17 هـ
638 م
ذكر خبر حمص حين قصد من فيها من المسلمين صاحب الروم

وفي هذه السنة قصدت الروم أبا عبيدة بْن الجراح ومن معه من جند المسلمين بحمص لحربهم، فكان من أمرهم وأمر المسلمين ما ذكر أبو عبيدة، …

وهو فيما كتب به إلي السري عن شعيب، عن سيف عن مُحَمَّد وطلحة وعمرو وسعيد- قالوا أول ما اذن عمر للجند بالانسياج، أن الروم خرجوا، وقد تكاتبوا هم وأهل الجزيرة يريدون أبا عبيدة والمسلمين بحمص، فضم أبو عبيدة إليه مسالحه، وعسكروا بفناء مدينة حمص، وأقبل خالد من قنسرين حتى انضم إليهم فيمن انضم من أمراء المسالح، فاستشارهم أبو عبيدة في المناجزة أو التحصن إلى مجيء الغياث، فكان خالد يأمره أن يناجزهم، وكان سائرهم يأمرونه بأن يتحصن، ويكتب إلى عمر، فأطاعهم وعصى خالدا، وكتب إلى عمر يخبره بخروجهم عليه، وشغلهم أجناد أهل الشام عنه، وقد كان عمر اتخذ في كل مصر على قدره خيولا من فضول أموال المسلمين عدة لكون إن كان، فكان بالكوفة من ذلك أربعة آلاف فرس فلما وقع الخبر لعمر كتب الى سعد ابن مالك: أن اندب الناس مع القعقاع بْن عمرو وسرحهم من يومهم الذي يأتيك فيه كتابي إلى حمص، فإن أبا عبيدة قد أحيط به، وتقدم إليهم في الجد والحث.
وكتب أيضا إليه أن سرح سهيل بْن عدي إلى الجزيرة في الجند وليأت الرقة فإن أهل الجزيرة هم الذين استثاروا الروم على أهل حمص، وإن أهل قرقيسياء لهم سلف وسرح عبد اللَّه بْن عبد اللَّه بْن عتبان إلى نصيبين، فإن أهل قرقيسياء لهم سلف، ثم لينفضا حران والرهاء وسرح الوليد بْن عقبة على عرب الجزيرة من ربيعة وتنوخ وسرح عياضا، فإن كان قتال فقد جعلت أمرهم جميعا إلى عياض بْن غنم- وكان عياض من أهل العراق الذين خرجوا مع خالد بْن الوليد ممدين لأهل الشام، وممن انصرف ايام انصرف أهل العراق ممدين لأهل القادسية، وكان يرافد أبا عبيدة- فمضى القعقاع في أربعة آلاف من يومهم الذي أتاهم فيه الكتاب نحو حمص، وخرج عياض بْن غنم وأمراء الجزيرة فأخذوا طريق الجزيرة على الفراض وغير الفراض، وتوجه كل أمير إلى الكورة التي أمر عليها فاتى الرقة، وخرج عمر من المدينة مغيثا لأبي عبيدة يريد حمص حتى نزل الجابية ولما بلغ أهل الجزيرة الذين أعانوا الروم على أهل حمص واستثاروهم وهم معهم مقيمون عن حديث من بالجزيرة منهم بأن الجنود قد ضربت من الكوفة، ولم يدروا: الجزيرة يريدون أم حمص! فتفرقوا إلى بلدانهم وإخوانهم، وخلوا الروم ورأى أبو عبيدة أمرا لما انفضوا غير الأول، فاستشار خالدا في الخروج، فأمره بالخروج، ففتح اللَّه عليهم وقدم القعقاع بْن عمرو في أهل الكوفة في ثلاث من يوم الوقعة، وقدم عمر فنزل الجابية، فكتبوا إلى عمر بالفتح وبقدوم المدد عليهم في ثلاث، وبالحكم في ذلك فكتب إليهم أن أشركوهم، وقال: جزى اللَّه أهل الكوفة خيرا! يكفون حوزتهم ويمدون أهل الأمصار.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ سِيَاهٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: اسْتَمَدَّ أَبُو عُبَيْدَةَ عُمَرَ، وَخَرَجَتْ عَلَيْهِ الرُّومُ، وَتَابَعَهُمُ النَّصَارَى فَحَصَرُوهُ، فَخَرَجَ وَكَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَنَفَرَ إِلَيْهِمْ فِي غَدَاةٍ أَرْبَعَةُ آلافٍ عَلَى الْبِغَالِ يُجَنِّبُونَ الْخَيْلَ، فَقَدِمُوا عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ فِي ثَلاثٍ بَعْدَ الْوَقْعَةِ، فَكَتَبَ فِيهِمْ إِلَى عُمَرَ، وَقَدِ انْتَهَى إِلَى الْجَابِيَةِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ:
أَنْ أَشْرِكْهُمْ، فَإِنَّهُمْ قَدْ نَفَرُوا إِلَيْكُمْ، وَتَفَرَّقَ لَهُمْ عَدُوُّكُمْ كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شعيب، عن سيف، عن طلحة، عن ماهان، قال: كان لعمر أربعة آلاف فرس عدة لكون إن كان، يشتيها في قبلة قصر الكوفة وميسرته، ومن أجل ذلك يسمى ذلك المكان الآري إلى اليوم، ويربعها فيما بين الفرات والأبيات من الكوفة مما يلي العاقول، فسمته الأعاجم آخر الشاهجان، يعنون معلف الأمراء، وكان قيمه عليها سلمان ابن ربيعة الباهلي في نفر من أهل الكوفة، يصنع سوابقها، ويجريها في كل عام، وبالبصرة نحو منها، وقيمه عليها جزء بْن معاوية، وفي كل مصر من الأمصار الثمانية على قدرها، فإن نابتهم نائبة ركب قوم وتقدموا إلى أن يستعد النَّاسِ.
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سيف، عن حلام، عن شهر ابن مالك بنحو منه فلما فرغوا رجعوا.