(الرَّسُولُ يُحَدِّثُهُ بِمَا بَيَّتَهُ هُوَ وَصَفْوَانُ فَيُسْلِمُ)

فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعُمَرُ آخِذٌ بِحِمَالَةِ سَيْفِهِ فِي …

عُنُقِهِ، قَالَ: أَرْسِلْهُ يَا عُمَرُ، اُدْنُ يَا عُمَيْرُ، فَدَنَا ثُمَّ قَالَ: انْعَمُوا صَبَاحًا، وَكَانَتْ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “قَدْ أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِتَحِيَّةِ خَيْرٍ مِنْ تَحِيَّتِكَ يَا عُمَيْرُ، بِالسَّلَامِ: تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ“: فَقَالَ: أَمَا وَاَللَّهِ يَا مُحَمَّدُ إنْ كُنْتُ بِهَا لَحَدِيثُ عَهْدٍ، قَالَ: “فَمَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَيْرُ“؟ قَالَ: جِئْتُ لِهَذَا الْأَسِيرِ الَّذِي فِي أَيْدِيكُمْ فَأَحْسِنُوا فِيهِ، قَالَ: “فَمَا بَالُ السَّيْفِ فِي عُنُقِكَ“؟ قَالَ: قَبَّحَهَا اللَّهُ مِنْ سُيُوفٍ، وَهَلْ أَغْنَتْ عَنَّا شَيْئًا؟ قَالَ: “اُصْدُقْنِي، مَا الَّذِي جِئْتَ لَهُ“؟ قَالَ:
مَا جِئْتُ إلَّا لِذَلِكَ، قَالَ: “بَلْ قَعَدْتَ أَنْتَ وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ فِي الْحِجْرِ، فَذَكَرْتُمَا أَصْحَابَ الْقَلِيبِ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ قُلْتُ: لَوْلَا دَيْنٌ عَلَيَّ وَعِيَالٌ عِنْدِي لَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْتُلَ مُحَمَّدًا، فَتَحَمَّلَ لَكَ صَفْوَانُ بِدَيْنِكَ وَعِيَالِكَ، عَلَى أَنْ تَقْتُلَنِي لَهُ، وَاَللَّهُ حَائِلٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ ذَلِكَ“، قَالَ عُمَيْرٌ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، قَدْ كُنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُكَذِّبُكَ بِمَا كُنْتُ تَأْتِينَا بِهِ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَمَا يَنْزِلُ عَلَيْكَ مِنْ الْوَحْيِ، وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يَحْضُرْهُ إلَّا أَنا وَصَفوَان، فو الله إنِّي لَأَعْلَمُ مَا أَتَاكَ بِهِ إلَّا اللَّهُ، فَالْحَمْدُ للَّه الَّذِي هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ، وَسَاقَنِي هَذَا الْمَسَاقَ، ثُمَّ شَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “فَقِّهُوا أَخَاكُمْ فِي دِينِهِ. وَأَقْرِئُوهُ الْقُرْآنَ، وَأَطْلِقُوا لَهُ أَسِيرَهُ“، فَفَعَلُوا.