(بَلَاءُ ابْنِ الْأَكْوَعِ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ)

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: …
فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَمَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، كُلٌّ قَدْ حَدَّثَ فِي غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ بَعْضَ الْحَدِيثِ: أَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ نَذَرَ بِهِمْ سَلَمَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْأَكْوَعِ الْأَسْلَمِيُّ، غَدا يُرِيدُ الْغَابَةَ مُتَوَشِّحًا قَوْسَهُ وَنَبْلَهُ، وَمَعَهُ غُلَامٌ لِطَلْحَةِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ مَعَهُ فَرَسٌ لَهُ يَقُودُهُ، حَتَّى إذَا عَلَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ نَظَرَ إلَى بَعْضِ خُيُولِهِمْ، فَأَشْرَفَ فِي نَاحيَة سلع، نم صرخَ: وَا صَبَاحَاه، ثُمَّ خَرَجَ يَشْتَدُّ فِي آثَارِ الْقَوْمِ، وَكَانَ مِثْلَ السَّبُعِ حَتَّى لَحِقَ بِالْقَوْمِ، فَجَعَلَ يَرُدُّهُمْ بِالنَّبْلِ، وَيَقُولُ إذَا رَمَى: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ، الْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ، فَإِذَا وُجِّهَتْ الْخَيْلُ نَحْوَهُ انْطَلَقَ هَارِبًا، ثُمَّ عَارَضَهُمْ، فَإِذَا أَمْكَنَهُ الرَّمْيُ رَمَى، ثُمَّ قَالَ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ، الْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ، قَالَ: فَيَقُولُ قَائِلُهُمْ: أُوَيْكَعُنَا هُوَ أَوَّلُ النَّهَارِ.