1 ق.هـ
620 م
دخول عليه الصلاة والسلام المدينة

وقد كان بلغ الأنصار مخرجه من مكة وقصده إياهم، فكانوا كل يوم يخرجون إلى الحرة ينتظرونه، فلما كان يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول على رأس ثلاث عشرة سنة من نبوته …

صلى الله عليه وسلم وافاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتد الضحى، وكان قد خرج الأنصار يومئذ، فلما طال عليهم رجعوا إلى بيوتهم، وكان أول من بصر به رجل من اليهود ـ وكان على سطح أطمه ـ فنادى بأعلى صوته: يا بني قيلة هذا جدكم الذي تنتظرون! فخرج الأنصار في سلاحهم وحيوه بتحية النبوة.
ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء على كلثوم بن الهدم، وقيل: بل على سعد بن خيثمة، وجاء المسلمون يسلمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثرهم لم يره بعد، وكان بعضهم أو أكثرهم يظنه أبا بكر لكثرة شيبه، فلما اشتد الحر قام أبو بكر بثوب يظلل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحقق الناس حينئذ رسول الله عليه الصلاة والسلام.

فصل ـ استقراره عليه الصلاة والسلام بالمدينة
فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء أياماً، وقيل: أربعة عشر يوماً، وأسس مسجد قباء ثم ركب بأمر الله تعالى فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي رانوناً، ورغب إليه أهل تلك الدار أن ينزل عليهم فقال: «دعوها فإنها مأمورة» فلم تزل ناقته سائرة به لا تمر بدار من دور الأنصار إلا رغبوا إليه في النزول عليهم، فيقول: «دعوها فإنها مأمورة» .
فلما جاءت موضع مسجده اليوم بركت، ولم ينزل عنها صلى الله عليه وسلم حتى نهضت وسارت قليلاً ثم التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول، فنزل عنها صلى الله عليه وسلم، وذلك في دار بني النجار، فحمل أبو أيوب رضي الله عنه رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله.
واشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم موضع المسجد، وكان مربداً ليتيمين، وبناه مسجداً، فهو مسجده الآن، وبني لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم حجراً إلى جانبه.
وأما علي رضي الله عنه فأقام بمكة ريثما أدى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده وغير ذلك، ثم لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم.

فصل ـ المواخاة بين المهاجرين والأنصار
ووداع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بالمدينة من اليهود، وكتب بذلك كتاباً وأسلم حبرهم عبد الله بن سلام رضي الله عنه، وكفر عامتهم وكانوا ثلاث قبائل: بنو قيقناع، وبنو النصر، وبنو قريظة.
وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، فكانوا يتوارثون بهذا الإخاء في ابتداء الإسلام إرثاً مقدماً على القرابة.
وفرض الله سبحانه وتعالى إذ ذاك الزكاة رفقاً بفقراء المهاجرين، وكذا ذكر ابن حزم في هذا التاريخ، وقد قال بعض الحفاظ من علماء الحديث: إنه أعياه فرض الزكاة متى كان.