(تَدْبِيرُ عَامِرٍ لِلْغَدْرِ بِالرَّسُولِ)

فَقَدِمَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ عَدُوُّ اللَّهِ، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،…

وَهُوَ يُرِيدُ الْغَدْرَ بِهِ، وَقَدْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ: يَا عَامِرُ، إنَّ النَّاسَ قَدْ أَسْلَمُوا فَأَسْلِمْ. قَالَ:
وَاَللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ آلَيْتُ أَنْ لَا أَنْتَهِيَ حَتَّى تَتْبَعَ الْعَرَبُ عَقِبِي، أَفَأَنَا أَتْبَعُ عَقِبَ هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ! ثُمَّ قَالَ لِأَرْبَدَ: إذَا قَدِمْنَا عَلَى الرَّجُلِ، فَإِنِّي سَأَشْغَلُ عَنْكَ وَجْهَهُ، فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَاعْلُهُ بِالسَّيْفِ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ: يَا مُحَمَّدُ، خَالِنِي ، قَالَ: لَا وَاَللَّهِ حَتَّى تُؤْمِنَ باللَّه وَحْدَهُ. قَالَ: يَا مُحَمَّدُ خَالِنِي. وَجَعَلَ يُكَلِّمُهُ وَيَنْتَظِرُ مِنْ أَرْبَدَ مَا كَانَ أَمَرَهُ بِهِ، فَجَعَلَ أَرْبَدُ لَا يُحِيرُ شَيْئًا، قَالَ: فَلَمَّا رَأَى عَامِرُ مَا يَصْنَعُ أَرْبَدُ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ خَالِنِي قَالَ: لَا، حَتَّى تُؤْمِنَ باللَّه وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. فَلَمَّا أَبَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَمَا وَاَللَّهِ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا وَرِجَالًا، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهمّ اكْفِنِي عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ. فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ عَامِرٌ لِأَرْبَدَ: وَيْلَكَ يَا أَرْبَدُ أَيْنَ مَا كُنْتُ أَمَرْتُكَ بِهِ؟ وَاَللَّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ رَجُلٌ هُوَ أَخْوَفَ عِنْدِي عَلَى نَفْسِي مِنْكَ. وَاَيْمُ اللَّهِ لَا أَخَافُكَ بَعْدَ الْيَوْمِ أَبَدًا. قَالَ: لَا أَبَا لَكَ! لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، وَاَللَّهِ مَا هَمَمْتُ بِاَلَّذِي أَمَرْتنِي بِهِ مِنْ أَمْرِهِ إلَّا دَخَلْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ الرَّجُلِ، حَتَّى مَا أَرَى غَيْرَكَ، أَفَأَضْرِبكَ بِالسَّيْفِ؟