فاسلم ثم انصرف الى بلاده.

وصفوان بن عسال من بنى الربض بن زاهر بن عامر بن عوبثان بن زاهر بن مراد، وعداده في جمل اسلم، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم.
وعمرو بن الحمق بن الكاهن بن حبيب بن عمرو بن القين بن رزاح بن عمرو ابن سعد بن عمرو بن كعب بن عمرو، بايع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حجة الوداع، وصحبه بعد ذلك، ثم كان احد الذين ساروا الى عثمان بن عفان، وشهد المشاهد بعد ذلك مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، ثم قتل في الجزيرة، قتله ابن أم الحكم قال ابن عمر عن عيسى بن عبد الرحمن عن الشعبى قال: أول راس حمل في الاسلام راس عمرو بن الحمق.
وكرز بن علقمه بن هلال بن جريبه بن عبدنهم بن حليل بن حبشية بن سلول بن كعب ابن عمرو بن حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن إمرئ القيس ابن ثعلبه بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبا ابن يشجب بن يعرب بن قطحان اسلم كرز يوم فتح مكة، وكان قد عمر عمرا طويلا، وكان بعض اعلام الحرم قد عمى على الناس، فكتب مروان بن الحكم الى معاويه بذلك فكتب اليه: ان كان كرز بن علقمه حيا فمره، فليوقفكم عليه، ففعل فهو الذى وضع معالم الحرم في زمن معاويه، وهو على ذلك الى الساعة والحيسمان بن اياس بن عبد الله بن ضبيعه بن عمرو بن مازن بن عدى بن عمرو، وكان شريفا في قومه، اسلم فحسن اسلامه.
ومخنف بن سليم بن الحارث بن عوف بن ثعلبه بن عامر بن ذهل بن مازن ابن ذبيان بن ثعلبه بن الدول بن سعد مناه بن غامد بن عبد الله بن كعب بن الحارث ابن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد، اسلم مخنف، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو بيت الأزد بالكوفه، وكان له اخوه ثلاثة، يقال لأحدهم:
عبد شمس، قتل يوم النخيله، والصقعب قتل يوم الجمل، وعبد الله قتل يوم الجمل، وكان من ولد مخنف بن سليم ابو مخنف لوط بن يَحْيَى بن سَعِيد بن مخنف ابن سليم الذى يروى عنه ايام الناس.
وفيروز بن الديلمى، ويكنى أبا عبد الله، وهو من أبناء فارس الذين بعثهم كسرى الى اليمن، فنفوا عنها الحبشه، وغلبوا عليها قال عبد المنعم: ثم انتسبوا الى بنى ضبة، وقالوا: أصابنا سباء في الجاهلية- قد غلط عبد المنعم فيما قال- وانما كان ذلك ان ضبة بن أد كان له بنون ثلاثة عدا احدهم على احد ولد ضبة فقتله، فاراد أبوه ان يقتله، فهرب فلحق بجبال الديلم، فولد له اولاد هنالك، واولاده الى اليوم يذكرون ان عندهم سرجه واثاثه وفيروز هو الذى قتل العنسي الأسود بن كعب الكذاب الذى تنبأ باليمن،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قتله الرجل الصالح فيروز بن الديلمى» وقد وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ وروى عنه وبعضهم يروى عنه، فيقول: حدثنى الديلمى الحميرى، وبعضهم يقول: عن الديلمى: وهو واحد، وهو فيروز الديلمى، وانما قيل له الحميرى لنزوله في حمير ومخالفته إياهم، ومات فيروز في خلافه عثمان.