54 هـ
673 م
ذكر الخبر عمن مات او قتل سنه اربع وخمسين

منهم حكيم بن حزام بن خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصى ذكر ابن عمر ان المنذر بن عبد الله حدثه عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي حَبِيبَةَ …

مولى الزبير، قال: سمعت حكيم بن حزام يقول: ولدت قبل قدوم اصحاب الفيل بثلاث عشره سنه.

وانا اعقل حين اراد عبد المطلب ان يذبح ابنه عبد الله حين وقع ندره، وذلك قبل مولد رسول الله ص بخمس سنين وشهد حكيم بن حزام مع ابيه الفجار، وقتل أبوه حزام بن خويلد في الفجار الآخر، وكان حكيم يكنى أبا خالد، وكان له من الولد عبد الله وخالد ويحيى وهشام، وأمهم زينب ابنه العوام بن خويلد ابن اسد بن عبد العزى بن قصى، ويقال: أم هشام بن حكيم مليكه ابنه مالك بن سعد من بنى الحارث بن فهر.

وقد ادرك ولد حكيم بن حزام كلهم النبي ص يوم الفتح، وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان حكيم بن حزام- فيما ذكر- قد بلغ عشرين ومائه سنه ومر به معاويه عام حج، فأرسل اليه بلقوح يشرب من لبنها، وذلك بعد ان ساله: اى الطعام يأكل؟ قال: اما مضغ فلا مضغ في، فأرسل اليه باللقوح، وارسل اليه بصله، فأبى ان يقبلها، وقال: لم آخذ بعد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، ودعانى ابو بكر وعمر الى حقي فأبيت ان آخذه.

قال ابن عمر: وَحَدَّثَنِي ابن أبي الزناد عَنْ أَبِيهِ، قال: قيل لحكيم بن حزام:
ما المال يا أبا خالد؟ قال: قله العيال.
قال ابن عمر: وقدم حكيم بن حزام المدينة ونزلها وبنى بها دارا، ومات بالمدينة سنه اربع وخمسين في خلافه معاويه، وهو ابن مائه وعشرين سنه.

ومخرمه بن نوفل بْن أهيب بْن عبد مناف بْن زهرة بن كلاب، وأمه رقيقه ابنه ابى صيفي بن هاشم بن عبد مناف، فولد مخرمه صفوان، وبه كان يكنى، وهو الاكبر من ولده- والمسور والصلت الاكبر وأم صفوان، وأمهم عاتكه ابنه عوف ابن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهره، اخت عبد الرحمن بن عوف وكانت من المهاجرات وأمها الشفاء ابنه عوف بن عبد بن الحارث بن زهره، وهي من المهاجرات أيضا والصلت الاصغر وصفوان الاصغر والعطاف الاكبر والعطاف الاصغر ومحمدا.

واسلم مخرمه بن نوفل عند فتح مكة، وكان عالما بنسب قريش وأحاديثها، وكانت له معرفه بانصاب الحرم، فكان عمر يبعثه، وسعيد بن يربوع أبا هود وحويطب بن عبد العزى وازهر بن عبد عوف، فيجددون أنصاب الحرم، لعلمهم بها ثم ذهب بصر مخرمه بن نوفل في خلافه عثمان، وشهد مخرمه بن نوفل مع رسول الله ص يوم حنين، واعطاه من غنائم حنين خمسين بعيرا.

قال ابن عمر: رايت عبد الله بن جعفر ينكر ان يكون أخذ مخرمه من ذلك شيئا، وقال: ما سمعت أحدا من اهلى يذكر ذلك، قال: ومات مخرمه بالمدينة سنه اربع وخمسين في خلافه معاويه، وكان يوم مات ابن مائه وخمس عشره سنه قال: وحويطب بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤي.

قال ابن عمر: حدثنى ابراهيم بن جعفر بن محمود بن محمد بن مسلمه الأشهلي عن ابيه، قال: كان حويطب بن عبد العزى العامري قد عاش عشرين ومائه سنه، ستين سنه في الجاهلية وستين في الاسلام فلما ولى مروان بن الحكم المدينة في عمله الاول، دخل عليه حويطب مع مشيخه جله حكيم بن حزام ومخرمه ابن نوفل، فتحدثوا عنده، وتفرقوا، فدخل عليه حويطب يوما بعد ذلك، فتحدث عنده، فقال مروان: ما سنك؟ فاخبره، فقال له مروان: تأخر اسلامك ايها الشيخ حتى سبقك الاحداث، فقال حويطب: الله المستعان، لقد هممت بالإسلام غير مره كل ذلك يعوقنى ابوك عنه وينهاني، ويقول: تضع شرفك، وتدع دين آبائك لدين محدث وتصير تابعا! قال: فاسكت والله مروان، وندم على ما كان قال له، ثم قال له حويطب: اما كان اخبرك عثمان ما لقى من ابيك حين اسلم، فازداد مروان غما، ثم قال حويطب: ما كان من قريش احد من كبرائها الذين يقوا على دين قومهم الى ان فتحت مكة، كان اكره لما هو عليه منى، ولكن المقادير ولقد شهدت بدرا مع المشركين، فرايت عبرا، رايت الملائكة، تقتل وتاسر بين السماء والارض، فقلت: هذا رجل ممنوع، ولم اذكر ما رايت فانهزمنا اجمعين الى مكة، فأقمنا بمكة وقريش تسلم رجلا رجلا، فلما كان يوم الحديبية حضرت، وشهدت الصلح، ومشيت فيه حتى تم، وكل ذلك اريد الاسلام ويأبى الله جل وعز الا ما يريد فلما كتبنا صلح الحديبية، كنت احد شهوده، وقلت: لا ترى قريش من محمد ص الا ما يسوءها، قد رضيت ان دافعته بالراح وَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لعمره القضية، وخرجت قريش عن مكة، كنت فيمن تخلف بمكة انا وسهيل بن عمرو، لان نخرج رسول الله ص إذا مضى الوقت، وهو ثلاث، فلما انقضت الثلاث، اقبلت انا وسهيل بن عمرو، فقلنا: قد مضى شرطك فاخرج من بلدنا، فصاح: يا بلال لا تغب الشمس واحد من المسلمين بمكة ممن قدم معنا.

قال ابن عمر: وحدثنى ابراهيم بن جعفر بن محمود، عن ابيه قال: وحدثنى أبو بكر بْن عبد الله بْن أبي سبرة، عن موسى بن عقبه، عن المنذر بن جهم قال:

قال حويطب بن عبد العزى: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح، خفت خوفا شديدا، فخرجت من بيتى، وفرقت عيالي، في مواضع يأمنون فيها ثم انتهيت الى حائط عوف، وكنت فيه، فإذا انا بابى ذر الغفاري، وكانت بيني وبينه خله- والخله ابدا نافعه- فلما رايته هربت منه، فقال: أبا محمد! قلت: لبيك، قال: مالك؟ قلت: الخوف، قال: لا خوف عليك، تعال أنت آمن بأمان الله جل وعز فرجعت اليه وسلمت عليه، فقال: اذهب الى منزلك، قلت: هل لي سبيل الى منزلي؟ والله ما أراني اصل الى بيتى حيا حتى القى فاقتل، او يدخل على منزلي فاقتل، وان عيالي لفي مواضع شتى، قال: فاجمع عيالك في موضع، وانا ابلغ معك منزلك، فبلغ معى وجعل ينادى على بابى: ان حويطبا آمن، فلا يهج، ثم انصرف ابو ذر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبره، فقال: «او ليس قد آمنا الناس كلهم الا من امرت بقتله»، قال: فاطمأننت، ورددت عيالي الى مواضعهم، وعاد الى ابو ذر، فقال: يا أبا محمد، حتى متى والى متى؟ قد سبقت في المواطن كلها وفاتك خير كثير، وبقي خير كثير، فات رسول الله فاسلم تسلم، ورسول الله ابر الناس، واحلم الناس، واوصل الناس، شرفه شرفك، وعزه عزك قال: قلت فانا اخرج معك، فاتيه، فخرجت معه حتى اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطحاء، وعنده ابو بكر وعمر، فوقفت على راسه، وسالت أبا ذر: كيف يقال إذا سلم عليه؟
قال: قل السلام عليك ايها النبي ورحمه الله، فقلتها، فقال: «وعليك السلام، احويطب؟» قال: قلت: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الحمد لله الذى هداك» قال: وسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامي، واستقرضنى مالا، فاقرضته اربعين الف درهم، وشهدت معه حنينا والطائف، وأعطاني من غنائم حنين مائه بعير.
قال ابو جعفر: ثم قدم حويطب بعد ذلك المدينة، فنزلها وله بها دار بالبلاط عند اصحاب المصاحف.

قال ابن عُمَرَ: حَدَّثَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، قال: باع حويطب بن عبد العزى داره بمكة من معاويه بأربعين الف دينار، وقيل له: يا أبا محمد، اربعين الف دينار! قال: وما اربعون الف دينار لرجل عنده خمسه من العيال! قال عبد الرحمن بن ابى الزناد: وهو والله يومئذ يوفر عليه القوت في كل شهر، ومات حويطب بن عبد العزى بالمدينة سنه اربع وخمسين في خلافه معاويه، وكان له يوم مات مائه وعشرون سنه ومنهم الارقم بن ابى الارقم بن اسد بْن عبد الله بْن عمر بْن مخزوم واسم ابى الارقم عبد مناف، وكان الارقم يكنى أبا عبد الله.
وذكر ابن عمر ان محمد بن عمران بن هند بن عبد الله بن عثمان بن الارقم ابن ابى الارقم المخزومي، حدثه: أخبرني ابى عن يحيى بن عمران بن عثمان بن الارقم قال: أخبرني جدي عثمان بن الارقم، انه كان يقول: انا ابن سبع الاسلام، اسلم ابى سابع سبعه وكان داره على الصفا، وفي الدار التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يكون فيها في أول الاسلام، وفيها دعا الناس الى الاسلام فاسلم فيها قوم كثير.
وشهد الارقم بن ابى الارقم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها.
قال ابن عمر: أخبرنا محمد بن عمران بن هند عن ابيه، قال: حضرت الارقم بن ابى الارقم الوفاة فاوصى ان يصلى عليه سعد، وكان مروان بن الحكم واليا لمعاوية على المدينة، وكان سعد في قصره بالعقيق، ومات الارقم، فاحتبس عليهم سعد، فقال مروان: ايحبس صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل غائب! واراد الصلاة عليه، فأبى عبيد الله بن الارقم ذلك على مروان، وقامت معه بنو مخزوم ووقع بينهم كلام، ثم جاء سعد فصلى عليه، وذلك سنه خمس وخمسين بالمدينة. وهلك الارقم وهو ابن بضع وثمانين سنه.

قال: وابو محذوره، واسمه أوس بن معير بن لوذان بن ربيعه بن عويج بن سعد ابن جمح، وكان له أخ من ابيه وأمه، يقال له: انيس، قتل يوم بدر كافرا قال ابن سعد: سمعت من ينسب أبا محذوره، فيقول اسمه سمره بن عمير بن لوذان ابن وهب بن سعد بن جمح، وكان له أخ من ابيه وأمه، اسمه أوس، قال: فولد ابو محذوره عبد الملك وحديرا، وتوفى ابو محذوره بمكة سنه تسع وخمسين ولم يهاجر، ولم يزل مقيما بمكة حتى مات.
والحسين بن على بن ابى طالب ع ولد في ليال خلون من شعبان سنه اربع من الهجره، يكنى أبا عبد الله، وولد الحسين ع عليا الاكبر، قتل مع ابيه بالطف، وأمه آمنه بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود بن معتب، من ثقيف وأمها ابنه ابى سفيان بن حرب، وفيها يقول حسان بن ثابت في روايه محمد بن عمر:

طافت بنا شمس النهار ومن راى  من الناس شمسا بالعشاء تطوف
ابو أمها اوفى قريش بذمه واعمامها اما سالت ثقيف

قال ابو جعفر: وهذان البيتان ينسبان الى عمر بن ابى ربيعه، وانهما من شعره، وينشد:

طافت بنا شمس عشاء ومن راى  من الناس شمسا بالعشاء تطوف
ابو أمها اوفى قريش بذمه  واعمامها- اما نسبت- ثقيف

وعليا الاصغر، وله العقب من ولد الحسين ع، واما على الاكبر فلا عقب له، وأم الاصغر أم ولد قال على بن محمد: كانت تدعى سلافه.
قال ابو جعفر: ويقال ان اسمها جيداء- وكان فاضلا سيدا- وجعفرا لا بقية له وفاطمه وأمها أم إسحاق ابنه طلحه بن عبيد الله، وكانت قبله عند الحسن بن على فلما حضرته الوفاة اوصى حسينا ان يتزوجها فتزوجها حسين، فولدت له فاطمه، وعبد الله، قتل مع ابيه، وسكينه، وأمها الرباب ابنة امرئ القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب ابن عليم بن هبل بن كنانه بن بكر بن عوف بن عذره بن زيد اللات بن رفيده ابن ثور بن كلب.

وفي الرباب وسكينه يقول الحسين بن على ع.

لعمرك اننى لاحب دارا  تضيفها سكينه والرباب
أحبهما وابذل بعد مالي  وليس للائمى فيها عتاب
ولست لهم وان عتبوا مطيعا  حياتي او يغيبنى التراب

قال على بن محمد، عن حماد بن سلمه عن ابى المهزم، قال: كنا مع ابى هريرة في جنازة، فلما رجعنا أعيا الحسين ع صعد، فجعل ابو هريرة ينفض التراب عن قدميه بثوبه، فقال له الحسين: أنت يا أبا هريرة تفعل هذا! قال: دعني منك، فلو يعلم الناس منك ما اعلم لحملوك على عواتقهم.
قال ابو جعفر: وحدثت عن خالد بن خداش قال: لما قتل اهل فخ، لبث حماد نحوا من شهر لا يجلس، وكنت أراه محزونا ثم جلس بعد ذلك رقيقا تدمع عينه كثيرا شهرين او ثلاثة، وسمعته يقول: نحب ولد على حب الاسلام.
وقال محمد بن عمر عن ابى معشر: قتل الحسين ع لعشر خلون من المحرم.
قال الواقدى: وهذا الثبت.
قال محمد بن عمر: وحدثنا عطاء بن مسلم، أخبره عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قَالَ: أول رأس رفع على خشبة راس الحسين ع.
وقال على بن محمد: حدثنى على بن مجاهد عن حنش بن الحارث عن شيخ من النخع، قال: قال الحجاج: من كان له بلاء فليقم، فقام قوم فذكروا، وقام سنان بن انس، فقال: انا قاتل الحسين ع، فقال بلاء حسن، ورجع الى منزله فاعتقل لسانه، وذهب عقله، فكان يأكل ويحدث مكانه.