الابحاث العلمية

القسم3

الأبحاث العلمية

 

الباب الأوَّل

طريقة حسابيّة تقريبيّة لتصحيح تواريخ بعض الأحداث المؤرخة في السيرة النبويّة

تتعدد الروايات المذكورة في مصادر السيرة النبويّة حول تاريخ حدث معيّن حتى بعد تضعيف وتصحيح المحدثين لتلك الروايات ما يجعل القارئ في حيرة وعدم تأكد من تاريخ الحدث، فكان لابد أن تتبع هذه التصحيحات الحديثية تصويبات حسابيّة إذ التاريخ لا يرتبط فقط بالرواية وإنما أيضاً بالحساب والممكن؛ يقدم هذا البحث طريقة حسابيّة تقريبيّة مبسّطة لتصويب الروايات الأضعف بناءاً على الروايات الأقوى ما يمكّن من حصر روايات بعض الأحداث في تاريخين على الأكثر وضبط التواريخ الفاصلة في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضبطاً علمياً.

ما المشكلة؟

ذكرت لنا كثير من روايات السيرة النبويّة الشريفة تأريخاً لغالب الأحداث التي وقعت في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد تفاوتت الروايات والأخبار في نقل التواريخ تفاوتاً كبيراً من حيث المنهج، حيث اعتمدت أحياناً على حفظ الرواة أو تقديرهم للزمن أو مزيج بين الاثنين غالباً، فعلى سبيل المثال ذكر ابن هشام (218هـ) رواية عن ابن إسحاق قال ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول عام الفيل (السيرة النبويّة لابن هشام، ص 83، ط. مؤسس المعاررف – بيروت-2007)، وذكر ابن سعد (230هـ) في الطبقات الكبرى رواية عن أبي جعفر محمد الباقر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولد يوم الاثنين لعشر ليال خلون من شهر ربيع الأول (الطبقات الكبرى، ج1، ص 81، ط. الخانجي)، وذكر ابن سيد الناس (734هـ) في عيون الأثر (عيون الأثر، ج1، ص 40، ط. الهيئة المصرية العامّة للكتاب) عدة راويات عن المولد، منها أنه لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأوّل، ومنها أنه لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان، ومنها لليلتين خلتا من ربيع الأوّل، ومنها لثمان خلون منه، ومنها أنه أوّل اثنين من ربيع الأوّل، وذكر ابن كثير (774هـ) جمعاً من الروايات في البداية والنهاية عن ابن حزم والزهري وذكر أنه صححه الخوارزمي وأهل الحساب أن المولد كان في ثمان مضين من شهر ربيع الأوّل، ونقل عن ابن دحية أنه لعشر خلون منه وعن ابن عبد البر أنه لليلتين خلون منه (السيرة النبويّة مقتضباً من البداية والنهاية، ج1، ص 160، ط، دار الفكر- بيروت- 2005).

ومع هذا الزخم والثراء في الروايات والأخبار التي قد تتعدد للحدث الواحد يقع القارئ في حيرة من أمره، فأي التواريخ أصح؟، لقد أدى علماء المسلمون القدماء دورهم في نقل كل ما أمكنهم من أخبار وروايات للسيرة لمن جاء بعدهم واعتنوا بذلك اعتناءا بليغاً، ودققوا في الروايات ووضعوها في ميزان الصنعة الحديثية لتحديد صحتها من عدمه، لكن لم تحظ تواريخ السيرة بمراجعة تعتمد على الحساب كما عنيت بالتصحيح الحديثي للروايات إلا بعض المحاولات في ثنايا الكتب المذكورة جملة غير مستفيضة كنقل بعضهم عن الخوارزمي وبعض تحقيقات البيروني في الآثار الباقية، ونزعم أن وضع الروايات المختلفة التي ثبتت صحتها في ميزان الحساب يتيح مستوى أعمق وأدق لفهم السيرة النبويّة الشريفة ورسم صورة أوضح عن أيّام النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

ما هو الحل المقترح لحل هذه المشكلة؟

ونحاول في بحثنا هذا أن نلقي الضوء على طريقة حسابيّة مبسّطة تبني على الروايات الصحيحة مستوى آخر من التصحيح بناءاً على الحساب ووضع التواريخ المختلفة المروية للحدث الواحد جنباً إلى جنب في ميزان حسابي لاستخلاص التاريخ “الأصح” منها، وهي ليست طريقة حسابيّة محضة وإنما هي تعتمد على صحة بعض الروايات وتبني عليها وتخلص إلى نتيجة إما تعضد هذه الروايات أو تنبه على خطأ فيها كما سنبين، وقد بنيت هذه الطريقة على ثلاث روايات اتُّفق على صحتها وشهرتها في السيرة والسنة النبويّة الشريفة:

  • الأولى عن”يوم الاثنين”: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولد يوم الاثنين وبُعث يوم الاثنين وهاجر يوم الاثنين وانتقل للرفيق الأعلى يوم الاثنين – مع بعض الروايات تزيد أنه خرج من مكة يوم الاثنين ودخل المدينة يوم الاثنين ورفع الحجر يوم الاثنين ونزلت عليه البقرة يوم الاثنين وغير ذلك-.
  • وهو لما أخرجه مسلم في كتاب الصيام أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن صيام يوم الاثنين فقال: “ذاك يوم ولدت فيه وأنزل علي فيه“، وعند أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الاثنين واستنبيء يوم الاثنين وخرج مهاجراً من مكة إلى المدينة يوم الاثنين وقدم المدينة يوم الاثنين وتوفي يوم الاثنين ورفع الحجر يوم الاثنين”.
  • ولما أخرجه البخاري في كتاب الجنائز عن أم المؤمنين عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم توفي يوم الاثنين.
  • الثانية عن “عمر النبيّ”: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بُعث على رأس أربعين 40 سنة قمريّة من مولده الشريف، ومكث بمكّة ثلاثة عشرة 13 سنة قمريّة ثم هاجر ووصل المدينة يوم مولده على رأس ثلاثة وخمسون 53 عاماً من مولده الشريف، وأنه انتقل للرفيق الأعلى يوم أن أتمَّ ثلاثاً وستون 63 عاماً قمريّاً على الأصح.
  • وهو لما أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم توفي وهو ابن ثلاث وستين.
  • الثالثة عن “حجّة الوداع”: أن يوم عرفة من حَجّة الوداع (9 ذو الحجّة) قد وافق الجمعة سنة 10هـ.
  • وهو لما أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب حجّة الوداع، ومسلم والترمذي في كتاب التفسير والنسائي في كتاب المناسك، وأحمد في مسند عمر بن الخطّاب بطرقهم وأجمعت عليه الأمّة: قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطّاب فقال: يا أمير المؤمنين إنكم لتقرؤون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً. قال: وأي آية؟ قال: قوله تعالى: {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً} [المائدة: 3]، فقال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والساعة التي نزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشيّة عرفة في يوم الجمعة.

وعلى الروايتين الأوّلى والثانية تنقسم مراحل حياة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى ثلاث مراحل كُبرى نعرف أوّلها وآخرها ومدة كل منها بالسنوات القمريّة:

  1. من الميلاد إلى البعثة (أربعون سنة 40 قمريّة تامّة، تبدأ يوم الاثنين من شهر ربيع الأوّل – على خلاف في اليوم – وتنتهي في ذات اليوم).
  2. من البعثة إلى الهجرة (ثلاث عشرة 13 سنة قمريّة تامّة، تبدأ يوم الاثنين من شهر ربيع الأوّل – على خلاف في اليوم – وتنتهي في ذات اليوم).
  3. من الهجرة إلى الانتقال (عشر سنوات 10 قمريّة تامّة، تبدأ يوم الاثنين من شهر ربيع الأوّل – على خلاف في اليوم – وتنتهي في ذات اليوم).

ومن الرواية الثالثة – تاريخ حجّة الوداع -، نستنتج أن ثاني أيّام التشريق – 12 ذو الحجّة – قد وافق الاثنين أيضاً، وهو تاريخ كامل – محدد يوم الأسبوع ويوم الشهر والشهر والسنة – نحن على يقين من صحّته من الروايات باتفاق المسلمين، وسنرى فائدة هذه المعلومة لاحقاً.

وبيسير تأمّل نستنتج معلومة إضافيّة هامّة، وهي أن كل مرحلة ليس فقط لدينا عدد سنواتها – وشهورها -، لكنّها أيضاً تتكون من أسابيع صحيحة، بمعنى أنه بين الميلاد والبعثة 40 سنة قمريّة تامّة مكوَّنة من عدد أسابيع صحيحة لأنها بدأت بالاثنين وانتهت به، وكذلك بين البعثة إلى الهجرة 13 سنة قمريّة تامّة مكونَِّة أيضاً من أسابيع صحيحة وكذلك من الهجرة للانتقال، وكما استنتجنا بين الهجرة وثاني أيّام التشريق من حجّة الوداع.

وفائدة ذلك؛ أن عدد أيّام الشهر القمري يتفاوت من شهر لآخر بين 29 و 30 يوماً كما هو مُشاهَد، وبالتالي عدد أيّام السنة المقريّة تتفاوت من سنة لأخرى، فيصعب علينا جداً معرفة عدد الأيّام الحقيقي التي مرّت بين الهجرة وثاني أيّام التشريق من حجّة الوداع مثلاً، وهي معلومة مهمة إن أردنا ضبط التواريخ باليوم والشهر ضبطاً علمياً، وهنا تأتي فائدة معلومة الأسابيع الصحيحة، فإننا إذا علمنا أن المتوسط التقريبي لعدد أيّام الشهر القمري (الاقتراني) هو 29.530589 يوماً طبقاً لآخر النظريات الفلكيّة الحديثة (Astronomical Algorithms 2nd Ed.,Jean Meeus

, P.354) – بمعنى آخر يساوي 29 يوماً و 12 ساعة و 44 دقيقة و 3 ثوان، وهو متوسط تقريبي معمول به، أما عدد أيّام الشهر القمري على الحقيقة فإنّها تتفاوت جداً بين شهر وآخر بين 29 و 30 يوماً فتختلف عدد الساعات لكنّها تحوم حول هذا المتوسط-، وإذا علمنا أن ثاني أيّام التشريق قد وافق الاثنين 12 ذو الحجة 10هـ يقينا، فنفرض أن يوم دخول المدينة من الهجرة الشريفة قد وافق الاثنين 12 ربيع الأوّل 1هـ، على الرواية المشهورة التي ذكرها ابن إسحاق ثم نراجع بالحساب صحّة هذه الرواية على يقيننا من رواية حجّة الوداع، فبضرب المتوسّط المذكور في عدد الأشهر بين الهجرة وثاني أيّام التشريق من حجّة الوداع نحصل على متوسط عدد الأيّام بينهما هكذا:

بين الاثنين 12 ذو الحجة 10 هجري

والاثنين 12 ربيع الأول 1 هجري يساوي:

8 سنوات × 12 شهر قمري كاملاً باستثناء سنة 1 هـ وسنة 10 هـ = 96 شهراً

+ 11 شهراً من بداية سنة 10 هـ إلى آخر ذو القعدة 10 هـ = 107 شهراً

+ 9 شهور من أول ربيع الآخر إلى نهاية سنة 1 هـ = 116 شهراً

————————————————————————

وهي بالأيام = 116 × 29.530589 = 3425.5448324 يوماً

+ 11 يوم من بداية ذو الحجة إلى يوم 12 منه 10هـ = 3436.5448324 يوماً

+ 17 أو 18 يوم – بحسب عدد أيّام ربيع الأوّل هذه السنة – من 13 ربيع إلى آخر ربيع الأول 1 هـ = 3453.5448324 يوماً أو  3454.5448324 يوماً

وبقسمة عدد الأيام على 7 لابد أن يعطينا رقما صحيحا لأن عدد الأسابيع صحيحة بينهما بافتراض صحة أن 12 ربيع الأول 1 هـ كان موافقا الاثنين، وعليه يكون عدد الأسابيع بين هذين التاريخين بالكسور:

في حالة أن ربيع الأول 1هـ كان 29 يوماً (بإضافة 17 يوماً لعدد الأيام) = 493.363547486 أسبوعاً

في حالة أن ربيع الأول 1هـ كان 30 يوماً (بإضافة 18 يوماً لعدد الأيام) = 493.506404629 أسبوعاً

وفي كلا الحالتين عدد الأسابيع ليس رقما صحيحا، وعليه تكون فرضية أن الاثنين وافق 12 ربيع الأول 1 هـ خاطئة ليقيننا أن 12 ذو الحجّة من حجّة الوداع وافق الاثنين، ولمعرفة التاريخ الذي وافقه 12 ربيع الأول 1 هـ نأخذ الكسر في الحالتين ونضربه في 7 ليعطينا عدد الأيام الزيادة على يوم الاثنين المفترض سلفاً خطؤه وعليه يكون لدينا:

في الحالة الأولى: 0.363547486 × 7 = 2.5448 يوماً زائداً = 3 أيّام (كسر اليوم يعني يوماً) وبزيادة 3 أيّام على الاثنين يعطينا يوم الخميس

وفي الحالة الثانية: 0.506404629 × 7 = 3.5448 يوماً زائداً = 4 أيّام (كسر اليوم يعني يوماً) وبزيادة 4 أيّام على الاثنين يعطينا يوم الجمعة

وعليه يكون 12 ربيع الأوّل 1 هـ إما موافقا يوم الخميس أو الجمعة وليس الاثنين، ويكون يوم الاثنين الأقرب إليه إمّا موافقاً 8 أو 9 ربيع الأوّل 1 هـ فيكون تاريخ الهجرة قطعاً لا يوافق 12 ربيع الاوّل لأن الهجرة وقعت يوم الاثنين، وتنحصر الاحتمالات بين 8 أو 9 ربيع الأوّل 1 هـ والله أعلم.

وعلى نفس رواية حجّة الوداع يمكن أن نراجع تاريخ الميلاد الشريف، حيث ذكرت غالب المصادر أن المشهور هو الاثنين 12 ربيع الأوّل وأن هذا كان قبل الهجرة بثلاث وخمسون سنة قمريّة حيث قضى صلى الله عليه  وآله وسلم في مكّة 40 سنة حتى البعثة ثم 13 عشر سنة إلى الهجرة الشريفة وكلّهم أسابيع صحيحة كذلك لأنه ولد يوم الاثنين ودخل المدينة من الهجرة يوم الاثنين وقد أتمّ ثلاثاً وخمسون سنة قمريّة تامّة، فإذا كان الاثنين قد وافق ثاني أيّام التشريق – 12 ذو الحجّة – يقينا من حجّة الوداع يمكننا أن نقول أنّ:

بين الاثنين 12 ذو الحجّة 10 هـ

والاثنين 12 ربيع الاوّل 53 ق.هـ يساوي

53 سنة قمريّة تامّة × 12 شهراً من الميلاد وحتى 1 هـ = 636 شهراً

+ 9 سنوات قمريّة تامّة × 12 شهراً من 1 هـ وحتى 10 هـ = 744 شهراً

+ 8 شهور كاملة من ربيع الآخر إلى آخر ذو القعدة 10 هـ = 752 شهراً

—————————————————————————–

وهي بالأيّام = 752 × 29.530589 = 22207.002928 يوماً

+ 11 يوم من بداية ذو الحجة إلى يوم 12 منه 10 هـ = 22218.002928 يوماً

+ 17 أو 18 يوم – بحسب عدد أيّام ربيع الأوّل هذه السنة – من 13 ربيع إلى آخر ربيع الأول 53 ق. هـ = 22235.002928 يوماً أو 22236.002928 يوماً

وبقسمة عدد الأيام على 7 لابد أن يعطينا رقماً صحيحاً لأن عدد الأسابيع صحيحة بينهما بافتراض صحة أن 12 ربيع الأول 53 ق.هـ كان موافقا الاثنين، وعليه يكون عدد الأساببع بين هذين التاريخين بالكسور:

في حالة أن ربيع الأول 53 ق.هـ كان 29 يوماً (بإضافة 17 يوماً) = 3176.428989714 أسبوعاً

في حالة أن ربيع الأول 53 ق.هـ كان 30 يوماً (بإضافة 18 يوماً) = 3176.571846857 أسبوعاً

وفي كلا الحالتين عدد الأسابيع ليس رقما صحيحا، وعليه تكون فرضية أن الاثنين وافق 12 ربيع الأول 53 ق.هـ خاطئة ليقيننا أن 12 ذو الحجّة من حجّة الوداع وافق الاثنين، ولمعرفة التاريخ الذي وافقه 12 ربيع الأول 53 ق.هـ نأخذ الكسر في الحالتين ونضربه في 7 ليعطينا عدد الأيام الزيادة على يوم الاثنين الذي ثبت سلفاً خطؤه وعليه يكون لدينا:

في الحالة الأولى: 0.428989714 × 7 = 3.00292 يوماً زائداً = 3 أيّام (بإهمال الكسر) وبزيادة 3 أيّام على الاثنين يعطينا يوم الخميس (الجمعة بجبر الكسر)

وفي الحالة الثانية: 0.571846857 × 7 = 4.00292 يوماً زائداً = 4 أيّام (بإهمال الكسر) وبزيادة 4 أيّام على الاثنين يعطينا يوم الجمعة (السبت بجبر الكسر القليل)

وعليه يكون 12 ربيع الأوّل 53 ق. هـ قد وافق الخميس أو الجمعة أو حتى السبت بجبر الكسر، وعليه يكون الاثنين قد وافق 7 أو 8 أو 9 ربيع الأوّل 53 ق. هـ ولم يوافق 12 قطعاً.

ولأن بين الهجرة والميلاد 53 سنة قمريّة تامّة مكوّنة من أسابيع صحيحة وقد صوّبنا تاريخ الهجرة بأنه الاثنين 8 أو 9 ربيع الأوّل، فنكرر الحساب على مابين الميلاد والهجرة للتأكيد، على فرض أن الميلاد وافق الاثنين 7 ربيع الأوّل كما حققنا إمكانه، وأن الهجرة وافقت 8 ربيع الأوّل أيضاً نحسب المدّة بينهما للتأكيد هكذا:

بين الاثنين 7 ربيع الأولّ 53 ق.هـ وبين الاثنين 8 ربيع الأوّل 1 هـ

52 سنة قمريّة تامّة من ربيع الآخر × 12 شهراً = 624 شهراً

+ 11 شهراً من ربيع الآخر 53 ق.هـ إلى آخر 53 ق.هـ = 635 شهراً

———————————————————————-

وهي بالأيّام = 18751.924015 يوماً

+ 22 أو 23 يوم – بحسب عدد أيّام ربيع الأوّل هذه السنة – من 7 ربيع إلى آخر ربيع الأول 53 ق.هـ = 18773.924015 يوماً أو 18774.924015 يوماً

ثم نقسم النواتج ع لى 7 لنحصل على عدد الأسابيع.

في حالة أن ربيع الأول 53 ق.هـ كان 29 يوماً (بإضافة 22 يوماً) = 2681.989145 أسبوعاً

في حالة أن ربيع الأول 53 ق.هـ كان 30 يوماً (بإضافة 23 يوماً) = 2682.132002 أسبوعاً

في الحالة الأولى: 0.989145 × 7 = 6.924015 يوماً زائداً = 7 أيّام (بجبر الكسر)

والزيادة معناها هنا – لعدم تيقننا من تاريخ الهجرة أو الميلاد -، أن تاريخ الميلاد قد يكون مقدّما أسبوعاً على فرضية أنّه في 7 ربيع الأوّل التي تم عليها الحساب وعليه يكون الميلاد 29 أو 30 صفر 53 ق.هـ وهو خطأ، أو يكون تاريخ الهجرة تأخر بنفس مقدار الزيادة فيكون وقع في 15 أو 16 ربيع الأول 1 هـ وهو خطأ أيضاً أو يكون احتمال أن ربيع الأوّل 53 ق.هـ كان 29 يوماً هو احتمال خاطيء بالكليّة، فنستبعده في أي حساب تالٍ.

وفي الحالة الثانية: 0.571846857 × 7 = 0.924015 يوماً زائداً = 1 يوماً واحداً (بجبر الكسر)

وبزيادة يوماً واحداً تعني أن الميلاد قد وافق 8 غالباً لا 7 ربيع الاوّل، أو أن الهجرة وافقت 9 ربيع الأوّل وكليهما وضّحنا إمكانه غير أن هذه الحالة تجعل 7 ربيع الأوّل للميلاد مستبعداً، لأن الحالة الأولى باطلة.

فيكون الميلاد قد وقع غالباً في الاثنين 8 أو 9 ربيع الأوّل وكذلك الهجرة الشريفة.

النتائج

من خلال هذه الطريقة المبسّطة أمكننا تصحيح بعض روايات التواريخ في السيرة النبويّة بعضها ببعض من خلال الروايات الصحيحة المتفق على صحتها والتي لا خلاف عليها بمراجعة تلك المختلف في تاريخها مع شهرتها في بعض المصادر وبالتالي حصر احتمالات التواريخ في “ممكنات” حسابيّة بناءاً على الروايات الأصح، وهو ما يفتح آفاقاً جديدة لمراجعة كثير من تواريخ الأحداث المذكورة في السيرة النبويّة لبعضها البعض وبالتالي ترتيب أوضح لأحداث حياته الشريفة وتحديد الأيّام الأحداث بدقّة لا تشتت المطلع على السيرة وتبني تقويماً متناسقاً للفترة النبويّة الشريفة. كما يمكن تطبيق هذه الطريقة بالمثل على روايات البعثة والانتقال لتصحيح تواريخها بما يتسق وكون عرفة من حجّة الوداع وافق الجمعة، وأنها وقعت كلها يوم الاثنين كما ذكرنا في المثالين التطبيقيين.

المراجع

السيرة النبويّة لابن هشام، ط. مؤسسة المعارف، بيروت

الطبقات الكبرى، ط. الخانجي، القاهرة

عيون الأثر، ط. الهيئة المصرية العامّة للكتاب

السيرة النبويّة مقتضباً من البداية والنهاية، ط. دار الفكر، بيروت

Astronomical Algorithms 2nd Edition.,Jean Meeus

 

الباب الثاني

الأساس العلمي لإنتاج التقويم الفلكي للفترة النبوية الشريفة

لبناء تقويماً هجرياّ على أساس علمي لفترة حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قُمت ببناء برمجيَّة حاسوبية متكاملة لتوليد التقويم بناءاً على الحساب الفلكي لإحداثيَّات المُراقب العالميَّة ويوم ووقت المُراقبة لتحديد أوائل الشهور الهجريّة باستخدام نماذج تحديد وقت ميلاد الهلال ومعايير كشف إمكان رؤية الهلال من عدمه في هذا الوقت من التاريخ الماضي.

تكمن صعوبة بناء تقويماً هجرياً في تحديد أوائل الشهور الهجرية، حيث تعتمد أوائل الشهور الهجرية على رؤية الهلال بالعين المُجرَّدة في الماضي في مكان مُعين لمعرفة ما إذا كان الشهر العربي الجديد قد بدأ، وإذا توافرت لدينا تواريخ وأوقات بداية الشهور الهجريّة كان توليد تقويماً كاملاً منها أمراً هيّناً، وهذا ما قمت به من خلال برمجيَّة آستروكال.

تعتمد برمجيَّة أستروكال بالأساس على الخوارزميَّات المُلَخِصة لنماذج الشمس والقمر التي فَصَّلَها الفلكي البلجيكي المُعاصر جان ميوس Jean Meeus في كتابه Astronomical Algorithms وقد عزاها إلى النماذج الرياضيَّة المطوَّلة التي استخلصها الزوجان جان شابرو Jean Chapront وميشال شابرو-توزى Michelle Chapront-Touze، والتي قاما بتطويرها بين عام 1970 و 1990، وأُطلق عليها “التقويم القمري الباريسي” Éphéméride Lunaire Parisienne، ويعتبر النموذج الرياضي الذي طوَّراه هو أحدث وصف رياضي لحركة القَمَر، ويصلح هذا النموذج لوصف حركة القمر حتى سنة 4000 قبل الميلاد إلى 4000 ميلادي، وهو ما يُغطي أغلب الماضي المعروف والحاضر وكثير من المستقبل أيضاً.

هذا بالنسبة لتحديد مواضع القمر ووقت ميلاد الهلال، ومواضع الشمس، أمَّا بالنسبة لإمكان رؤية الهلال بالعين المُجَرَّدَة، فقد اعتمدت في آستروكال على معيار يالوب Yallop، وهو معيار استقرائي حديث (1997)، ثم المعيار الذي استخلصه الفلكي المعاصر محمد شوكت عودة في بحثه الاستقرائي المُوَسَّع New Criterion For Lunar Cresent Visibility، وقد طوَّر السيد عودة برمجيَّة متميزة لحساب مواقيت الشمس والقمر وتحديد رؤية الأهلّة وهي برمجيّة “المواقيت الدقيقة”، وقد استخدمنا بعض نتائجها في مُراجعة نتائج آستروكال، غير أننا لم نستخدمها من البداية لوجود بعض أخطاء بها – وقت بناء آستروكال – ولمحدودية استخدامها بالنسبة للمشروع الذي نقوم بخدمته.

وهذا مُلخص بمعطيات ومخرجات برمجيَّة آستروكال:

  • المُعطيات:
  • إحداثيات المُراقب (خط الطول وخط العرض والارتفاع عن سطح البحر).
  • النطاق الزمني للمُراقِب بالساعات.
  • وقت المشاهدة من اليوم.
  • اليوم والشهر والسنة بالتقويم اليولياني/الجريجوري أو الهجري أو اليهودي أو النسيء.
  • المُخرجات:
  • إحداثيَّات الشمس.
  • إحداثيَّات القمر سطحياً ومركزياً.
  • توقيت ولادة الهلال سطحياً ومركزياً لأقرب بداية للشهر العربي.
  • توقيت شروق وغروب وتعامد الشمس والقمر.
  • مواقيت  الصلاة لهذا اليوم: (المغرب – العشاء – منتصف الليل – الثلث الأخير – فجر – شروق – ظهر – عصر).
  • التحويل التاريخ من وإلى:
  • هجري (تقريبي – فلكي).
  • ميلادي (يولياني/جريجوري).
  • يهودي.
  • نسيء (24-36)
  • وهذه صورة من واجه البرمجيّة:

123456

الباب الثالث

الإحداثيّات التقريبيّة لمعالم غزوة بدر والطريق إليها من المَدِينَة المُنَوَّرة

ذكرت لنا روايات السيرة النبويَّة الطريق التي سلكها النبي صىلى الله عليه وآله وسلم في غزوة بدر والأماكن التي مرّ عليها في الطريق، وقد اهتمَّت المصادر الجغرافيّة القديمة لعلماء المسلمين بكشف الكثير من أوصاف هذه الأماكن ومواقعها بالنسبة للأماكن المشهورة، وهناك الكثير من الجهود المعاصرة لمزيد تحقيق لتلك الأماكن ومواقعها الجغرافيّة، يحاول هذا البحث جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن تلك الأماكن وأوصافها الدقيقة من أعمال القدماء والمعاصرين لاستنتاج إحداثيّات تقريبيّة يمكن من خلال رسم خريطة رقميّة واضحة للطريق التي سلكها النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى بدر.

 

ما المشلكة؟

اهتم بعض رواة السيرة النبويّة، كابن إسحاق (ت. 151هـ)، والواقدي (ت 207 هـ)، بذكر الطريق التي سلكها النبي صىلى الله عليه وآله وسلم في غزواته وسفراته، وقد اهتم علماء الجغرافيا والبلدانيّات المسلمون بوصف هذه الأماكن  وتحديد مواضعها والمسافات فيما بينها، كالبكري الأندلسي (ت. 478 هـ)، وياقوت الحموي (ت. 626 هـ)، ومن المُعاصرين حمد الجاسر (ت. 1421 هـ)، وعاتق البلادي (ت. 1431 هـ)، وقد تفاوتت أوصافهم للأماكن والمعالم بين وافٍ في بعض الأحيان وغامض في أحيان أخرى، ومنعدم في عدد لا بأس به من المعالم التي اندثرت اندثاراً تامًّا فأوقعتهم في حَيْرَة.

وبالنظر إلى ما قام به الجغرافيّون المتقدمون أو حتى المعاصرون من مجهودات محمودة، فإن أعمالهم تظلّ حبيسة الكتب عصيّة على القارئ غير المتخصص، حيث اشتملت على تحليلات ومقاربات حسابية وجغرافيّة تحتاج لتأمل وتدبُّر قبل الجزم بموقع مكان مُعيَّن، ومثال ذلك من كلام الحربي (ت. 285 هـ)، والبكري (ت. 478 هـ) عن مَلَل أن بينها وبين السَّيَالَة سبعة أميال – وهما موضعين على طريق المدينة: مكّة -، ويذكر ابن خرداذبة في  الطريق بين مكّة والمدينة أن بينهما تسعة عشر ميلاً! … وهكذا، فأيهم الصواب؟، ولماذا؟، كل ذلك بحاجة لتأمل في كلامهم مع طول النظر إلى الخريطة الجغرافيّة للحجاز للتوصل لتصوّر مقبول عن الأماكن والمسافات بلُغة العصر الحديث، حيث يعتمد العمل الخرائطي الحديث في مجملة على الإحداثيّات العالمية الموحَّدَة والتي تُسَهِّل كثيراً نسبة الأماكن وتوقيعها جغرافياً، وهو ما قد يستعصي على كُل أحد القيام به – يحتاج لمتخصص -، ونزعم أن تحليل تلك الروايات والأوصاف جغرافياً يُعطي تصوّراً علمياً مقبولاً بلغة العصر الحديث يمكن صياغته في صورة إحداثيّات للطريق والمعالم التي مرّ عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما يُعزز الفائدة لدى القارئ في السيرة النبوية الشريفة فيكون عنده تصوّر واقعي عن المسافات والأماكن وزمن  السفر.

ما هو الحل المقترح لحل هذه المشكلة؟

ونحاول في بحثنا هذا أن نجمع أكبر قدر من المعلومات عن كل معلم من المعالم التي ذكرها ابن إسحاق في طريق النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى بدر، سواء من كتابات القدماء أو المعاصرين، ثم تحليل تلك الروايات قدر الإمكان للوصول لإحداثيّات تقريبيّة للمواضع وترسيم المسافات بينها، وسأذكر رواية ابن إسحاق وأتبعها بتحليل لكل موضع ذُكر في الرواية ثم النتيجة المُستخلصة كإحداثيّات جغرافيّة للموضع، وقد أضفت بعض الأماكن التي ذكرها ابن إسحاق الواقدي في ثنايا الكتابين في غير النص على الطريق والله المستعان.

روى ابن هشام عن ابن إسحاق في غزوة بدر قال: “فسلك طريقه من المدينة إلى مكّة على نقب المدينة، ثم على العقيق، ثم على ذي الحُليفة، ثم على أولات الجيش ثم مرّ على تُربان ثم على ملل ثم على غميس الحمام من مَرَيين ثم على صُخيرات اليمام ثم على السيالة ثم على فج  الروحاء ثم على شنوكة وهي الطريق المعتدلة.”

ثم قال: “ونزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سجسج وهي بئر الروحاء، ثم ارتحل منها، حتى إذا كان بالمُنصَرَف، ترك طريق مكة بيسار، وسلك ذات اليمين على النازية، يريد بدراً، فسلك في ناحية منها، حتى جزع وادياً يقال له رحقان، بين النازية ومضيق الصفراء، ثم على المضيق، ثم انصب منه حتى إذا كان قريباً من الصفراء …”

ثم قال: “ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلمّا استقبل الصفراء وهي قرية بين جبلين سأل عن جبليها، ما أسماؤهما؟ فقالوا يقال لأحدهما: هذا مُسْلِح، وقالوا للآخر: هذا مخرئ أو مخزي، وسأل عن أهلهما، فقيل: بنو النار وبنو حُراق بطنان من بني غِفار، فكرههما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمرور بينهما، وتفاءل بأسمائهما وأسماء أهلهما، فتركهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والصفراء بيسار، وسلك ذات اليمين على وادٍ يقال له: ذفران، فجزع فيه ثم نزل …”

ثم قال: “ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ذفران فسلك على ثنايا يقال لها الأصافر، ثم انحط منها إلى بلد يقال له الدَّبَة وترك الحَنَّان بيمين وهو كثيب  عظيم كالجبل العظيم، ثم نزل قريباً من بدر، فركب هو ورجل من أصحابه، قال بن هشام: الرجل هو أبو بكر الصديق …”

وفي طريق الرجوع قال الواقدي: “فقدَّم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عبد الله بن رواحة وزيد بن حارثة من الأُثَيْل بشيرين لأهل المدينة وأهل العالية”.

وعند ابن إسحاق عند الرجوع: “ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى إذا خرج من مضيق الصفراء، نزل على كثيب بن المضيق وبين النازية، يقال له: سير إلى سرحة به”.

ثم قال: “حتى إذا كان بالصفراء، قُتِلَ النضر بن الحارث”، “ثم خرج حتى إذا كان بعرق الظُّبيَة قُتِلَ عُقبة بن أبي معيط”.

وهذا جدول بالأماكن المذكورة في الروايات:

1 المدينة
2 بئر أبي عنبة
3 نقب المدينة
4 وادي العقيق
5 ذو الحُلَيْفَة
6 أُولاَت الجِيش أو ذات الجِيش
7 تُربَان
8 مَلَل
9 غَمِيس الحَمَام من مَرَيَين
10 صُخَيْرَات اليَمَام
11 السَّيَالة
12 فجّ الرَّوحَاء
13 شَنُوكَة
14 بئر الرَّوحَاء (سجسج)
15 المُنصَرَف
16 النَّازِية
17 وادي رحقان
18 مضيق الصفراء
19 وادي الصفراء
20 قَرية الصفراء
21 جَبَل مُسْلِح
22 جبل مُخرِئ أو مُخزِي
23 وادي ذَفِرَان
24 ثنايا الأًصَافِر
25 الدَّبة
26 الحَنَّان
27 بَدْر
28 العدوة القصوى والعدوة الدنيا
29 الأُثَيْل

وهذا تفصيل كل معلم من المعالم، واستخلاص إحداثيّاته:

بئر أبي عنبة

قال الفيروز أبادي في المغانم (ج2، ص 647): “بئر أبي عنبة بلفظ واحدة العنب: بينها وبين المدينة مقدار ميل”.

قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ج1، ص 164): “قال ياقوت: بئر بينها وبين المدينة مقدار ميل، وهناك اعترض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه عند مسيرة بدر، ويفهم من هذا أنها في الجنوب الغربي من المدينة وهي اليوم لا شك داخل عمرانها”.

وإذا قِسنا من المسجد النبوي الشريف مقدار ميل فلكي على طريق الخروج من المدينة (طريق ذو الحليفة)، فإن هذه البئر تكون قريباً من محطّة سكة حديد المدينة المنورة أو داخلها بمنطقة العنبرية، وهذه إحداثيات تقريبية لها:

خط طول 39.597050 درجة شرقاً
خط عرض 24.458467 درجة شمالاً

وعندها استعرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم الجيش ورد من استصغر.

الحُفَيْر

قال الحربي في المناسك: ومن ذي الحليفة إلى الحفير ستة أميال، وفيه متعشى وأبيات وبئر طيبة حفرها عمر بن عبد العزيز، غزيرة الماء، ومسجد. وحمراء الأسد فوق ذي الحليفة بثلاثة أميال يسرة عن طريق إذا أصعدت إلى مكّة.

ولم يَذكُر  الحُفير غير الحربي فيما وقفتُ عليه،  ولعلّها اندثرت بعد زمنه ولا ذكر لها كذلك عند عاتق البلادي، وتحديد موضعها الآن يظهر لي أنّه سهل، لأن الطريق من ذي الحُليفة إلى الحرّة منبسطة فكان السير فيها على خط مستقيم غالباً، وتكون الحفير هذه تقريباً في أوَّل الحرَّة على ما هو الآن طريق المدينة – ينبع القديم وتكون إحداثياتها كالآتي:

الحُفَيْر
خط طول 39.447156 درجة شرقاً
خط عرض 24.362649 درجة شمالاً

وادي العَقِيق

وادي العقيق معروف إلى الآن باسمه وهو من أشهر أودية المدينة المنوَّرة، ويمتد من جنوب المدينة المنوَّرة ويُسمَّى من عند منابع مياهه وادي النقيع حتى يسير حوالي 30 كم باتجاه الشمال الغربي إلى أن يصل جنوب آبار الماشي فيُسمّى بوادي عقيق الحسا، ثم إذا عبر آبار الماشي سُمي بوادي العقيق ويمتد حوال 35 كم إلى المدينة  المنوَّرة عند آبار علي (ذو الحُليفة).

وهذه حدوده بخطوط الطول والعرض بحسب عاتق البلادي وخرائط هيئة المساحة السعوديّة:

وادي العقيق
بامتداد خط طول 35.57 درجة شرقاً تقريباً
من خط عرض 24.46 درجة شمالاً تقريباً
إلى خط عرض 24.20 درجة شمالاً تقريباً

ذو الحُلَيفَة

وذو الحُليفة موضع مشهور إلى الآن يُحرم منه الحاج والمُعتمر القادم من المدينة أو المارُ عليها من غير أهلها، وبها مسجد يُحرم منه الناس وتُسمى المنطقة الآن بأبيار علي أو بذي الحُليفة، والمسجد بُني تقريباً على نفس الموضع الذي كان يُسمى “الشجرة” والذي أحرم منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجه وعمراته، وهذه إحداثيَّات مسجد ذو الحليفة (الشجرة) الموجود للآن:

ذو الحُلَيْفَة (مسجد الشجرة)
خط طول 39.542953 درجة شرقاً
خط عرض 24.413641 درجة شمالاً

وبذي الحُليفة أيضاً شرق المسجد المشهور والمُسمَّى بمسجد الشجرة، مكان آخر على بُعد حوالي ثلاثمائة متر من مسجد الشجرة، في منطقة نخل وبساتين كان يبيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بها إذا رجع من سفر أو حج، وكانت تُسمى “المُعَرَّس” لأنهم كانوا يبيتون بها أوَّل الليل، وهذه إحداثيات تقريبية لمكانها الآن:

ذو الحُلَيْفَة (مسجد المُعَرَّس)
خط طول 39.544806 درجة شرقاً
خط عرض 24.412589 درجة شمالاً

أُولاَت الجِيش أو ذات الجِيس وتُربَان

قال البكري في معجم ما استعجم (ج 2، ص. 409): ذكر القُتبي – ابن قتيبة – أن ذات الجيش من المدينة على بريد – 22.26كم – … قال يحي بن يحي، بين ذات الجيش والعقيق ميلان: وقال عيسى ابن القاسم بينهما عشرة أميال، وذكر المطرِّف أن العقيق من المدينة على ثلاثة أميال. وإذا نظرت هذه ونظرت قول القُتبي في أول الرسم، صح قول ابن القاسم … وبخط عبد الله بن إبراهيم في عُرض كتابه: بين ذات الجيش والعقيق سبعة أميال”.

وعند ياقوت في معجم البلدان (ج 2، ص. 200): “الجيش بالفتح ثم السكون، ذات الجيش جعلها بعضهم من العقيق بالمدينة، … وقال بعضهم  أولات الجيش موضع قرب المدينة وهو واد بين ذي الحُلَيفة وبرثان، وهو أحد منازل رسو ل الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بدر  وإحدى مراحله عن منصرفه من غزاة بني المصطلق”.

وعنده أيضاً (ج1، ص. 372): “بَرثان: بالفتح ثم السكون، والثاء المثلثة، وألف ونون: وادٍ بين ملل وأولات الجيش، كان عليه طريق النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى بدر وبه كان أحد منازله”.

قال ياقوت في معجم البلدان (ج2، ص 20): “تُربان بالضم ثم السكون … وتُربان أيضاً قال أبو زياد الكلابي: هو واد بين ذات الجيش وملل والسيالة على المحجة نفسها، فيه مياه كثيرة مرية، نزلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة بدر، … وقال في شرحه: تُربان قرية من ملل على ليلة من المدينة”، وقوله على ليلة أرجح أنّها مسيرة ليلة، وهو نصف مرحلة – حوالي 22.5 كم تقريباً، انظر المكاييل للد. علي جمعة -.

والظاهر أن تُربان وبَرْثان اسمان لنفس الموضع، فإن حروفهما مشتركة ومكانهما تقريباً تنطبق عليه نفس الأوصاف، كونه وادٍ بين أولات الجيش ومَلَل، ويكون أحدهما تصحيف في نقط الآخر، والظاهر أنه “تُرْبَان” كما رواه ابن إسحاق في طريق غزوة بدر والله أعلم.

وعند الفيروزأبادي في المغانم المطابة (ص. 98): “وقال الشيخ جمال الدين المطري: وأما ذات الجيش فنقب ثنية الحفيرة من طريق مكة والمدينة..”، ومقتضى كلام الفيروزأبادي أن ذات الجيش هي نفسها الحفير(ة) أو قريب جداً منها وهو معقول على تقديرات من ذكر المسافة.

وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص. 263): “وقال الأصمعي: تربان: على ثمانية عشر ميلاً من المدينة على طريق مكة…”، ومقتضى كلام الأصمعي أن تكون تُربان على بُعد حوالي 34 كم – انظر المكاييل للد. علي جمعة – من المدينة المنوَّرة، وهو مقبول إن اعتبر تُربان من قُرى مَلَل كما ورد في بعض الروايات وقاس المسافة إلى ملل بإهمال الكسور فهي تقريباً 32 كم بين ملل والمدينة المنوَّرة – انظر ملل بهذا الملحق -، والحق أنَّها موضع مستقل وقربه من ملل والحفير صحيح.

وعلى الوصف المذكور فإن ذات الجيش وادٍ بين ذا الحُليفة وملل، وعلى ما رواه الفيروزأبادي فهو نفسه الحفير أو الحفيرة أو قريب منها، وعلى ذلك نعتبر لهما نفس الإحداثيات، ويكون تُربان بعد الحفير وقبل ملل على 26 كم تقريباً من المدينة المنوَّرة وهي قبل ملل من جهة المدينة بحوالي 5.5 كم والله أعلم، وعلى ذلك هذه إحداثيات تقريبية لتُربان وذات الجيش:

ذات الجِيش (وقيل أُولات الجيش)
خط طول 39.447155 درجة شرقاً
خط عرض 24.362646 درجة شمالاً
تُربَان (وعند بعضهم بَرْثَان)
خط طول 39.394612 درجة شرقاً
خط عرض 24.341197 درجة شمالاً

مَلَلْ

قال الحربي في المناسك (ص. 440): “ومن الحفير إلى ملل ستة أميال، وقبل ملل بميل يسرة عن طريق، طريق يخرج إلى السيالة وهو أقرب من الطريق الأعظم وبملل آبار كثيرة وعلى ميل منها بئر تعرف ببئر السدرة. وإنها سميت ملل فيما ذكر عمر بن شبَّة عن أبي غسّان عن عامر بن صالح قال: قال كثير عزة: سُمِّيَت ملل، لتملل الناس بها. ومن ملل إلى السَّيالة سبعة أميال، ومن المدينة إلى السَّيالة ثلاثة وعشرون ميلاً”.

من إلى مسا فة
الحفير ملل 6 أميال
ملل السيالة 7 أميال
المدينة السيالة 23 ميل

وعند البكري في معجم ما استعجم (ص. 1256): “وملل يميل يسرة عن الطريق إلى مكة، وهو طريق يخرج إلى السيالة وهو أقرب من الطريق الأعظم، ومن ملل إلى السيالة سبعة أميال”:

من إلى مسا فة
ملل السيالة 7 أميال

وعند ياقوت الحموي (ج 5، ص. 194): “بالتحريك ولامين بلفظ الملل لا الملال، منزل على طريق المدينة إلى مكة على ثمانية وعشرين ميلاً من المدينة” وعليه يكون ضبطها هكذا: “مَلَلْ”، وقوله إلى مكة على ثمانية وعشرين ميلاً هو خطأ، فبين المدينة والوادي  المسمى بملل [^1] – وما زال معروفاً للآن – ثمانية عشر ميلاً تقريباً، والمنزل المسمى بملل قديماً يظهر أنَّه كان قبل الو ادي جهة المدينة بميلين ونصف على الأكثر والله أعلم.

من إلى مسافة
المدينة ملل 28 ميل

وعند ابن خرداذبة في المسالك والممالك (ص. 187): “ومن المدينة إلى الشجرة (ذو الحُليفة) ستة أميال وفيها آبار وبرك وليست بمنزل، ومن الشجرة إلى ملل وبها آبار إثنا عشر ميلاً، ومن ملل إلى السيالة وبها ماء وتباع بها االشواهين والصقور، تسعة عشر ميلاً”، وقوله من ملل إلى السيالة … تسعة عشر ميلاً يظهر أنَّه خطأ، فهو من الشجرة (ذو الحُليفة) إلى السيالة.

من إلى مسا فة
المدينة الشجرة (ذو الحليفة) 6 أميال
الشجرة (ذو الحليفة) ملل 12 ميل
ملل السيالة 19 ميل

وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص. 1665): “وادٍ من أودية المدينة يطؤه الطريق إلى مكة على 41 كيلاً … بالتحريك ولامان، منزل على طريق مكة بين الحرمين على ثمانية وعشرين ميلاً من المدينة”.

والبلادي نقل كلام ياقوت في المسافة كما هو ولم يُعلِّق عليه.

وعلى الوصف المذكور لوادي مَلَل من المصادر الجغرافيّة، وعلى خرائط منطقة الحجاز لهيئة المساحة  السعودية والتي يظهر عليها وادي مَلَل غرب المدينة المنوَّرة على حوالي 41 كم تقريباً كما ذكر عاتق البلادي، ويتبين أيضاً من كلام الجغرافيين أن ملل قرية أو محطة (منزل) غير ملل (الوادي)، وأن محطة ملل تلك كانت يسار الطريق قليلاً، وإذا قِسنا المسافة بين مسجد ذو الحُليفة حتى وادي ملل المعروف سيراً على الأرض المنبسطة ثم على طريق المدينة – ينبع  الجديد، وجدنا المسافة حوالي 15 ميلاً فلكيّاً، وعلى طريق المدينة – ينبع القديم يظهر أنّها تقريباً نفس المسافة، وهي حوال 14.5 ميلاً فلكيّاً، فتكون محطّة ملل غالباً على ما استنتجناه من كلام ابن خرداذبة تقع قبل وادي ملل بحوالي ميلين ونصف على طريق المدينة – ينبع الجديد أو بين الطريقين.

وقد حددت موقعها التقريبي بالإحداثيات:

قرية مَلَلْ
خط طول 39.360442  درجة شرقاً
خط عرض 24.312744  درجة شمالاً

وقد قِست المسافة بين تلك الأحداثيَّات وما استنتجته من إحداثيات “الحفير”، فوجدتها على برمجيَّة غوغل إيرث 5.85 ميلاً فلكياً، وهي تقريباً 6 أميال بإهمال الكسور كما نص على ذلك ابن خرداذبة، وكذلك قِستُ المسافة بين المدينة ومَلل، فوجدتها حوالي 18 ميلاً فلكيّاً بإهمال الكسور، وإلى و ادي ملل حوالي 20.5 ميلاً فلكيّاً، وعلى ذلك يكون كلام ياقوت أن بين المدينة وملل ثمانية وعشرون ميلاً خطأ، فإنها قبل السيالة باتفاق الجغرافيين، والسيالة على ثلاث وعشرون ميلاً كما ذكر الحربي، فالصواب إذا أن بين المدينة ملل ثمانية عشر ميلاً كما عدَّها ابن خرداذبة والله علم، وهذه إحداثيَّات تقاطع وادي ملل مع طريق القوافل القديم:

وادي مَلَلْ
خط طول 39.326.443 درجة شرقاً
خط عرض 24.299425 درجة شمالاً

[^1]: وقد قِستُ ذلك على برمجيَّة غوغل إيرث من الطريق المعتادة (طريق المدينة – ينبع القديم)، أو خمسة عشر ميلاً من الطريق الأخرى التي يمر بها الآن طريق المدينة – ينبع السريع الجديد.

 

السَّيَالة، صُخَيْرَات اليَمَام، غَمِيس الحَمَام ومَرَبيَيَن

قال ياقوت الحموي في معجم البلدان:

السَّيَالة (ج3، ص. 292): “بفتح أوّله وتخفيف ثانيه وبعد اللام هاء، أرض يطؤها طريق الحاج، قيل هي أول مرحلة لأهل المدينة إذا أرادوا مكة”.

صُخَيْرَات اليَمَام (ج3، ص. 395): “تصغير جمع صخرة، وهي صُخيرات الثُّمام بالثاء المثلثة المضمومة، الثمامة بلفظ واحدة الثمام، وهو نبت ضعيف له خوص، أو شبه بالخوص وربما حُشيت به الوسايد، وهو منزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بدر وهو بين السَّيالة وفرش، وفي المغازي: صخيرات اليمام، بالياء آخر الحروف، ذكرت في غزاة بدر وفي غزاة ذات العشيرة …”.

وعند البكري في معجم ما استعجم:

السَّيَالة (ج3، ص 770): “قرية جامعة مذكورة في رسم ورقان بينها وبين المدينة تسعة وعشرون ميلا ً، وهي الطريق منها إلى مكّة، وبين السيالة وملل سبعة أميال، وملل أدنى إلى المدينة، وقبل أن تصل إلى السيالة بميلين مسجد لرسو ل صلى الله عليه وآله وسلم وهي ثلاثة مساجد لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في طريق مكّة، أوّلها مسجد الحَرَّة والثاني مسجد الشجرة، والثالث مسجد السيالة عند شجرة الطَّلح”.

ورِقَان (ج3، ص. 1377): “بفتح أوّله وكسر ثانيه بعده قاف، على وزن فعلان، وهو من جبال تهامة، ومن صَدَرَ مُصعِداً من مكة، فأوَّل جبل يلقاه وَرِقَان، وهو كأعظم ما يكون من الجبال، ينقاد من سيالة إلى المتعشى، بين العرج والرويثة، …. وعن يمين ورقان سيالة والروحاء والرويثة، والعرج عن يساره، … وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن مقعد الكافر من النار ثلاثة أيام، وضرسه مثل أحد، وفخذه مثل ورقان”.

غَمِيس الحَمَام (ص. 1005): “على مثال لفظه مضاف إلى الحمام الطير المعروف، موضع بين مَلَل وصُخَيرَات اليَمَام، وعليه سلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في طريقه إلى بدر، وغميس الحمام من مَرَيَيَن هكذا …”.

وعند الحربي (ص. 441): “ومن ملل إلى السَّيَالة سبعة أميال، ومن المدينة إلى السَّيَالة ثلاث وعشرون ميلاً، ومن السيالة إلى الروحاء أحد عشر ميلاً”، وفي قوله من المدينة إلى السَّيَالة ثلاثة وعشرون ميلاً نظر!، فإن الطريق إلى السَّيالة للقادم من ملل يكون قد قطع تقريباً عشرون ميلاً ونصف، ثم سبعة أميال إلى السَّيالة فهذه سبعة وعشرون ميلاً ونصف لا ثلاثة وعشرون، ولعل الصواب ثمانية وعشرون ميلاً وتكون “ثلاثة” تصحيف، وعليه يكون قول ياقوت في باب “مَلَل” أن بين ملل والمدينة ثمانية وعشرون ميلاً خطأ لأن هذا بُعد السَّيَالة عنها لا ملل.

من إلى مسا فة
ملل السيالة 7 أميال
المدينة السيالة 23 ميلاً
السيالة الروحاء 11 ميلاً

وعند ابن خرداذبة في المسالك والممالك (ص. 187): “ومن المدينة إلى الشجرة (ذو الحُليفة) ستة أميال وفيها آبار وبرك وليست بمنزل، ومن الشجرة إلى ملل وبها آبار إثنا عشر ميلاً، ومن ملل إلى السيالة وبها ماء وتباع بها الشواهين والصقور، تسعة عشر ميلاً”، وقوله من ملل إلى السيالة … تسعة عشر ميلاً خطأ، فهو من الشجرة (ذو الحُليفة) إلى السيالة.

من إلى مسا فة
الشجرة ملل 12 ميل
ملل السيالة 19 ميل

وعند الفيروزأبادي في المغانم المُطابة (ص. 193): “السيالة: مخففة مثل سحابة، أول مرحلة لأهل المدينة إذا أرادوا مكة .. وأول السيالة إذا قطعت فرش ملل، وأنت مُغرِّب، وكانت الصُخيرات – صُخَيرَات اليَمَام – عن يمينك، وهبطت من ملل، ثم رجعت على يسارك واستقبلت القبلة فهذه السيالة”.

وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص. 859) – بتصرٌُف -: “السيَّالة: مهجورة ومجهولة الآن، وعثرت عليها مصادفة في رحلة طويلة لي هناك، وتبعد عن المدينة 47 كيلاً جنوب غرب المدينة في طريق مكة على الطريق السلطاني، وبينها وبين صُخَيرَات اليمام ثلاثة أكيال، الصخيرات مما يلي المدينة…”.

وعند عاتق البلادي أيضاً (ص. 1270): “غَمِيسُ الحَمَام: وادٍ من روافد ملل الغربية، يأخذ مياه السيالة والتييس وصخيرات اليمام ثم يدفع في أسفل الفريش قرب جبل عبود، وبعد اجتماعه بالفريش إلى مفيضه في الفرش يكون سهل مَرَبَيَبن وطرق الحاج القديم كان يمر في الغميس هذا وما زالت معالمه واضحة”.

وعلى الوصف المذكور، فإن صُخيرات اليمام مباشرة بعد قطع فرش وادي ملل، جهة اليمين من الطريق، ثم مسير حوالي ميل ونصف أو 3 كم بحسب عاتق البلادي، ثم أوَّل السيالة، ثم تمتد السيَّالة عدّة كيلومترات قليلة في وادي الروحاء إلى أن يميل وادي الروحاء جهة القبلة تقريباً، ولا بُدّ أن المسافة إلى الروحاء من السيالة حوالي 11 ميلاً، وعليه فهذه إحداثيات تقريبيه لصُخيرات اليمام والسيالة وغميس الحمام ومريين:

صُخَيْرَات اليَمَام
خط طول 39.261288 درجة شرقاً
خط عرض 24.267438 درجة شمالاً

 

السَّيَالَة
خط طول 39.241246 درجة شرقاً
خط عرض 24.252717 درجة شمالاً

 

غَمِيسُ الحَمام
خط طول 39.278800 درجة شرقاً
خط عرض 24.277806 درجة شمالاً

 

مَرَبَيَبن
خط طول 39.292720 درجة شرقاً
خط عرض 24.283011 درجة شمالاً

الرَّوحَاء وعِرْق الظَّبْيَة وشَنُوكَة

قال الفيروزأبادي في المغانم المطابة (ص. 209): “شنوكة: بالفتح ثم بالضم وسكون الواو وفتح الكاف بعدها هاء، جبل بين مكة والمدينة له ذكر في غزاة بدر، قال ابن إسحاق: مر النبي صلى الله عليه وآله وسلم على السيالة ثم على فج الروحاء ثم على شنوكة حتى إذا كان بعرق الظبية …”.

وعند البكري في معجم ما استعجم (ص. 884): في سرد الكلام عن (ضيبر) قال: “وشنوكة بين العُذَيب والجار، على ستة عشر ميلاً من الجار، واثنين وثلاثين ميلاً من ينبُع، وعلى شنوكة سلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى بدر”.

وعند ياقوت في معجم البلدان (ج.3، ص. 369): “بالفتح ثم الضم، وسكون الواو وكاف: جبل وهو علم مُرتجل …” ثم ساق كلام ابن إسحاق عن طريق غزوة بدر.

وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز:

الرَّوحَاء (ص. 718): “قرية صغيرة على 73 كيلاً من المدينة على طريق مكة، ظلت محطة للجمال، فلما جاءت السيارات تأخرت وقل نزلها والموجود بها اليوم مقهيين، وليس بها زرع ويشرف عليها من مطلع الشمس جبل ورقان أمغر ذو شناخيب، ويأتيها من الشمال وادٍ صغير يُعرف بشنوكة ويشرف عليها من الجنوب مباشرة جبل الجرف، بفتح الجيم، ومنها ترى عرق الظبية شمالاً إلى الشرق يمر بها الطريق قبلها وهي المرحلة الثانية من المدينة…”.

عِرْق الظَّبيَة (ص. 1086، ص.1137): “قال الواقدي: هو من الروحاء على ثلاثة أميال مما يلي المدينة، وفي كتاب نصر: موضع بين مكة  والمدينة قرب الروحاء وقيل هي الروحاء نفسها، قال عاتق: وتعرف اليوم بطرف ظبية، وضبطها البكري بالفتح وأراه أصوب، وقو قبل الروحاء بثلاثة أكيال تقريباً، يمر الطريق إلى المدينة بقربه، تراه من الروحاء شمالاً شرقياً نعف أشهب يكنع في وادي السدارة (سجاسج)، عليه ظل جبل وَرِقَان الصباحي …”.

شَنُوكَة (ص. 949): “وادٍ يصب في السدارة من الشمال، تراه من الروحاء شمالاً عن قُرب … قال عاتق: ياقوت عن ابن إسحاق: ثم على شنوكة حتى إذا كان بعرق الظبية إذا كان يقصد عرق الظبية بعد شنوكة مما يلي بدراً فهو خطأ، وانظر عرق الظبية فهو قبل الروحاء بثلاثة أكيال، أما شنوكة والروحاء فمتوازنتان لمن يسير على الطريق”.

ورأيت في تعليقات حمد الجاسر ما هو أعجب من كلام عاتق عن فجّ الروحاء في كلامه عن شنوكة، قال في تعليقاته على كتاب الأماكن للحازمي (ص. 734): “تعريف نصر: فج، بالجيم موضع أو جبل في ديار سليم… فهل كلمة (سجسج) حرفت إلى فج؟ إذ الروحاء تقع في متسع من الأرض والطريق إليها ومنها لا يمرج بفج، إلا إذا كان المراد مكانها الواسع”.

قلت- كاتب هذه السطور -: ورواية ابن إسحاق واضحة جليّة، فقد ذكر المعالم بهذا الترتيب:” … فج الروحاء – شنوكة – عريق الظبية – بئر الروحاء …”، إذا فهو قد ذكر الروحاء مرتين، مرّة “فجّ الروحاء” ومرة “سجسج التي هي بئر الروحاء”، وهما منطقتين مختلفتين ميّزهما ابن إسحاق في كلامه.

والمطّلع على خريطة هذا المكان كما عاينت في خرائط غوغل وكما نصّ عليه غير واحد، فإن وادي الروحاء يمتد من السيالة وعلى يساره جبل ورقان، والسيالة في الشمال في أوّل الوادي ثم إذا نزلت الوادي جهة القبلة وسرت كان على يسارك جبل ورقان، وهذا السير في قلب وادي الروحاء ولمّا تصل إلى  “الروحاء” التي هي البئر أو المحطّة واسمها “سجسج أو سجاسج”، والذي أظنّه والله أعلم أن ابن إسحاق قصد بكلمة “فجّ” المعنى اللغوي للكلمة وهو “طريق”، وهو  منطقي لروايته، فبعد طريق الروحاء الذي يمر بالوادي تأتي جبال شنوكة عن يمينك ثم في نهايتها عرق الظبية أوّل ما تستدير يميناً مع الطريق جهة الغرب، ثم تسير بضعة كيلومترات فتجد بئر الروحاء وهي سجاسج، وهو  مقتضى كلام ابن إسحاق: “ثم على شنوكة حتى إذا كان بعرق الظبية” فهو يدل على أن شنوكة وعرق الظبية في وادي الروحاء على نفس الطريق وهو ما نصّوا عليه أيضاً”، ولا وجه لاعتراض عاتق البلادي أو تساؤل وحيرة حمد الجاسر والله أعلم.

وعلى ذلك فهذه إحداثيات تقريبيّة لتلك المعالم:

فجّ الرَّوحَاء
خط طول 39.222648 درجة شرقاً
خط عرض 24.191484 درجة شمالاً

 

جبال شَنُوكَة
خط طول 39.200182 درجة شرقاً
خط عرض 24.109646 درجة شمالاً

 

عِرْق الظَّبيَة
خط طول 39.204622 درجة شرقاً
خط عرض 24.073210 درجة شمالاً

 

سجسج أو سجاسج وهي بئر  الرَّوحَاء
خط طول 39.164296 درجة شرقاً
خط عرض 24.076047 درجة شمالاً

المُنصَرَف

قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص. 1681): “هو بين المدينة وبدر ويُعرف اليوم باسم المسيجيد انظره”.

وقال (ص. 1595): “المُسَيْجِيد، تصغير مسجد، على غير قياس: بلدة عامرة بوادي الصفراء في أعلاه بين الروحاء والخيف، فيها مدارس للبنين والبنات وإمارة تابعة للمدينة المنورة، وهي المرحلة العاشرة من مكة على نظام القوافل القديم، فيها تلتقي جميع الطرق التي تفترق من مستورة ما عدا طريق الفرغ، وهي: طريق بدر، طريق غيقة، وطريق السقيا.

قال ياقوت في معجم البلدان (ج 5، 211): “المُنْصَرَف: بالضم وفتح الراء: موضع بين مكة وبدر بينهما أربعة برد، قال  ابن إسحاق: ثم ارتحل من سجسج بالروحاء حتى إذا كان بالمنصرف ترك طريق مكة بيسار وسلك ذات اليمين على النازية، يعني النبي صىل الله عليه وآله وسلم”، وقوله بين مكة وبدر خطأ واستدرك عليه عاتق البلادي وقال بين المدينة وبدر وهو الصواب، وأربع بُرد حوالي 89 كم تقريباً، وقوله “بينهما أربعة بُرد” يحتمل أن تكون بينه وبين بدر أو بينه وبين المدينة وكليهما معقول فعلى ما قرره عاتق تكون المسيجيد تقريباً في منتصف الطريق أقرب قليلاً للمدينة المنوّرة بحوالي عشرة كيلومترات تقريباً، ونعتبر المقصود بينه وبين المدينة إذ بينه وبين بدر قد لا يزيد عن ثلاث بُرد ونصف – 75 كم تقريباً -، وعليه فهذه إحداثيات المُنصَرَف:

المُنْصَرَف
خط طول 39.094530  درجة شرقاً
خط عرض 24.087200  درجة شمالاً

النَّازِيَة

قال ياقوت في معجم البلدان (ج 5، ص. 251): “النّازِيَة: بالزاي، وتخفيف الياء: عين ثَرّة على طريق الآخذ من مكة إلى المدينة قرب الصفراء وهي إلى المدينة أقرب وإليها مضافة …”.

وعند الفيروزأبادي في المغانم (ص. 403): “النازية: بالزاي وتخفيف الياء: عين ثرة قرب الصفراء، بين المدينة والجحفة وهي إلى المدينة أقرب …”.

وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص. 1712): “النازية: فاعلة من النزو، وهو الارتفاع: أرض منبسطة في وادي الصفراء بين المسيجيد وريع المستعجلة…”.

والنّازِيَة موجودة في خرائط هيئة المساحة السعودية بنفس الاسم ونفس الوصف، وفي في آخر المسيجيد جنوباً بعد مسجده بثلاثة كيلومترات ونصف تقريباً، وهذه إحداثيّات تقريبية لها:

النَّازِيَة
خط طول 39.093824 درجة شرقاً
خط عرض 24.054758 درجة شمالاً

رَحْقَان
وادي رحقان معروف للأن وواضح على خرائط هيئة المساحة السعودية لمنطقة الحجاز، وهو الوادي الذي به منطقة المسيجيد والنازية.

وقال ابن إسحاق عن طريق بدر: “وسلك ذات اليمين على النازية”، أي ناحية اليمين من النازية مفارقاً لها، ولهذا أتبع ذلك بقوله: “فسلك على ناحية منها”، ثم قال: “حتى جزع وادياً يقال له رحقان” و”جزع” يعني قطع الوادي بالعرض، ووادي رحقان هو نفسه الذي على يساره المسيجيد ثم النازية للقادم من المدينة وهو الوادي الذي يمتد فيه الطريق، فقطع الوادي بعد النازية تاركاً طريق مكة للجنوب وسار غرباً…”.
قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص. 684): “رحقان: واد يسيل من جهات الفقرة (الأشعر) فيتجه جنوباً حتى يصب في وادي الصفراء عند النازية غرب المسيجيد، ورحقان واد كبير…”.

مضيق الصَّفْرَاء

قال عاتق البلادي (ص. 992): “الصفراء مؤنث الأصفر، واد من أكبر أودية الحجاز الغربية، يأخذ أعلى مساقط مياهه من جبال: ورقان وعار والفقارة والفقرة فيتجه غربا مع ميل الى الجنوب بتعرج جعل مياهه تهبط إلى جوف الأرض نبعت منها العيون الكثيرة، ويسمى أعلاه السدارة بين جبال عار إلى المسيجيد، وفيه الروحاء البئر المشهور، ولعل السدارة هنا (الصدارة) لأنها صدر الوادي والعرب كثيرا ما تبدل الحروف المتقاربة المخرج ثم يسمى بعد ذلك وادي الصفراء حتى يصب في البحر عن آثار الجار…”.

وعند الفيروزأبادي في المغانم (ص. 219): “الصفراء تأنيث الأصفر: واد قرب المدينة كثير النخل والزرع والخير، يجلب منه التمر إلى المدينة وإلى ينبع لحسن تمره وهي في طريق الحاج وسلكه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غير مرة وبينه وبين بدر مرحلة”.

وعند البكري الأندلسي في معجم ما استعجم (ص. 836): “الصفراء: وادي يليل، ويقال لها أيضاً  الصُّفَيرَاء مُصغَّرة، والصفراء قرية فوق ينبع كثيرة المزارع والنخل، وبين ينبع والمدينة ست مراحل، والصفراء – القرية – على يوم من جبل رضوى”.

وكلام ياقوت منقول بتمامه عند الفيروزأبادي، و على الوصف المذكور يكون المضيق في بداية وادي الصفراء جهة المشرق عند تقاطعة مع وادي رحقان مما يلي المدينة المنورة – انظر تحديد رحقان في نفس الملحق -، وهذه إحداثيّات تقريبية لمضيق الصفراء، وهو بداية وادي الصفراء من جهة الشرق، وقرية الصفراء التي تعرف اليوم بالواسطة:

مضيق الصفراء
خط طول 39.054850 درجة شرقاً
خط عرض 24.023870 درجة شمالاً
قرية الصفراء (وتعرف اليوم بالواسطة)
خط طول 38.904072 درجة شرقاً
خط عرض 23.886277 درجة شمالاً

وادي ذَفِرَان

قال ياقوت في معجم البلدان (ص. 6): “ذَفِرَان: بفتح أوّله وكسر ثانيه ثم راء مهملة، وآخره نون: وادي قرب وادي الصفراء؛ قال ابن إسحاق في مسير بدر: استقبل الصفراء وهي قرية بين جبلين، ترك الصفراء يساراً وسلك ذات اليمين على واد يقال له ذفران”، ولم يدلنا ياقوت على مكانه، وإنما اكتفى بضبطه.

وعند الحازمي في الأماكن (ص.447): “ذَفِرَان: بفتح الذال وكسر الفاء وبعدها راء وادٍ قرب وادي الصفراء، قال ابن إسحاق في مسيره صلى الله عليه وآله وسلم إلى بدر: فلما استقبل الصفراء وهي قرية بين جبلين ترك الصفراء يساراً وسلك ذات اليمين على واد يقال له ذَفِرَان …”.

وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص. 643): “بفتح المعجمة وكسر الفاء على بناء فعلان: ريع يأخذه الطريق من الصفراء إلى ينبع، يأخذ أولاً الصفيراء ثم ذفران ثم واسطاً، ومنه طريق صعب يعرج يساراً إلى بدر وهو الذي سلكه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزاة بدر”.

وادي ذَفِرَان
خط طول 38.822966 درجة شرقاً
خط عرض 23.939764 درجة شمالاً

ثنايا الأصَافِر

قال البكري الأندلسي في معجم ما استعجم (ص. 162): “الأصافر: على لفظ جمع أصفر: جبال قريبة من الجُحفة، عن يمين الطريق من المدينة إلى مكة، سميت بذلك لأنها هضبات صُفر”، قلت: ما أبعد الجحفة عن بدر، وهي موضع آخر خلاف ما نريد قطعاً.

قال ياقوت في معجم البلدان (ص. 206): “الأصافر: جمع أصفر، محمول على أحوص وأحاوص، وقد تقدم: وهي ثنايا سلكها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في طريقه إلى بدر، وقيل أصافر جبال مجموعة تسمى بهذا الاسم، ويجوز أن تكون سميت بذلك لصفرها أخلوها…”، وهو مقبول، غير أنّه لم يحدد لنا مكانها أو يشير إليها حتى.

قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص. 106): “الأصافر: بلفظ جمع أصفر، جبال قريبة من الجحفة …”، ولم يزد على كلام ياقوت!
والظاهر بتأمل معالم الطريق إلى بدر وبعد الخروج من وادي ذفران غرباً جهة البحر ينحدر الطريق إلى بدر جنوباً فيمر على جبيلات صغيرة أرجّح أنها هي والله أعلم، وهذه إحداثيات تقريببة لها:

ثنايا الأصَافِر
خط طول 38.738635 درجة شرقاً
خط عرض 23.914817 درجة شمالاً

الدَّبَّة
قال البكري في معجم استعجم (ص. 540): “الدَّبَّة فتح أوله وتشديد ثانيه: موضع قبل بدر مذكور في رسم العقيق، عند ذكر طريق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بدر”.

وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص. 606): “الدَّبَّة بفتح أوله وتشديد ثانيه: بلد بين الأصافر وبدر وعليه سلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما سار إلى بدر، … تُعرف عند العرب اليوم الدَّبَّة بأنها الكثيب الذي فيه صلابة وخشونة أي ليست أرضه سافية … وهي بين الصفراء وبدر وتشاهد من على الطريق شمالاً بين بدر والصفراء دَبَّة بيضاء، منها طريق يذهب إلى ذفران والأصافر، هذ أرجح أنها المعنية في الرواية فالوصف ينطبق عليها انطباقاً تاماً”، وكلام ياقوت عند البلادي بنصّه لم يحدد مكانها.
وعلى الوصف المذكور هذه إحداثيات تقريبية للدَّبَّة:

الدَّبَّة
خط طول 38.738356 درجة شرقاً
خط عرض 23.907964 درجة شمالاً

الحَنَّان

قال ياقوت في معجم البلدان (ص. 310): “الحنَّان: بالفتح والتخفيف، والحنان في اللغة الرحمة، قال الزمخشري: الحنان كثيب كبير كالجبل، وقال نصر: الحنَّان، بتشديد النون مع فتح أوّله، رمل بين مكّة والمدينة قرب بدر، وهو كثيب عظيم كالجبل، قال بن إسحاق في مسير النبي صلى الله عليه وآله وسلم: فسلك على الأصافر ثم انحط منها إلى بلد يقال له الدَّبَّة وترك الحنَّان يمينا وهو كثيب عظيم كالجبل، ثم نزل قريباً من بدر”.

قال البكري في معجم ما استعجم (ص. 1227): “… وترك الحنّان بيمين وهو كثيب عظيم كالجبل ..” ولم يزد البكري في تعريفه على ذلك سوى أن “الحنان قبل بدر”.

قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص. 508): “الحنَّان: فعّال من الحنين: هو الرمل الذي يشرف على بدر من الشمال ويسمى أيضاً العزّاف وتسميّه العامّة الآن قوز علي”.

وعلى الوصف المذكور فهذه إحداثيات تقريبية للحنَّان، وهو كُثبان رمليَّة عظيمة في شمال بدر واضحة لا يوجد غيرها:

الحنَّان
خط طول 38.763996 درجة شرقاً
خط عرض 23.824607 درجة شمالاً

الأُثَيْل

قال الواقدي في المغازي (ج1، ص 113): “الأثيل واد طوله ثلاثة أميال، وبينه وبين بدر ميلان”.

قال الحازمي في الأماكن (ص. 43): “أُثَيْل: بعد الهمزة المضمومة ثاء مثلثة مفتوحة، موضع قرب المدينة، هناك عين ماء لآل جعفر بن أبي طالب، بين بدر ووادي الصفراء، ويُقال: ذو أُثَيْل أيضً، وقد جاء ذكره في الأبيات التي تنسب إلى قتيلة ابنة النضر بن الحارث، وهي أبيان مصنوعة  لايصح لها سند”، وفي تعليقات حمد الجاسر عليها في الهامش: “والأُثَيل هذا واقع في أسفل وادي الصفراء، قبل بدر بثلاثة أميال، وذلك قبل إنشاء بلدة بدر التي امتدت الآن نحو الصفراء، ونشأ محل الُثَيْل قرية الجُدَيِّدَة، القائمة الآن”.
ومما سبق فهذه أقرب إحداثيات للأُثَيْل أو ما يُعرف الآن بالجُدَيِّدة:

الأُثَيْل
خط طول 38.837157 درجة شرقاً
خط عرض 23.809401 درجة شمالاً

بدر
وميدان معركة بدر ومقابر شهدائها وهو مشهور، وهذه إحداثيّاته:

بدر (ميدان المعركة)
خط طول 38.788538 درجة شرقاً
خط عرض 23.772506 درجة شمالاً

العُدُوة القُصوى والعدوة الدنيا

قال ابن إسحاق (سيرة ابن هشام، ص.323): “ومضت قريش حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادي خلف العقنقل وبطن الوادي وهو يليل بين بدر والعقنقل، الكثيب الذي خلفه قريش، والقُلُب ببدر في العُدوة الدنيا من بطن يليل إلى المدينة”.
وعلى وصف ابن إسحاق ولضعف المصادر حول لفظ: “العقنقل”، وهو على وصفه أوّل الوادي من جهة الجنوب، والعقنقل لغة الكثيب العظيم المتداخل الرمل أو الوادي المتسع وكلاهما موافق لوصف ابن إسحاق وهي منطقة رملية جنوب غرب بدر، ويليل هو وادي بدر، أو وادي الصفراء ببدر، والأظهر لي أن كلاهما واحد، وعليه يكون المسلمون نزلوا في آخر الوادي جهة المدينة قرب معا يعرف الآن بميدان معركة بدر، وهذه إحداثيات تقريبية للعدوتين:

العدوة الدنيا (معسكر المسلمين آخراً)
خط طول 38.789529 درجة شرقاً
خط عرض 23.773708 درجة شمالاً

 

العدوة القصوى (معسكر قريش)
خط طول 38.785686 درجة شرقاً
خط عرض 23.767930 درجة شمالاً

مزامنة طريق المدينة – بدر (ذهاب)

اليوم الأول

(الأثنين)

 

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
المدينة ذو الحليفة 9.7 1.9
ذو الحليفة أولات الجيش 11.3 2.3
أولات الجيش تُربان 6 1.2
تُربان ملل 5.3 1.1
نهار 32.3 6.5
32.3 6.5

 

 

اليوم الثاني

(الثلاثاء)

 

من

 

إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
ملل غميس الحمام 10.2 2.04
غميس الحمام صخيرات اليمام 2.3 0.5
صخيرات اليمام السيالة 2.5 0.5
السيالة فج الروحاء 9.2 1.8
ليل 24.2 4.8
فج الروحاء شنوكة 9.4 1.9
شنوكة عرق الظبية 3.9 0.8
عرق الظبية بئر الروحاء 4.2 0.9
بئر الروحاء المُنصَرَف 7.7 1.5
نهار 25.2 5.04
49.4 9.88

 

 

اليوم الثالث

(الأربعاء)

 

 

من

 

إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
المُنصَرَف النازية 3.6 0.7
النازية مضيق الصفراء قاطعاً وادي رحقان 4.8 1
مضيق الصفراء خرج من المضيق 18.2 3.6
ليل 26.2 5.32
خرج من المضيق قريباً من الصفراء 11.6 2.3
قريباً من الصفراء وادي ذفران 8.7 1.7
نهار 20.3 4
46.5 9.32

 

 

اليوم الرابع

(الخميس)

 

من

 

إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
وداي ذفران ثنايا الأصافر 10.6 2.12
ثنايا الأصافر الدَّبة 2.5 0.5
الدَّبة قريباً من بدر 14.1 2.8
قريباً من بدر العدوى الدنيا 2.8 0.6
العدوى الدنيا معسكر المسلمين 2.6 0.5
22 4.4

المراجع

 

  • المناسك وأماكن طرق الحج، إبراهيم ابن إسحاق الحربي (ت. 285هـ) تحقيق حمد الجاسر، منشورات دار اليمامة 1969م.
  • معجم ما استعجم، البكري الأندلسي (ت 487هـ)، تحقيق مصطفى السقا، عالم الكتب، بيروت.
  • المسالك والممالك، ابن خرداذبة، طبعة ليدن.
  • معجم البلدان، ياقوت الحموي (ت. 626هـ)، دار صادر، بيروت.
  • المغانم المطابة في معالم طابة، الفيروزأبادي (ت. 817هـ)، تحقيق حمد الجاسر، دار اليمامة.
  • معجم معالم الحجاز، عاتق بن غيث البلادي (ت 1431هـ)، دار مكّة.
  • الأماكن أو ما اتفق لفظه وافترق مسمّاه من الأمكنة، الحازمي (ت. 584هـ)، تحقيق حمد الجاسر، دار اليمامة.
  • المعالم الأثيرة في السنة والسيرة، محمد حسن شُرَّاب (ت 2013م)،  دار القلم.

 

الباب الثالث

النسيء عند العرب ويوم دخول النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة في الهجرة الشريفة

اتفقت مصادر السيرة حول أن دخول النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة المنورة كان يوم الاثنين من شهر ربيع الأوَّل، واختلفوا في تاريخه، وقد تداخلت قصّة الهجرة ودخول المدينة في المصادر مع مسألة عاشوراء وصيام النبي صلى الله عليه وآله وسلم له، واحتفال اليهود يوم عاشوراء، يحاول هذا البحث أن يُلقي الضوء على نقطة التلاقي بين ثلاثة مسائل تتلاقى في يوم دخول النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة من الهجرة الشريفة، وهي: تحديد يوم  الدخول وعلاقته بعاشوراء، عاشوراء اليهودي، النسيء عند العرب وكيفيّته، حيث كان معمولاً به قبل الهجرة فأثَّر على التأريخ.

يوم دخول المدينة في الروايات والمصادر

اختلفت المصادر حول يوم دخول المدينة واتفقت أنّه يوم الاثنين من شهر ربيع الأوّل، فعند ابن سعد: “فلما كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول، ويقال لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول …” والقولان لا يُجمع بينهما، إذ الاثنين لو أتى لليلتين خلتا من شهر ربيع الأوّل سيكون 12 ربيع الأول موافقاً الخميس، وأن أتى لاثنتي عشرة ليلة خلفت من ربيع الأول سيكون موافقاً صبيحة الإثنين 12 ربيع الأول وعليه يكون 2 ربيع الأول المذكور أولا لا يقع يوم اثنين أيضاً.

والظاهر من كلام ابن سعد أنه يتبنى القول بأنه صلى الله عليه وآله وسلم وصل يوم الإثنين 2 ربي الأول إذ ذكر القول الآخر المشهور تاليا بعد أن صرح بالأول في مقام الجزم، والآخر بصيغة التمرضي، وعلى الأول الذي يتبناه يكون متناقضاً مع ما ذكر سالفاً أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج من الغاز لأربع ليالي خلون من شهر ربيع الأول فقال يوم الثلاثاء بقُديد،، فكيف خرج لأربع ليال خلون ثم وصل الإثنين 2 ربيع الأول؟، ولما في رواية ابن سعد من عدم اتساق لا نعتمد عليها كليّاً في تحديد المزامنة.

وعند ابن إسحاق من رواية  ابن هشام اقتصر على رواية أن يوم الدخول وافق 12 ربيع الأوّل، وذُكر 10 ربيع الأوّل و8 ربيع الأوّل في مصادر أخرى، ووجدت البيروني (440 هـ) في الآثار الباقية جزم أنّه 8 ربيع الأوّل وأنّه محفوظ من عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمر بالتأريخ منه وقت دخوله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة، وعند السهيلي (581 هـ) وابن سيد الناس (734 هـ) أن الخوارزمي (232هـ/ 847م) – العالم الرياضي المعروف – جزم به أيضاً – وكتب الخوارزمي الذي ذكر فيها ذلك لم تصلنا-، وعليه تكون الروايات تتردد بين 2، 8، 10، 12 وفي تحقيقات المُحدَثِين جزم محمود باشا الفلكي (1302 هـ/ 1882 م) في نتائج الأفهام (نتائج الأفهام، ص 10) بأنّه يوم الثامن كما حققه وحققناه في حسابنا مع اختلاف في الموقع بين مكّة والمدينة في تحقيقنا.

كيفية النسيء عند العرب

اختلف المؤرخون حول كيفية النسيء واتفقوا على سببه مع تفاصيل مختلفة؛ والخلاصة أن العرب ينسأون الشهور لسببين رئيسين، الأول تحويل السنة القمرية لسنة شمسية فيُثَبِّتون موسم الحج في الربيع لأنه كان أعظم مواسمهم حتى يكون في جو مناسب تسهل فيه التجارة والبيع والشراء وإقامة الأسواق وكان موسما تجارياً مهما، والثاني أن يستبيحوا الحرب في الأشهر الحُرُم التي ورثوا حرمتها من ديانة إبراهيم وإسماعيل عليهما لسلام.

وكيفية النسيء كما ذكرت المصادر تدور حول نظامين أساسيين كانوا يفعلونهما ويحدث الاختلاف والجدال بين النَّسأة لاختلاف النظامين، النظام الأول هو إسقاط 12 شهرا قمرياً كل 36 سنة قمرية (أو 6 أشهر كل 18 سنة قمريّة)، فيعدونهم 35 سنة قمرية وهم في الحقيقة 36 قد أُسقط منهم سنة كاملة، والنظام الثاني أن يُسقطوا 12 شهراً من كل 25 سنة قمرية يعدونهم 24 سنة فقط والأوّل أدق وأقل خطأ.

وأصل كلمة النسيء في اللغة هو “التأخير”، فنسأ الشيء أخَّره، والتأخير يكون بالزيادة والنقصان، والمصادر الحديثة تتحدث  أن هذا النسيء كان “كبساً” كالذي تفعله اليهود بزيادة شهر على السنة الكبيسة، فتصير السنة 13 شهرا بدلاً من 12 شهرا كما ذكر موسى جار الله في رسالته عن النسيء، وجواد علي في المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، غير أن المصادر المتقدمة كالأزرقي في أخبار مكة (250 هـ) وبالتأمل فيها يظهر لي أن النسيء عند العرب لم يكن كبساً وإنما كان إسقاطاً لشهر المحرّم في سنة النسيء، فتصير سنة النسيء 11 شهراً فقط تبدأ بصفر وتنتهي بذي الحجّة والسنة الكاملة تبدأ بمحرّم وتنتهي بذي الحجّة ومن أدلّة ذلك أيضاً أنه لم يرد اسم الشهر الـ 13 الذي تدّعيه بعض المصادر هذا، حتى ما كان يسميّه العرب “الصفران” فإنهم كانوا يسمّون محرّم صفر الأوّل وهو ما يعني أنهم لم يعرفوا شهر ثالث عشر في العام والله أعلم.

والذي نراه بعد التدبر في المصادر والجمع بين الروايات أن نظام النسيء الأشهر والذي يتفق مع كثير من روايات النسيء وكذلك بعض روايات السيرة المشكلة تاريخياً كان إسقاط شهراً بعد كل ثلاث سنوات، فكانوا يحرمون المحرّم ثلاث سنوات ويعُدُّونه، ثم في السنة الرابعة يُسقطونه من العدّ ويسمّونه صفراً ويكملون حتى ذي الحجة فتكون سنة النسيء تلك 11 شهراً فقط، ويقع ذو الحجة في أول دورة للنسيء في شهر ذي القعدة، فيحجّون في ذي القعدة ثلاث سنوات، ثم إذا كانت الرابعة أسقطوا محرّماً فيأتي ذو الحجّة في شوّال فيحجّون فيه ثلاث سنوات أخرى وهكذا تظل الشهور تدور رجوعا حتى تعود الأشهر إلى أماكنها التي بدأوا منها النسيء بعد 36 عاماً قمرياً أو 432 شهراً، وهو مقتضى كلام الأزرقي.

والذ دعانا لترجيح هذا النظام أيضا بخلاف موافقته لرواية المتقدمين عن النسيء وموافقته بعض مشكل روايات السيرة المؤرخة، أن هذا النظام نظام سهل لا يحتاج لحفظ وحساب ويؤدي لخطأ يمكن إهماله أو تداركه بإسقاط شهراً آخر إن وجدوا الفصول بدأت تتقارب، وعرب الجاهليّة لم يكونوا أهل علم وحساب حتى يقوموا بالنسيء المعقّد المعتمد على الكبس الذي تقوم به اليهود والذي يحتاج لمعادلات مركّبة.
وعلى دورة النسيء تلك (36 عاماً) والتي تنتهي في السنة التاسعة للهجرة آخر دور فيها في حجّة أبا بكر، تكون حجّة أبا بكر وقعت في ذي الحجّة على نظام النسيء والذي كان موافقاً ذو الحجّة الحقيقي أيضاً في آخر الدور (ووقوع حجّة أبي بكر في ذي الحجّة من رواية الأزرقي في أخبار مكّة).
وكذلك حجّ المسلمين مع المشركين في عام الفتح بإمارة عتّاب ابن أسيد الذي ولاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكّة فإنه وقع عام ثمانية للهجرة وكانت تلك ثاني سنة في نهاية دور النسيء يوافق فيها ذو الحجّة من النسيء ذو الحجّة الحقيقي، فيكون كل حجّ وقع في الإسلام وقع في ذو الحجّة، ثم أُبطل النسيء في عام التاسع للهجرة لما أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر وأمره أن يمنع المشركين من الحج وأن يبطل النسيء لئلا يبدأ النسأة الدور مرة أخرى، ثم حجّ هو صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه الشريفة في العام التالي بعد إبطال الدور للأبد واستدارة الزمان لهيئته التي خلقه الله عليها، فبدأت السنة العاشرة بمحرّم بشكل طبيعي بغير نسيء وانتهت بذي الحجّة، وهذا جدول يوضّح شهور النسيء مقارنة بالشهور الحقيقيّة عام الهجرة رجوعاً القهقرى في نظام من سنة 10 هـ إلى عام الهجرة الشريفة نجد الآتي لعام 1 هـ:

نسيء 24 نسيء 36 هجري
[10] رمضان [10] ذو القعدة [1] محرم
[10] شوال [10] ذو الحجّة [1] صفر
[10] ذو القعدة [9] محرم [1] ربيع الأوّل
[10] ذو الحجة [9] صفر [1] ربيع الآخر
[9] محرم [9] ربيع الأوّل [1] جمادى الاوّل
[9] صفر [9] ربيع الآخر [1] جمادة الآخر
[9] ربيع الأوّل [9] جمادى الأوَّل [1] رجب
[9] ربيع الآخر [9] جمادى الآخر [1] شعبان
[9] جمادى الأوّل [9] رجب [1] رمضان
[9] جمادى الآخر [9] شعبان [1] شوال
[9] رجب [9] رمضان [1] ذو  القعدة
[9] شعبان [9) شوال [1] ذو الحجة

وهكذا يكون ربيع الأوّل 1 هـ قد وافق محرّم على نظام النسيء 36، وهو احتمال قوي قائم يفيد أن يوم دخول المدينة المنوّرة قد وافق 8 ربيع الأوّل بتقويم المدينة أو 8 محرّم بتقويم النسيء، وهنا تبرز عدة احتمالات، الاوّل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعلم بالشهور الحقيقيّة في مقابل النسيئية وعليه دلائل من أن النسيء كان يقع من بعض القبائل دون بعض فكانت بعض القبائل لا تنسأ مطلقا وتعرف الشهور الحقيقية فيكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم متبعا تلك الحقيقية في حين أن المجتمع المدني كان يعمل بنظام النسيء، ولمّا دخل صلى الله عليه وآله وسلم المدينة ووجد اليهود صيام أمر بصيام العاشر من محرّم وهو هكذا الأربعاء التالي على فرض أنّه صام المزيف ولمّا ينبه على ترك النسيء فيكون صام عاشوراء في عامين حيث فرض صيام رمضان في العام الثاني، أو يكون أمر بصيامه من العالم التالي الذي فرض فيه رمضان فقط ثم نسخت فرضيّته بصيام رمضان فمن شاء صامه ومن شاء أفطره.

والاحتمال الآخر أن لا يكون صلى الله عليه وآله وسلم قد أعلمه ربه بالشهور الحقيقيّة لاختلاف الشهور بين القبائل حتى فرض الصيام، فيكون دخل المدينة في محرّم وصام عاشوراء تلك السنة على انّه في المحرّم ثم لمّا فرض صيام رمضان من العام التالي ونسخ صيام عاشوراء عرفوا بالوحي ترتيب الشهور، فيكون مقتضى الحديث “فرض صيام رمضان في شعبان من السنة الثانية” أن يكون فرض الصيام قد وافق شهر شعبان من شهور النسيء الذي هو في حقيقته رمضان وهو احتمال ممكن أيضاً –  انظر جدول تقويم النسيء -. وكلا الاحتمالين لا إشكال فيهما.

وبمراجعة هذا اليوم باستخدام برمجيّة التقويم (آستروكال) لمعرفة ما يقابله بالتاريخ الميلادي واليهودي تبيّن أن هذا اليوم قد وافق الاثنين 20 سبتمبر 623م و 10 تشري 4383 يهودي، وهو ما يفيد دقّة الروايات إجمالاً عن يوم دخول المدينة وموافقتها الحساب، لكن تبقى عدّة احتمالاات أيضاً للترجيح بينها في التاريخ اليهودي، وهي أن التقويم اليهودي الحالي الذي حسبنا على أساسه يوم الدخول  استقرت عليه اليهود والذي أخذوه من التقويم البابلي أيّام السبي البابلي وخوارزميّته المعروفة التي أقرّها الحاخامات بين 320 – 365 ميلادي أي قبل ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم (571 م) بحوالي 206 عام تقريباً، وقد يكون يهود المدينة قد اعتمدوا هذا النظام أو ظلوا يستخدمون نظام الحساب مع استطلاع الهلال فيكون حينها 10 تشري موافقاً ليوم الأربعاء 10 محرّم بتقويم النسيء فعلاً، أو كانوا على علم بحساب تلك الخوارزميّة فيكون 10 تشري قد وافق يوم الدخول كما حسبنا.

المراجع

السيرة النبوية لابن هشام
مغازي الواقدي (ط. مارسدن جونز)
المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد علي (ط. جامعة بغداد)
رسالة في النسيء عند العرب لموسى جارالله الروسي
أخبار مكَّة للأزرقي ت. بن دهيش

الباب الرابع



تطبيق طريقة حساب الأيام والأسابيع والحساب الفلكي على تواريخ روايات الأحداث

الفصل الأول: أساس التقويم
نحتاج لبناء تقويم علمي معتمد لأحداث سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم العطرة أن يكون لدينا أحداثاً يمكن اعتمادها كنقاط ارتكاز زمنية قطعية أو ترقى إلى القطعي من جهة الرواية أو الوجود – قابلة للتحديد حسابياً أو فلكياً – أو كليهما وكذا معلومات قطعية – ولو كانت غير كاملة – من جهة الرواية أو الوجود أو كليهما أيضا تصلح أن نرد إليها الظنّي مما هو تحت أيدينا من معلومات حدث اختلاف حولها من قبل الرواة، فتقوم تلك القطعيات أو الفرضيات إن صح التعبير مقام المعيار والمحور الذي يدور حوله التقويم ويُعزى إليها المعلومات المختلف فيها بعد الترجيح.

والحاصل أن الكثير من أحداث السيرة لا خلاف على سنة حدوثها إلا أحداثا معدودة، وقد يحدث الاختلاف في الشهر، أو قد تكون السنة والشهر لا خلاف عليهما ويحدث الخلاف في يوم الشهر، وقد يكون يوم الأسبوع معلوما ومتفقا عليه وكذا الشهر والسنة ثم يكون يوم الشهر مختلفا فيه، وهكذا فإننا نزعم أن المعلومات التاريخية المتفق عليها أكثر من المختلف عليها باستثناء تحديد يوم الشهر وأحيانا الشهر، وهو ما يؤكد إمكانية بناء تقويم يُنسج على القطعي المتفق عليه ثم يفرّع على المتفق على بعضه ثم على المختلف فيه اختلافا بسيطا قابلا للترجيح ثم نلجأ أخيرا للترجيح والاستبعاد في القليل إن احتجنا لذلك لضبط ما يتبقى من أحداث.

وبعد التأمل في سيرته صلى الله عليه وسلم بحثا عن تلك القطعيات أو أشباه القطعيات التي اتُفق عليها، وجدنا الآتي:

  • أن الميلاد والوفاة كانتا يوم الإثنين في شهر ربيع الأول مع اختلاف في تحديد يوم الشهر.
  • أن موت إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم قد وافق الإثنين 27 يناير 632 ميلادياً لحدوث كسوف شمسي (75%~) في هذا اليوم وكان مرئيا في المدينة.
  • يوم عرفة في حجة الوداع وافق الجمعة التاسع من شهر ذي الحجة من السنة العاشرة للهجرة.
  • أن عمره الشريف صلى الله عليه وسلم كان ثلاثا وستين عاما هجريا.

اصطلاحات التقويم
اصطلحت كتب السيرة على عدة طرق أو تقاويم إن صح التعبير يُعزى إليها الأحداث على مدار حياته صلى الله عليه وسلم، فنراهم عند الكلام على المولد  الشريف ينسبونه ليوم الفيل وكذا الأحداث حتى البعثة، فيذكر ابن هشام (ت 218) رواية عن محمد بن إسحاق قال ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول عام الفيل، ويذكر البيهقي (ت 458) مثلا في دلائل النبوة عدة أحاديث تحدد عام المولد الشريف فيروي عن ابن عباس قوله “ولد النبي صلى الله عليه وسلم عام الفيل”، ويروي ابن هشام في قصة حرب الفجار أنه صلى الله عليه وسلم كان قد بلغ أربع عشرة أو خسمة عشرة سنة وفي موضع آخر عن ابن إسحاق أن حرب الفجار هاجت والنبي ابن عشرين سنة وكل هذا نسبة إلى المولد أو الفيل.

وعند كلامهم على الأحداث بين البعثة والهجرة ينسبون للبعثة تارة وللهجرة تارة أخرى، فيذكر صاحب عيون الأثر تاريخ وفاة أم المؤمنين خديجة فيقول توفيت خديجة بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين، وذكر في موضع آخر أن هذا كان لعشر مضين من البعثة، ثم إذا كان الحدث بعد الهجرة نسبوه إلى الهجرة  غالبا أو إلى أي ما سبق مع نسبته للهجرة، وهذا المنهج به ثراء في المعلومات كسرد داخل السيرة يثري السياق، لكن لبناء تقويم منضبط يتحتم علينا اختيار طريقة واحدة للتقويم ننسب إليها الأحداث كلها ابتداءا، ثم تفريعا يمكن أن نذكر النسب الأخرى نافلة.

وعليه فقد قمت باختيار التقويم الهجري كمرجعية لنسبة الأحداث، حتى تلك التي حدثت قبل الهجرة الشريفة، واعتمدت ترقيما عكسيا للسنوات الهجرية قبل الهجرة، وحيث أن الهجرة قد وقعت في ربيع الأول من العام الهجري الأول، يكون العام السابق للهجرة مباشرة هو العام -1 هجري باعتماد الإشارة السالبة للدلالة على الرجوع بالزمن في الاتجاه العكسي، أو بغير إشارة سالبة مع تسميته ق. هـ، أو “قبل الهجرة”، وعليه مثلا تكون خديجة عليها السلام قد توفيت 3 ق. هـ وبدء البعثة الذي هو على رأس أربعين سنة للفيل يكون في 13 ق. هـ وهكذا فيكون لدينا خطأ منضبطا ننسب إليه جميع الأحداث، وقد أضفت لبرنامج التقويم خاصية ذكر السنة بالنسبة المذكورة في كتب السير كإضافة لما سبق تحديده، فأذكر فوق التاريخ الهجري الممتد من 53 ق. هـ وهو عام المولد الشريف إلى 11 هـ وهو عام الانتقال الشريف أن البعثة حدثت مثلا سنة 1 للنبوة وهكذا كزيادة يمكن الرجوع إليها، لكن صلب التقويم الأساسي يقوم على التقويم الهجري الممتد.

الروايات حول وقت يوم عرفة وهلال ذي الحجة من حجة الوداع
ذكر صاحب السيرة الهشامية (ت 218 هـ) أنه صلى الله عليه وسلم خرج للحج لخمس ليال بقين من ذي القعدة، وذكر صاحب عيون الأثر أن حجة الوداع كانت في السنة العاشرة للهجرة وأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة للحج يوم الخميس لست بقين من ذي القعدة نهاراً ثم سار إلى أن دخل مكة من أعلاها من كداء من الثنية العليا صبيحة الأحد لأربع خلون من ذي الحجة وأقام محرما إلى ليلة الخميس بعد قام بأعمال العمرة قارنا، فبات بمنى يوم التروية ليلة الجمعة وصلى بها الصبح من يوم الجمعة ثم تحرك إلى عرفة ونزل في قبته حتى إذا زالت الشمس أتى بطن الوادي فخطب خطبته المشهورة بنَمِرة وهو على راحلته.

وعند ابن كثير في البداية والنهاية أن يوم التروية قد وافق الخميس وأنه صلى الله عليه وسلم صلى الفجر صبيحة الجمعة وهو يوم عرفة ثم تحرك إلى عرفة فخطب وهو على راحلته.

وعليه وعلى ما اتفق عليه المسلمو ن من جهة الرواية إجماعا أن يوم عرفة في السنة العاشرة قد وافق الجمعة الشريفة وأن ذي الحجة قد استهل ليلة الخميس ليلة الثامن من خروجه من المدينة صلى الله عليه وسلم كما عند صاحب العيون.

وإذا كان ذو الحجة قد استهل ليلة الخميس فتكون عرفة يوم الجمعة كما تقرر نستطيع أن نكتب تاريخ هذا الحدث كالآتي: غرة ذو الحجة 10 هجري الموافق يوم الخميس، و 9 ذو الحجة 10 هجري الموافق يوم الجمعة، والسؤال هل من جهة الوجود يمكن حدوث ذلك؟. بمعنى هل إذا اتخذنا طريقا حسابيا أبو فلكياً – وسنتخذ كليهما للتأكد التام – هل نستطيع أن نقول أن هذا التاريخ الذي اجمعت عليه الروايات هو تاريخ (دقيق) من جهة الوجود لإمكان حدوثه حسابيا وفلكيا؟، هذا ما سنراه في السطور التالية.

نتائج الكشف عن تاريخ عرفة في حجة الوداع حسابيا وفلكيا
وباستخدام برمجية أستروكال لحساب اليوم الميلادي المقابل لهذا التاريخ الهجري للتأكد من إمكان حدوث هذا التاريخ الهجري في يوم الجمعة وإذا تحققنا من ذلك تأكدنا من جهة الرواية والوجود معا.

وباختبار كلا الطريقتين الحسابية التقريبية والفلكية الدقيقة من البرمجية لتحديد اليوم الميلادي وبالتالي يوم الأسبوع المقابل لهذا اليوم يكون لدينا أن اليوم المقابل لـ 9 من شهر ذي الحجة (12) من السنة العاشرة (10) مقابلا ليوم 6 من شهر مارس 632 ميلادية وكان هذا اليوم موافقا ليوم الجمعة طبقا لبرمجية الحساب التقريبي والدقيق كليهما وهو ما يؤكد بلا شك أن هذا التاريخ المذكور في الرواية هو تاريخ دقيق ومنضبط، أيضا فقد استهل هلال ذو الحجة ليلة الخميس الموافق 27 فبراير 632 ميلادية فعلا وهو موافق للمذكور في كتب السيرة.

النتائج
يوم هجري ميلادي مكان حدث
الخميس 1 ذو الحجة 10هـ 27 فبراير 632م المدينة المنورة غرة ذو الحجة قبل حجة الوداع
الجمعة 9 ذو الحجة 10 هـ 6 مارس 632م مسجد نمرة خطبة الوداع يوم عرفة
الإثنين 12 ذو الحجة 10 هـ 9 مارس 632م  – ثالث أيام التشريق من حجة الوداع

الروايات حول موت سيدنا ابراهيم ابن حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم
ذكر صاحب العيون أن سيدنا إبراهيم ابن سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم قد ولد في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة ومات في ربيع الأول سنة عشر.

نتائج الكشف عن يوم وفاة سيدنا إبراهيم ابن حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم فلكيا
وحيث أن يوم وفاة سيدنا إبراهيم ابن سيدنا صلى الله عليه وسلم قد حدث كسوفا شمسيا فمبراجعة جداول الكسوف الدقيقة للسنة العاشرة من الهجرة (في حدود سنة 632 ميلادية) الخاصة بهيئة ناسا الأميركية يتبين لنا أن يوم الكسوف هذا قد وافق الإثنين 27 يناير 632 ميلادي وقد حدث أول الكسوف حوالي الساعة السابعة صباحاً وكان قرص الشمس مغطى بنسبة 75% وكان الكسوف مرئيا في المدينة المنورة، وبمراجعة برمجية أستروكال لتحديد التاريخ الهجري المقابل لهذا التاريخ بدقة نجد أن يوم الإثنين 27 يناير 632 وافق يوم 29 شوال 10هـ وعليه تكون نقطة ضبط التقويم الثانية هي يوم الكسوف الشمسي الموافق لوفاة سيدنا إبراهيم ابن حضرة الرسول.

النتائج
يوم هجري ميلادي مكان الحدث
الإثنين 29 شوال 10هـ 27 يناير 632م الحرم المدني الشريف وفاة سيدنا إبراهيم ابن سيدنا صلى الله عليه وسلم

الروايات حول انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى
ذكر صاحب السيرة الهشامية أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ابتدأ شكواه التي انتقل فيها في ليال بقين من صفر أو في أول شهر ربيع الاول، وعن صاحب الروض الأنف أن زمن الوفاة عند أكثرهم الثاني عشر من ربيع الأول والمجمع عليه أنه الإثنين وأن عرفة من حجة الوداع كان يوم جمعة – كما وثقناه – وعليه لا يمكن أن يكون الثاني عشر موافقا للإثنين أبدا أو حتى للأربعاء على من شذ وقال أنه الأربعاء، وبترك هذا القول الشاذ في أن الوفاة كانت يوم الأربعاء وذكر أيضا أن للطبري أن الوفاة كانت يوم الثاني من ربيع الأول، وهذا بالجملة ما ذُكر في هذه القضية.

نتائج الكشف عن يوم انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم حسابيا وفلكيا
وباستخدام برمجية أستروكال لمعرفة التاريخ المقابل الأصح ليوم 1 ربيع الأول، يتبين لنا أن ربيع الأول قد بدأ على الأرجح يوم الثلاثاء، وأن الثاني  عشر قد وافق السبت وإذا كانت الوفاة قد وافقت الإثنين اتفاقا والأقوال محصورة في أنها كانت في أول ربيع الأول – الغرة، الثاني، الثاني عشر – وعليه نجد أيضا باستخدام البرمجية أن الإثنين وافق 7 ربيع الأول و 14 ربيع الأول وفيهما تنحصر احتمالات الانتقال الشريف حسبما نرى، وإذا كان الميلاد وقع في 12 ربيع أيضا فقد أتمّ صلى الله عليه وسلم 63 عاما هجريا يزيدون يومين، وإذا وافق 9 ربيع فإن الانتقال يكون قد وافق 63 عاما هجرياً إلا يومين!، وهو ما سنراه عند التحقق من الميلاد الشريف، وعليه يكون الانتقال الشريف موافق الإثنين 7-3-11 هجري 1-6-632 ميلاي، أو الإثنين 14-3-11 هجري 8-6-632م.

النتائج
يوم هجري ميلادي مكان الحدث
الإثنين 14/7  ربيع الأول 11 هـ 8/1 يونيه 632م الحرم المدني الشريف الانتقال للرفيق الأعلى

الروايات حول وقت الهجرة الشريفة
ذكر صاحب السيرة الهشامية من رواية ابن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل قباء وأقام بها يوم الإثنين إلى يوم الخميس وأسس مسجده ثم خرج إلى المدينة صبيحة الجمعة فأدركته الجمعة في الطريق فجمّع بالناس في بني سالم بن عوف أول جمعة صلاها بالمدينة، وعند صاحب العيون أن دخوله صلى الله عليه وسلم قباء كان الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول وكان دخوله إياها حين اشتد الضحاء من صبيحة يوم الإثنين، وهذا ما عليه جمهور أهل السير.

نتائج الكشف عن وقت الهجرة حسابيا وفلكيا
ولمعرفة يوم الهجرة حسابيا بدقة بناءا على كون عرفة من حجة الوداع قد وافق الجمعة، وبالتالي يكون يوم 12 ذو الحجة 10هـ موافقا ليم الإثنين وبفرض أن يوم الهجرة قد وافق فعلا الإثنين 12 ربيع الأول 1 هـ يمكننا عدّ الأيام بين هذين التاريخين باستخدام متوسط الأيام في الشهر القمري (29.530589) وهو متوسط ذو دقة جيدة يأخذ باعتباره الدورة القمرية الكاملة ونسبة الخطأ حسابا عليه لا تزيد على يوم بكل حال، وإذا حصلنا على عدد الأيام التقريبي بين هذين التاريخين وقسمناه على 7 – عدد أيام الاسبوع – يجب أن يكون الناتج رقما صحيحا وإلا كانت فرضية أن 12 ربيع الأول 1 هـ وافق الإثنين فرضية خاطئة لأن الإثنين وافق 12 ذو الحجة 10هـ قطعا كما هو مجمع عليه ووثقناه سلفا وعليه:

بين الإثنين 12 ذو الحجة 10 هجري والإثنين 12 ربيع الأول 1 هجري
8 سنوات * 12 شهر قمري كاملا باستثناء سنة 1 هـ وسنة 10هـ = 96 شهرا
+ 11 شهرا من بداية سنة 10هـ إلى آخر ذو القعدة = 107 شهرا
+ 9 شهور من أول ربيع الآحرة إلى نهاية سنة 1هـ = 116 شهرا
————————————————————
وهي بالأيام = 116 * 29.530589 = 3425.5448324 يوماً
+ 11 يوم من بداية ذو الحجة إلى يوم 12 منه 10 هـ = 3436.5448324 يوماً
+ 17 أو 18 يوم من 13 ربيع إلى آخر ربيع الأول 1 هـ = 3453.5448324 يوماً/ 3454.5448324 يوماً
وبقسمة عدد الأيام على 7 لابد أن يعطينا رقما صحيحا لأن عدد الأسابيع صحيحة بافتراض صحة أن 12 ربيع الأول 1 هـ كان موافقا الإثنين، وعليه يكون عدد الأسابيع بين هذين التاريخين بالكسور:
في حالة أن ربيع الأول 1 هـ كان 29 يوما (أُضيف 17 يوما لعدد الأيام) = 493.363547486 أسبوعا
في حالة أن ربيع الأول 1 هـ كان 30 يوما (أُضيف 18 يوما لعدد الأيام) = 493.506404629 أسبوعا
وفي كلا الحالتين عدد الأسابيع ليس رقما صحيحا، وعليه تكون فرضية أن الإثنين وافق 12 ربيع الأول 1 هـ خاطئة ولمعرفة التاريخ الذي وافقه 12 ربيع الأول 1 هـ نأخذ الكسر في الحالتين ونضربه في 7 ليعطينا عدد الأيام الزيادة على يوم الإثنين المفترض سلفا خطا وعليه يكون لدينا:
في الحالة الأول 2.5 يوما زائدا (3 أيام).
وفي الحالة الثانية 3.5 يوما زائدا (4 أيام).
وعليه يكون 12 ربيع 1 هـ موافقا يوم الخميس أو الجمعة.

وقد قمنا بتقريب أنصاف لأيام ليوم كامل حيث أن كسر اليوم معناه دخول يوم جديد، وبالرجوع لبرمجية أستروكال لمعرفة يوم الأسبوع الموافق ليوم 12 ربيع الأول بالحساب الفلكي للعين المجردة لإحداثيات مسجد قباء من المدينة المنورة نجد أنه كان موافقا يوم الجمعة 24 سبتمبر 622 ميلادية.

وقبل أن نستبعد يوم الخميس نقوم بإجراء الحساب باستخدام إحداثيات غار ثور في مكة المكرمة حيث أهل هلال ربيع الأول على سيدنا صلى الله عليه وسلم وهو في الغار وكان بدء ربيع لديهم متوقفا على رؤيتهم ورؤية أهل مكة هلال ربيع على ما يُستنتج من الروايات.

وبمراجعة البرمجية تبين أنه طبقا لإحداثيات غار ثور من مكة المكرمة وجدنا أن يوم الإثنين يوافق 9 ربيع الأول 1 هـ، وعليه يكون لدينا تاريخين للهجرة، تاريخ دخول النبي صلى الله عليه وسلم قباء بعد أن رأى هلال ربيع الأول يوم الأحد 12 سبتمبر 622م من غار ثور – يوم بدء التحرك تجاه المدينة المنورة -، والتاريخ الذي وجدهم يعملون به حين دخوله المدينة طبقا لرؤيتهم يكون الإثنين 8 ربيع وليس 9، ويكون الجمعة 12 ربيع، ولذلك فلن نسبتعد شيئا وسنعتمد التاريخين حيث كليهما صحيح من وجه، وعليه يكون الإثنين قد وافق 8 ربيع الأول 1 هـ عند أهل قباء من المدينة المنورة، و 9 ربيع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق الهجرة بعد أن رأى هلال ربيع  من الغار.

النتائج
يوم هجري ميلادي مكان حدث
الإثنين 1 ربيع الاول 1 هـ 13 سبتمبر 622م مسجد قباء هلال ربيع عند أهل المدينة
الإثنين 8 ربيع الأول 1 هـ 20 سبتمبر 622م مسجد قباء دخول قباء في رحلة الهجرة
الجمعة 12 ربيع الأول 1 هـ 24 سبتمبر 622م الحرم المدني دخول المدينة من الهجرة
الأحد 1 ربيع الأول 1 هـ 12 سبتمبر 622م غار ثور هلال ربيع  في رحلة الهحرة
الإثنين 9 ربيع الأول 1 هـ 20 سبتمبر 622م قبل دخول قباء دخول قباء في رحلة الهجرة
الجمعة 13 ربيع الأول 1 هـ 24 سبتمبر 622م تقويم الهجرة دخول المدينة من الهجرة

الروايات حول وقت المولد الشريف
ذكر صاحب عيون الأثر أنه صلى الله عليه وسلم ولد يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول في أقوال شتى منها أنه يوم الثامن ومنها أنه يوم الثاني، وذكر عن محمد بن موسى الخوارزمي (ت 232 هـ) – والخوارزمي كلامه معتبر فهو رياضي معروف وهو متقدم قريب من عبد الملك ابن هشام ولعله معاصره – أنه صلى الله عليه وسلم ولد الإثنين الثامن من ربيع الأول عام الفيل بعد الفيل بخمسين يوما وأن الفيل قدم لثلاث عشر ليلة بقيت من محرم، وأن محرم من هذه السنة وافق الجمعة، وذكر أيضا أنه تنبأ على رأس أربعين سنة من الفيل وأنه انتقل وقد أتم 63 عاما.
ومما وثقناه سلفا فقد أتم صلى الله عليه وسلم 53 عاما وقت الهجرة على الراجح من الأقوال في مكوثة بمكة وهو قول الخوارزمي أيضا وجزم أن البعثة وافقت الإثنين الثامن من ربيع الأول وكذا الهجرة كما عند صاحب عيون الأثر (انظر عيون الأثر ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب، ج 1، ص 41).

نتائج الكشف عن وقت الميلاد حسابيا وفلكيا
وإذا كان المولد الشريف قد وافق الإثنين من ربيع الأول وكان صلى الله عليه وسلم قد أتم 53 عاما هجريا كاملا وقت دخوله قباء، يكون لدينا معلومة إضافية وهي أنه صلى الله عليه وسلم قد أتم 53 سنة هجرية وقت الهجرة تتضمن على عدد أسابيع صحيحة، ومن هنا نحسب عدد الأشهر أيضا ونضرب في المتوسط المذكور (29.530589) ونقسم عدد الأيام بين الميلاد والهجرة على 7 ولابد أن يعطينا رقما صحيحا كما بيّنا في توثيق الهجرة الشريفة.

53 سنة * 12 شهرا = 636 شهرا
636 شهرا * 29.530589 = 18781.454604 يوما
18781.454604/ 7 = 2683.064943429 أسبوعا

وهو رقم غير صحيح، وعليه يكون العمر الشريف 2683 أسبوعا وبضرب الكسر في 7 مرة أخرى يكون العمر زيادة 0.5 أو يوما تقريبا أو نهمل الكسر، ولمراجعة ما وجدنا حسابيا مع الرؤية الفلكية، نأخذ تاريخ الهجرة/ دخول قباء بالتقويم المكي (الإثنين 9 ربيع الأول) ونرجع لبرمجية أستروكال لتحديد يوم الأسبوع  الموافق لنفس اليوم قبل 53 عاما على الهجرة لتحديد يوم المولد الشريف، فوجدنا أنه فعلا بالحساب الفلكي للعين المجردة على إحداثيات مكتبة مكة المكرمة وهي مكان المولد الشريف يوافق يوم الإثنين 20 إبريل 571م، وعليه نهمل الكسر حيث سيؤدي لكون الميلاد يوم الثلاثاء وهو خطأ.

النتائج
يوم هجري ميلادي مكان حدث
الإثنين 9 ربيع الاول 53 ق.هـ 20 إبريل 571م مكتبة الحرم بمكة المكرمة المولد الشريف

الروايات حول وقت البعثة الشريفة
روى البيهقي (ت 485) في دلائل النبوة بسنده عن ابن عباس وهي في البخاري قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة يوحى إليه ثم أمر بالهجرة فهاجر عشر سنين ومات نبي الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة، وذكر في موضع آخر أنه صلى الله عليه وسلم تنبأ على رأس أربعين سنة من الفيل (انظر دلائل النبوة للبيهقي ط. دار الفكرة ج1 ص 390 – 392)، وذكر بسنده عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له يا رسول الله صوم يوم الإثنين قال فيه ولدت وفيه أنزل علي القرآن، وقال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ} [القدر: 1] ومعلوم من الأحاديث المتضافرة أن ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان.

وذكر صاحب عيون الأثر بسنده عن ابن عباس قال بعث الله عز وجل محمدا على رأس خمس سنين من بنيان الكعبة وكان أول شيء أراه إياه من النبوة رؤيا في النوم … الحديث، ثم ذكر في تاريخ بدء النبوة ونزول جبريل أنه كان يوم الإثنين لسبع مضت من رمضان وقيل لسبع عشرة مضت منه وعن أبي هريرة أنه كان في السابع والعشرين  من رجب وقال أبو عمر أنه يوم الأثنين لثمان من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين من عام الفيل.

والظاهر من الروايات أن هناك حدثان، الأول هو بدء النبوة بالرؤيا الصادقة والثاني هو بدء الرسالة بنزول جبريل عليه السلام بالقرآن، والذي نتبناه أن النبوة متمثلة في الرؤيا الصادقة قد بدأت على رأس الأربعين فيما يوافق يوم مولده الشريف صلى الله عليه وسلم وهو الإثنين 9 ربيع الأول إن صح أنه وافق الإثنين أو الإثنين الأقرب إليه، وأن بدء الرسالة بنزول القرآن واستعلان جبريل كانت في العشر الأواخر من رمضان وأنها كانت بعد بدء الرؤيا الصادقة بستة أشهر، موافقة لحديث الرؤيا الصادقة جزء من 46 جزء من النبوة، والظاهر أن نبوته صلى الله عليه وسلم 23 سنة وحين نقسم كل سنة قسمين تكون النبوة 46 قسما، بدأت الرؤيا الصادقة مدة 6 أشهر والله أعلى وأعلم.

نتائج الكشف عن وقت البعثة حسابيا وفلكيا
ولمراجعة ما نتبناه من تأريخ لزمان الرؤيا الصادقة وهي حسب الروايات ستكون على رأس أربعين سنة (13 ق.هـ) في ما يوافق يوم المولد الشريف كما حققناه سلفا وهو الإثنين 9 ربيع الأول، وبالرجوع لبرمجية أستروكال للكشف عن يوم الأسبوع والتاريخ الميلادي المقابل للتاريخ المذكور 9 – 3 -13 ق.هـ نجد أن هذا اليوم قد وافق الإثنين فعلا على إحداثيات مكة المكرمة وقت البعثة الشريفة وكان موافقا ليوم 9 فبرايل 610م.
ولمعرفة تاريخ بدء الوحي وهو مقيد من الروايات السابقة والقرآن بعدة قيود، وهي أنه كان يوم الإثنين، وفي ليلة القدر وهي في الليالي الوتر من العشر الأواخر من رمضان أي ليلة 21- 23 – 25- 27- 29، ولتحديد الليلة بطريقة مضبوطة نختبر كل من هذه التواريخ على برمجية أستروكال فالتي توافق الإثنين تكون هي الليلة المختارة إن شاء الله، وبالرجوع لبرمجية أستروكال نجد أن الليلة الوحيدة التي توافق الإثنين في تلك الليالي هي ليلة 21 رمضان 13 ق. هـ وقد وافق الإثنين 17 أغسطس 610م وهو ما نرجح صحته والله أعلم.

النتائج
يوم هجري ميلادي مكان حدث
الإثنين 9 ربيع الاول 13 ق.هـ 9 فبراير 610م مكة المكرمة بدء الوحي بالرؤيا الصادقة
الإثنين 21 رمضان  13 ق,هـ 17 أغسطس 610م غار حراء مكة المكرمة بدء نزول جبريل بالقرآن

وبهذا يتم لدينا ستة أحداث كبرى مفصلية ينبني عليها التقويم ونستطيع عزو باقي الأحداث إليها أو إلى فرضيات تواريخها وأوقاتها، وهي إجمالاً:

1. يوم عرفة من حجة الوداع.
2. موت سيدنا إبراهيم بن حضرة الرسول.
3. انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم للرفيق الأعلى.
4. الهجرة الشريفة.
5. المولد الشريف.
6. البعثة الشريفة.
وعليه ينقسم التقويم النبوي إلى ثلاثة أجزاء كبرى نفصل ما بها من أحداث تباعا محاولين استخلاص تواريخها بحول الله وقوته وهي كالآتي:
1. من الميلاد إلى البعثة الشريفة، وهي إجمالا

1. المولد الشريف.
2. جده يختنه أو يكمل ختانه.
3. حليمة تأخذه لإرضاعه.
4. شق الصدر الأول.
5. حليمة تعيده إلى أمه ثم ترجع به مرة أخرى.
6. رجوعه إلى أمه.
7. موت أمه آمنة وكفالة جده له.
8. موت جده عبد المطلب وكفالة عمه.
9. خروجه مع عمه في رحلة الشام ولقاء بحيرا الراهب.
10. شهوده حرب الفجار.
11. شهوده حلف الفضول.
12. خروجه في تجارة خديجة مع غلامها ميسرة.
13. زواجه من خديجة أم المؤمنين.
14. شهوده بناء الكعبة بعد السيل على قواعد إبراهيم.
15 بدء التحنث في غار حراء وحب العزلة.

2. من البعثة إلى الهجرة الشريفة.

1. أمر الله له بمباداة قومه بالرسالة.
2. اجتماع قريش لكف الحجاج عن سماع الدعوة.
3. اتخاذ دار الأرقم مركزا للدعوة.
4. خروج الصحابة في الهجرة الأولى للحبشة.
5. تلاوة سورة النجم على مسمع من قريِش.
6. عودة مهاجري الحبشة بظن إسلام قريش.
7. إسلام حمزة عمه.
8. إسلام عمر بن الخطاب.
9. بدء مقاطعة قريش ودخول بني هاشم الشعب.
10. نقض صحيفة الظلم وفك ميثاق المقاطعة.
11. وفاة أبي طالب عمه.
12. وفاة خديجة زوجه.
13. زواجه بسودة بنت زمعة.
14. خروجه للطائف لدعوة أهلها.
15. الإسراء والمعراج.
16. اسلام ست نسمات طيبة من أهل يثرب في الموسم.
17. بيعة العقبة الأولى.
18. بيعة العقبة الكبرى.
19. إجتماع قريش في دار الندوة واتفاقهم على قتل النبي صلى الله عليه وسلم.

3. من الهجرة إلى الانتقال الشريف

1. قصر الصلاة في السفر.
2. بناءه بأم المؤمين عائشة رضي الله عنها.
3. تحويل القبلة.
4. غزوة بدر الكبرى.
5. غزوة أحد.
6. غزوة الخندق.
7. صلح الحديبية.
8. غزو خيبر.
9. عمرة القضاء.
10. معركة مؤتة.
11. فتح مكة.
12. غزوة حنين.
وبعد إجمال الأحداث نبدأ بحول الله وعنايته في تفصيل تحقيق تواريخها بادئين بأحداث ما بعد الميلاد والله الموفق.

الفصل الثاني: من الميلاد إلى البعثة الشريفة

1. شق الصدر الأول

ذكر صاحب عيون الأثر عن حليمة أنه صلى الله عليه وسلم لم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا فقدمت به على أمه وهي حريصة على رجوعه معها لبركته عليها، فلما كان من رجوعه معها بأشهر وهو مع أخيه من الرضاع في بهم خلف بيوتهم إذ أتاه رجلان فشقا صدره، الحكاية، ومنها نلخص أن هذه الحادثة وقعت في حدود أشهر من ربيع الأول – بعد أن أتم سنتين – في السنة الثالثة للميلاد الشريف وهي الخمسون قبل الهجرة، و الظاهر أنه بعد شهرين فيما يزيد – لقولها أشهر -، وعليه نختار أن هذا كان وقوعه في حدود جمادى الآخر – رجب 50 ق.هـ ونختار رجب لفضله والله أعلم.

2. رجوعه إلى أمه

وذكر صاحب عيون الأثر عن ابن عباس أن رجوعه لأمه من بني سعد كان وهو ابن خمس سنين وغيره يقول وهو ابن أربع سنين وعن أبي عمر أنها ردته وهو ابن خمس سنين ويومين من مولده سنة ست من عام الفيل، وهو ما نختار لتحديده، وهو في 11 ربيع الأول 48 ق.هـ والله أعلم.

فصل: مسألة شق الصدر وعودته لأمه
الظاهر من رواية ابن إسحاق – وهو معتبر – أن شق الصدر كان بعد تمامه عامين بأشهر، واعتبر المباركافوري هذا متناقضا لعدم تصور صبي له سنتين يرعى الغنم، والظاهر من رواية ابن إسحاق أنه – صلى الله عليه وسلم – لم يكن في رغي غنم، وإنما كان “في بُهم خلف بيوتنا” كما في رواية حليمة، فلا تذكر الرواية أنه كان يرعى غنما إنما تذكر أنه كان مع أخ له في بهم، لعلهما كانا يلعبان مع الشياه أو ما شابه، ولا نحمّل النص مالا يحتمل وهو وارد في حق من كان هذه سنه أن يلعب مع الشياه ولها دليل آخر من كلام حليمة أنه كان يشب غير باقي الغلمان فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا.
والمذكور كذلك في كتب السير عودته من عند حليمة في حدود الرابعة أو الخامسة من مولده، مع ذكرهم لحادثة شق الصدر وأن حليمة أعادته لأمه بعدها، والذي يظهر لي والله أعلم بما هنالك؛ أن حليمة كانت تتردد به على أمه كل فترة – سنة مثلا – وأنها عادت به بعد شق الصدر في غير موعدها فتعجبت أمه ثم لما هدأت أمه من روعها عادت به مرة أخرى، وهذه فرضية أفترضها لتستقيم النصوص مع بعضها، فتعيده حليمة في عودته الأخيرة لأمه بعد حادث شق الصدر بعام ونصف تقريبا وعليه نتبنى كون حادث شق الصدر وعودته لأمه الأولى بعده غير عودته الأخيرة التي في رواية ابن عباس وغيره والله تعالى أعلى وأعلم.

3. موت أمه السيدة آمنة وكفالة جده له

ومن الروايات الشتى في موت أمه عند صاحب العيون نأخذ المشهور، وهو أن أمه توفيت وهو ابن ست سنين بالأبواء بين مكة والمدينة وهي قافلة من زيارة أخواله بني عدي ابن النجار وعليه نختار كون الوفاة في ربيع الأول 47 ق.هـ أو بعدها والله أعلم.

4. موت جده عبد المطلب وكفالة عمه

وعن موت جده عبد المطلب نأخذ المشهور أيضا وهو أن موته كان وهو ابن ثمان سنين، وأنها كانت سنة تسع من عام الفيل، وحيث أو ولادته صلى الله عليه وسلم كانت عام الفيل لخمسين يوما منه، فيكون على الأرجع أن وفاة جده وقعت في آخر عامه الثامن وفي أول العام التاسع للفيل، وهو تقدير في حدود أواخر محرم وأوائل صفر من السنة الثامنة لولادته صلى الله عليه وسلم وللتحديد نختار الأبعد عن تمامه التاسعة وهو أواخر محرم 45 ق.هـ والله أعلم.

5. خروجه مع عمه في رحلة الشام ولقاء بحيرا الراهب

عند صاحب عيون الأثر عدة أقوال في زمان الرحلة إلى الشام مع عمه، منها أنه كان في التاسعة وهي عن ابن جرير الطبري، ومنها أنه كان في الثانية عشر من عمره، والمعلوم أن رحلة الشام كانت تتم في بداية فصل الصيف عند العرب، والمسافة من مكة إلى بُصرى من أرض الشام – وهي موضع تجارة العرب – حوالي 1350 كم طولي في المتوسط مرورا بالمدينة المنورة – وهو الطريق القديم على الأغلب-، وهلي حوالي 33 مرحلة – والمرحلة حوالي 41 كم كما ذكرنا – وتستغرق المرحلة من القافلة يوما كاملا فتستغرق الرحلة الكاملة حوالي شهرا وعدة أيام تزيد أو تقل – حوالي 33 يوما -، وبمراجعة برمجية أستروكال في تاريخ مولده الثاني عشر وهو يوم 9 ربيع الآخر 41 ق. هـ، نجد أنه قد وافق الجمعة 11 ديسمبر 582م، وعلى قول ابن الجوزي في تلقيح فهوم أهل الأثر محددا أنه كان ابن اثني عشر سنة وشهرين وعشرة أيام كما نقل المباركافوري عنه، وبإضافة شهرين وعشرة أيام إلى هذا التاريخ بالهجري ليكون 19 جمادى الآخرة 41 ق. هـ وهو موافق ليوم الجمعة 19 مارس 583م وهو معقول حيث السفر في الجو الربيعي والوصول لبُصرى يكون هكذا في بداية إبريل غالبا ويمكثون في الشام شهور الصيف قبل العودة مرة أخرى والظاهر أن صومعة بحيرا الراهب على تخوم الشام أو قريبا منه على شاطئ بحيرة في الأردن، وعليه يكونوا ساروا حوالي ثلثي الطريق – حوالي 900 كم أو 22 يوما – فتكون بداية السفر في أول مارس أو آخر فبراير وهو معقول أيضا وعليه نتبنى هذا القول والله أعلم.

6. شهوده حرب الفجار

ذكر صاحب عيون الأثر عن محمد بن عمر أنه صلى الله عليه وسلم شهد الفجار وكان ابن عشرون سنة وأن الفجار كان في شوال والحلف في ذي القعدة، وعلى هذا فإن الفجار تكون في سنة 33 ق. هـ شهر شوال وفيها يكون عمره صلى الله عليه وسلم عشرون عاما وسبعة أشهر والله أعلم.

7. شهوده حلف الفضول

ومما ذكر صاحب عيون الأثر عن الفجار وحلف الفضول يكون قد وقع ذلك في ذو القعدة 33 ق. هـ وله صلى الله عليه وسلم عشرون عاما وثمانية أشهر والله أعلم.

8. خروجه في تجارة خديجة مع غلامها ميسرة

ومما استنتجنا غالبا من وقت خروج رحلة الشام سابقا، ومما ذكره صاحب عيون الأثر أنه صلى الله عليه وسلم خرج في تجارة خديجة سنة 25 للفيل – وبين مولده الشريف والفيل خمسون يوما -. ومنها يكون عمره حينئذ 24 عاما وبضعة أشهر، وعليه يكون خروجه في حدود أول مارس من العام الميلادي المقابل كما استنتجنا وقت الخروج التقريبي سالفا، وبمراجعة برمجية أستروكال لتاريخ ميلاده صلى الله عليه وسلم الرابع والعشرين نجد أنه قد وافق الثلاثاء 2 أغسطس 594م، وعليه يكون الخروج في مارس التالي له وهو مارس 595م وهو بإضافة سبعة أشهر لأغسطس 594م موافق تقريبا لشهر ذو القعدة سنة 28 ق.هـ

9. زواجه من خديجة أم المؤمنين

ذكر أصحاب السير أن زواجه بخديجة كان بعد عودته من رحلة الشام بشهرين، والظاهر أن رحلة الشام كانت تستمر طوال فصل الصيف والله أعلم، وعليه تكون العودة في آخر سبتمبر والوصول لمكة في حدود شهر أكتوبر حيث تستغرق الرحلة شهرا كما أسلفنا، وعليه يكون الزواج قد وقع في أواخر ديسمبر من العام 595 أو أوائل يناير من العام 596م، وبمراجعة برمجية أستروكال لتحديد التاريخ الهجري المقابل لهذا التاريخ الميلادي نجد أن ديسمبر 595م – يناير 596م قد وافق شعبان 28 ق. هـ أو أوائل رمضان ونتبنى الأول والله أعلى وأعلم.

10. شهوده بناء الكعبة بعد السيل على قواعد إبراهيم
ذكر أصحاب السير أن البيت الحرام أصابه سيل عرم وسيدنا صلى الله عليه وسلم له 35 عاما قبل بعثته بخمس سنين، والسيل غالبا ما يكون في فصل الشتاء – 21 ديسمبر إلى 20 مارس – وبطرح 35 عاما من عام المولد الشريف – 53 ق.هـ – يكون أتم 35 عام في عام 18 ق.هـ وبمراجعة برمجية أستروكال لمعرفة الشهر الميلادي لإتمام 35 عام من هذه السنة الهجرية وهو الأحد 4 إبريل 605م الموافق لـ 9 ربيع الأول 18 ق. هـ، وهذا كما هو واضح أنه أتم 35 عاما في فصل الربيع والظاهر من الروايات أن البناء كان وعمره 35 عاما، وعليه يكون السيل في فصل الشتاء السابق لتمامه 35 عاما ويكون البناء في حدود مولده تقريبا وهو شهر إبريل – ربيع الأول والله أعلم.

11. بدء التحنث في غار حراء وحب العزلة

ذكر المباركافوري أن التحنث بدأ ثلاث سنوات قبل البعثة والمعروف أنه كان في رمضان الليالي ذوات العدد ولم أجد لكلام المباركافوري أصلا إلا في الروايات التي تقول أنه صلى الله عليه وسلم قد وُكل به إسرافيل ثلاث سنوات قبل البعثة فكان يأتيه بالكلمة من الوحي وأيا ما كان فعلى هذا يكون بدء التحنث كان في رمضان 16 ق. هـ واستمر ثلاث سنوات إلى مبعثه والله أعلم.

وهذا جدول بالأحداث من المولد إلى البعثة والتواريخ المستنتجة لها

يوم هجري ميلادي مكان حدث
رجب 50 ق.هـ شق الصدر الأول
11 ربيع الأول 48 ق.هـ رجوعه إلى أمه
ربيع الاول 47 ق.هـ موت أمه وكفالة جده
آخر محرم 45 ق.هـ موت جده وكفالة عمه
19 جماى الآخر 41 ق.هـ 19 مارس 583م خروجه في رحلة الشام مع عمه ولقاء بحيرا الراهب
شوال 33 ق. هـ شهوده حرب الفجار
ذو القعدة 33 ق.هـ شهوده حلف الفصول
ذو القعدة 28 ق.هـ مارس 595م خروجه في تجارة خديجة مع غلامها ميسرة
شعبان 28 ق.هـ زواجه من خديجة
ربيع الأول 18ق.هـ شهوده بناء الكعبة بعد السيل
رمضان 16 ق.هـ بدء التحنث في غار حراء وحب العزلة

الفصل الثالث: من البعثة إلى الهجرة الشريفة

1. أمر الله له بمباداة قومه بالرسالة

ذكر ابن اسحاق أن بدء جهره صلى الله عليه وسلم بالدعوة كان لثلاث سنين من بعثه وعليه ويكون الجهر بالدعوة في حدود ربيع الأول 10 ق.هـ، وتكون الثلاث سنوات الأولى للدعوة سرية كما عليه أهل السير والله أعلم.

2. اجتماع قريش لكف الحجاج عن سماع الدعوة

والظاهر من الروايات أن اجتماع قريش لإيجاد مقالة يكفون بها الحجيج عن سماع الدعوة النبوية كان في بدء موسم الحج في عام الجهر بالدعوة وقد دعاهم إليه الوليد بن المغيرة، وعليه يكون في ذي القعدة 10 ق. هـ والله أعلم.

3. خروج الصحابة في الهجرة الأولى للحبشة

ذكر المباركافوري نقلا عن ابن القيم أن الفوج الأول للهجرة للحبشة قد خرج في رجب سنة خمس من النبوة وهي سنة 8 ق.هـ والله أعلم.

4. تلاوة سورة النجم على مسمع من قريش

وذكر المباركافوري أنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى الحرم وقرأ سورة النجم فسجد وسجدت معه قريش وأن ذلك كان في رمضان بعد الهجرة الأولى للحبشة وهو سنة 8 ق.هـ والله أعلم.

5. عودة مهاجري الحبشة بظن إسلام قريش

وأن المهاجرين لما سمعوا بحادثة سجود قريش ظنوهم أسلموا فعادوا لمكة في شوال من نفس السنة وهي 8 ق.هـ والله أعلم.

6. إسلام حمزة عمه

وعلى قول المباركافوري أن حمزة أسلم في أواخر سنة 6 للنبوة على الأغلب في ذي الحجة والظاهر أن هذا مستنتج من حادثة إسلام عمر ابن الخطاب بعده بثلاث أيام كما سنبين وهو في سنة 7 ق.هـ وعلى ما سنرى في إسلام عمر يكون إسلام حمزة في حدود الثلاثاء 18 ذو الحجة 7 ق.هـ والله أعلم.

7. إسلام عمر بن الخطاب

وقد أسلم بعد حمزة بثلاثة أيام والظاهر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا بإسلامه ليلة خميس وأنه أسلم يوم الجمعة ومنها يكون إسلام حمزة يوم الثلاثاء السابق له وكل ذلك في ذي الحجة 7 ق.هـ ونختار الثلاثاء الأخير في الشهر وعليه يكون إسلام عمر في الجمعة الأخيرة في الشهر وهي بمراجعة البرمجية موافقة لـ 21 ذو الحجة 7 ق. هـ والله أعلم.

8. بدء مقاطعة قريش ودخول بني هاشم الشعب

ذكر المباركافوري أن بدء المقاطعة وكتابة الصحيفة الظالمة لبني هاشم وقعت في ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة، وهي 6 ق.هـ، وعليه يكون ذلك موافقا ليوم السبت 18 سبتمبر 616م والله أعلم.

9. نقض صحيفة الظلم وفك ميثاق المقاطعة

وذكر المباركافوري أيضا أن نقض الصحيفة قد وقع في المحرم سنة عشر من النبوة مستنتجا من موت عمه بعد ستة أشهر في رجب من خروجهم من الشعب، وهو الموافق لسنة 3 ق.هـ وكان المحرم موافقا آخر أغسطس – أول سبتمبر 619م والله أعلم.

فصل: في ترتيب أحداث عام الحزن
ذكر المباركافوري أن وفاة أبي طالب كانت في رجب سنة 10 للنبوة بعد الخروج من الشعب بستة أشهر، ونقل قولا أنه توفى في رمضان قبل خديجة بثلاثة أيام، ثم جعل موت خديجة بعده في رمضان من نفس السنة ومال إلى أن موت أبي طالب في رجب.

وذكر صاحب عيون الأثر عدة أقوال في موت أبي طالب وخديجة، والذي يظهر لي والله أعلم، موافقة المباركافوري في كون وفاة أبي طالب في رجب ووفاة خديجة في رمضان من عام الحزن ثم الزواج بسودة بنت زمعة ثم الخروج للطائف والله أعلم.

10. وفاة أبي طالب عمه

وكان ذلك كما ذكر المباكافوري على الصحيح في رجب بعد ستة أشهر من الخروج من الشعب وهو رجب سنة 10 من النبوة وهي سنة 3 ق.هـ والله أعلم.

11. وفاة خديجة زوجه

وكانت وفاتها رضي الله عنها في رمضان بعد موت عمه من نفس سنة الخروج من الشعب ذكره ابن الجوزي في التلقيح ونقله عنه المباركافوري، وهو رمضان سنة 3 ق.هـ والله أعلم.

12. زواجه بسودة بنت زمعة

وتزوج صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة كما نقل المباركافوري عن ابن الجوزي أيضا في شوال سنة 10 للنبوة وهي ذات السنة 3 ق.هـ وهو عام الحزن، والله أعلم.

13. خروجه للطائف لدعوة أهلها

وذكر صاحب عيون الأثر أنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى الطائف للدعوة في ليالي بقين من شوال سنة 10 للنبوة وعليه نختار الأسبوع الأخير من شوال سنة 3 ق.هـ، وذهب ماشيا على قدميه مع مولاه زيد بن حارثة وأقام عشرة أيام، والله أعلم.

14. الإسراء والمعراج

لخص المباركافوري الأقوال في الإسراء والمعراج في ستة أقوال (انظر الرحيق المختوم ص 145 ط. دار السلام بالرياض) والذي أميل إليه أن الإسراء والمعراج كان في السابع والعشرين من رجب سنة 11 للنبوة بعد عام الحزن لعدة أسباب، الأول ما ذكره المباكافوري وأيدناه أن خديجة انتقلت في رمضان في عام الحزن والإسراء كان بعد موت خديجة لأن فرض الصلوات الخمس كان في الإسراء والمعراج بلا خلاف ووفاتها كانت قبل فرض الصلوات الخمس، والثانية أن الإسراء والمعراج غالبا كان بعد واقعة الطائف أيضا وكانت في شوال من نفس العام والله أعلم، وعليه فإنا نتبنى قولا جامعا بين عدة أقوال لكنه مختلف عن المذكور في الكتب وهو أن الإسراء والمعراج كان في السنة التالية لعام الحزن وهي 11 للنبوة أو 2 ق.هـ في ميعادها المشهور وهو السابع  والعشرين من رجب وقد وافق ذلك الأربعاء 25 فبراير 621م والله أعلم.

15. إسلام ست نسمات طيبة من أهل يثرب في الموسم

وذكر صاحب عيون الأثر أن ستة نفر من الخزرج أسلموا في الموسم سنة 11 للنبوة، وعليه يكون إسلامهم في حدود ذي الحجة 3 ق.هـ والله أعلم.

16. بيعة العقبة الأولى

قال ابن هشام حتى إذا كان العام المقبل – 2 ق.هـ – وفي الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلا فلقوه بالعقبة وهي القبة الأولى فبايعوا رسول الله بيعة النساء وذلك قبل أن تفترض عليهم الحرب، وكان هذا في حدود ذي الحجة 3 ق.هـ والله أعلم.

17. بيعة العقبة الكبرى

ذكر ابن هشام رواية عن ابن إسحاق بسنده عن كعب بن مالك أنهم واعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق ليلا بعد ثلث الليل، وعليه تكون تلك البيعة في 12 ذو الحجة 1 ق.هـ وكانوا ثلاثة وسبعين رجلا وامرأتين، وبمراجعة برمجية أستروكال لإيجاد يوم الأسبوع المقابل والتاريخ الميلادي له، نجد أن هذا اليوم قد وافق الإثنين 28 يونيو 622م، والله أعلم.

18. إجتماع قريش في دار الندوة واتفاقهم على قتل النبي

ذكر ابن هشام أن ملأ قريش اجتمعوا في دار الندوة واتفقوا على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه جبريل وقال لا تبت في فراشك هذه الليلة، فأمر عليا أن ينام مكانه وخرج، ثم ذهب في اليوم التالي وقت الهاجرة إلى بيت أبي بكر مؤذنا بالهجرة الشريفة، فخرجا وانتهيا إلى غار ثور ليلا، ثم مكثا فيه ثلاثا – ثلاث ليال -، ثم تحركا ووصلا المدينة – قباء – يوم الإثنين 9 ربيع الأول بتقويم أهل مكة و8 ربيع بتقويم أهل المدينة، وبالرجوع القهقرى من يوم الوصول لقباء وبحساب المسافة التقريبية – لأن الطريق الذي سار عليه غير معروف بدقة – وإذا علمنا أنهما سارا بحذاء ساحل البحر ثم اتجها شرقا إلى أن وصلا لقباء، فبقياس تلك المسافة على خرائط قوقل نجد أنها تقريبا في حدود 360 كم، وإذا كانت مرحلة السفر تستغرق يوما كاملا وطولها حوالي 41 كم، فيكونا قطعا هذه المسافة في حدود ثمانية أيام تقريبا أي أن التحرك من غار ثور كان في ليلة الإثنين – مساء الأحد – من غرة ربيع الأول والوصول صبيحة يوم التاسع من ربيع الأول والله أعلم، وعليه يكون المكوث في غار ثور ليلة السبت والجمعة والخميس السابقين لتاريخ التحرك، ويكون الخميس هو يوم دخول الغار والأربعاء هو يوم اجتماع قريش في دار الندوة والله أعلم. (أظن أن صاحب السيرة الحلبية ذكر أن اجتماعهم في دار الندوة كان يوم السبت فيجب مراجعته وإن أمكن الجمع بين الحساب والقول الذي ذهب إليه إن كان معتبرا.

الفصل الثالث: من الهجرة إلى الانتقال الشريف

الروايات حول وقت غزوة بدر

ذكر ابن هشام عن ابن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في ليال مضت في شهر رمضان في أصحابه، وقال ابن هشام عن غير ابن إسحاق: خرج يوم الإثنين لثمان خلون من شهر رمضان، وعند ابن سعد يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت منه. ثم إن وقعة بدر كانت صبيحة الجمعة سبع عشرة من شهر رمضان على ما ذهب إليه غالب أهل السير، والمتفق عليه أنها كانت في السنة الثانية للهجرة، وذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق أن المحفوظ أن غزوة بدر كانت صبيحة الجمعة وكذلك عرفة من حجَّة الوداع، وصدَّقه ابن كثير في البداية والنهاية، وعند الواقدي أنَّه صلى الله عليه وآله وسلم غزا بدراً القتال على رأس تسعة عشر شهراً من مهاجره صلى الله عليه وآله وسلم، ومن ثامن/تاسع ربيع الأوّل لنهاية السنة الأولى تسعة أشهر، ثم من ثامن/تاسع مُحرَّم ثمانية أشهر تنتهي في ثامن/تاسع من رمضان، وهذا رأس تسعة عشر شهراً، وهو موافق أيضاً لابن هشام.

نتائج الكشف عن تاريخ غزوة بدر حسابيا وفلكيا

ولتفنيد الأقوال المذكورة في الروايات نرجع لبرمجية أستروكال، لمعرفة يوم الأسبوع الموافق لتاريخ 17 رمضان 2 هـ، وقد وجدته موافقاً ليوم الثلاثاء وليس الجمعة، والأغرب أني وجدته موافقاً للجمعة من رمضان 1 هـ، فلعل هذا التاريخ مستنتج بالرجوع القهقرى وقد غلط من استنتجه فرجع سنة إضافية!، وكذلك بمراجعة تواريخ الخروج المذكورة نجد أن كلام ابن هشام وكلام ابن سعد متعارضان، وبالتحقق من تاريخ 8 رمضان 2 هـ نجد أنه وافق الأحد وليس الإثنين وهو مقبول، ومن تاريخ 12 رمضان 2 هـ نجده قد وافق الخميس وكلام ابن هشام هو الأقرب للحساب، لكن على قول ابن هشام أن الإثنين 8 رمضان، يكون 17 رمضان موافقا الأربعاء لا الجمعة، وعلى كلام ابن سعد يكون موافقا للسبت لا الجمعة أيضاً، وعليه فإن الروايات مضطربة بشأن يوم الأسبوع والأظهر أنه الجُمعة على ما هو محفوظ كما ذكر ابن عساكر، وإذا أخذنا الجمعة الأقرب تكون 20 رمضان 2 هـ أو 13 رمضان 2 هـ، وهناك رواية عند الطبري وغيره عن بعض الصحابة  أن بدراً القتال صبيحة 19 رمضان، وعلى قول الواقدي أن بدراً القتال كانت على رأس تسعة عشر شهراً من مهاجره صلى الله عليه وآله وسلم، فإن الأقرب قول بن هشام أن الخروج وافق 8 رمضان 2 هـ وعليه تكون الموقعة 13 رمضان 2 هـ وهذا تكون على “رأس تسعة عشر شهراً” بالضبط تزيد أو تنقص يوماً والله أعلى وأعلم وهذا جدول بالنتائج.

النتائج
يوم هجري ميلادي مكان حدث
الأحد 8 رمضان 2 هـ 4 مارس 624م المدينة المنورة الخروج لملاقاة العير
الجمعة 13 رمضان 2 هـ 9 مارس 624م ماء بدر غزوة بدر على المختار
الثلاثاء 17 رمضان 2 هـ 13 مارس 624م ماء بدر غزوة بدر – على قول –
الجمعة 20 رمضان 2 هـ 16 مارس 624م ماء بدر غزوة بدر – على قول –

الروايات حول غزوة أحد

ذكر صاحب عيون الأثر أن غزوة أحد كانت في شوال سنة 3 هـ يوم السبت لإحدى عشرة ليلة خلت منه عند ابن عائذ، وعند ابن سعد لسبع ليال خلون منه على رأس اثنين وثلاثين شهرا من مهاجره وقيل للنصف منه – شوال – وعند ابن عائذ أن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم كانت ليلة الجمعة.

نتائج الكشف عن تاريخ غزوة أحد حسابيا وفلكيا

وبمراجعة برمجية أستروكال للكشف عن هذه التواريخ المذكورة، نجد أن 11 شوال 3 هـ لم يوا فق السبت كما هو قول ابن عائذ وإنما وافق الثلاثاء، و7 شوال 3 هـ لم يوافق السبت كذلك وهو مقبول لأنه لم يفرض يوم الأسبوع، والقول الثالث وهو 15 شوال 3 هـ نجد أنه يوافق السبت وهذا الاخير يجمع بين قولين، قول ابن عائذ وأنه يوم السبت 11 شوال، والقول الأخير أنه 15 شوال وأن الرؤيا كانت ليلة الجمعة فتكون الغزوة السبت، مع خطأ في التقدير في الرواية الأولى حيث 11 شوال لم يوافق سبتا، وعلى تقدير السنوات عند ابن عائذ نحسب سنتين وثمان شهور من مهاجره صلى الله عليه وسلم فتكون سنة 3 هـ في ربيع الأول تمام السنتين ونضيف ثمانية أشهر على ربيع الأول فتكون في أول ذو القعدة وهذا لم يرد في أي من الروايات وهذا خطأ في التقدير، وعلى ما تقدم نتبنى السبت الخامس عشر من شوال.

النتائج
يوم هجري ميلادي مكان حدث
السبت 15 شوال 3 هـ 30 مارس 625م جبل أحد غزوة أحد

الروايات حول وقائع الحديبية

ذكر صاحب عيون الأثر عن ابن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في يوم الإثنين لهلال ذي القعدة سنة ست من الهجرة الشريفة، وعنه عن ابن عائذ أنه صلى الله عليه وسلم أقام في غزوته تلك شهرا ونصف وعنه عن ابن سعد أنه أقام بالحديبية بضعة عشر يوما ويقال عشرين ليلة ثم انصرف.

نتائج الكشف عن وقائع الحديبية حسابيا وفلكيا

بمراجعة برمجية أستروكال والكشف عن تاريخ 1 ذو القعدة من سنة 6 هـ، وجدت أن هذا اليوم قد وافق الأحد، وهو موافق تماما لما ذكره ابن سعد مع اختلاف في تحقيقنا الفلكي، حيث يكون الخروج قد وقع يوم الإثنين 2 ذو القعدة. ولاستنتاج التواريخ الأخرى من المعطيات نرسم خطا زمنيا بداية من وقت الخروج – 2 ذو القعدة – إلى وقت الرجوع يساوي 45 يوما تقريبا – شهرا ونصف – وفي وسطه يكون حدث الوصول لمكة ثم 21 يوما – 20 ليلة – كما ذكر بن سيد الناس ثم الانصراف.
الخروج للحديبية — س — وصول مكة ——– 21 يوما —— الانصراف بعد المعاهدة — س — وصول المدينة
|————————- 45 يوما ——————–|
وبفرض أن مدة الذهاب لمكة “س” هي نفس مدة العودة منها – وهي فرضية مقبولة -، نستطيع استنتاج المدة “س” كالآتي: 2* س +  21 = 45 وبالتالي بحل المعادلة تكون س = 12 يوما وهو معقول – بناءا على أن الهجرة استغرقت أسبوعا وأنه في سفرة الحديبية قد سلك طريقا وعرة.

وعليه يكون وصوله صلى الله عليه وسلم مكة في حدود السبت 14 ذو القعدة، ويكون عقد الصلح ثم انصرافه صلى الله عليه وسلم في حدود يوم السبت 6 ذو الحجة بعد 20 ليلة على من قال بذلك ترجيحا عن من قال بضع عشرة ليلة لعدم التحديد واقترابا ممن قال بأن الغزوة استغرقت شهرا ونصف فإنها على القول الأول لم تكمل شهرا وعلى الثاني كما استنتجنا وبالتالي يكون الوصول للمدينة في حدود الخميس 18 ذو الحجة والله أعلى وأعلم.

 

النتائج
يوم هجري ميلادي مكان حدث
الإثنين 2 ذو القعدة 6هـ 13 مارس 628م المدينة المنورة الخروج إلى مكة معتمرا لا يريد حربا
السبت 14 ذو القعدة 6هـ 26 مارس 628م مكة المكرمة – الحديبية – الوصول إلى مكة
ذو القعدة 6هـ مارس 628م مكة المكرمة – الحديبية – بيعة الرضوان
السبت 6 ذو الحجة 6هـ 16 إبريل 628م مكة المكرمة – الحديبية – عقد الصلح ونحر الهدي والحلق ثم الانصراف من مكة
الخميس 18 ذو الحجة 6هـ 28 إبريل 628م المدينة المنورة الوصول للمدينة بعد الحديبية

الروايات حول وقائع غزوة خيبر

قال ابن سيد الناس عن ابن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بعد رجوعه من الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم وخرج في بقية منه – المحرم – غازيا إلى خيبر وليم يبق من السنة السادسة من الهجرة إلا شهر وأيام – لأن الهجرة وقعت في ربيع الأول – وقال موسى ابن عقبة أنه مكث عشرين يوما أو قريبا منها ثم خرج غازيا إلى خيبر، وقد استنتجنا من تواريخ الحديبية أن رجوعه صلى الله عليه وسلم المدينة كان في حدود الخميس 18 ذو الحجة من السنة السادسة.

نتائج الكشف حسابيا وفلكيا على وقائع غزوة خيبر

وعلى ما استنتجنا في تحقيق الحديبية وبإضافة 20 يوما لتاريخ الرجوع من الحديبية، نجد أن الخروج لخيبر كان في حدود يوم 9 محرم من السنة السابعة على أقل ما قال موسى بن عقبة وبزيادة 9 أيام على ما قال بن عقبة – عشرون يوما أو قريبا منها – حتى يكون المتبقي على ربيع شهر وأيام كما في رواية ابن إسحاق أنه أقام الحجة وبعض المحرم حتى لم يبق على ربيع الأول إلا شهر وأيام، وفي نفس الوقت نجمعها مع قول ابن عقبة قريبا من عشرين، فيكون الخروج غالبا في حدود 18 محرم أو بعدها قليلا والله أعلى وأعلم.
وحيث أن السفر كان يعد قديما بالمراحل وكل مرحلة تستغرق يوما واحدا من المسافر العادي سواء أكان ماشيا أم على دابة، وبمعلومية أن بين المدينة ومكة عشر مراحل (409 كيلومتر تقريبا) تكون المرحلة حوالي 42 كم، وهو المعمول به للآن في الإفتاء، حيث يمكن قصر الصلاة للسفر إن كان مرحلتين فما أكثر (حوالي 85 كليومتر)ن وحيث أن المسافة بين المدينة وخيبر حوالي 170 كم، وعليه تكون 4 مراحل تقريبا وتستغرق في حدود أربعة أيام سفر، ومنه يكون الوصول لخيبر في حدود مساء الثلاثاء 21 حيث ذكر ابن سيد الناس بسنده عن أنس بن مالك أنهم نزلوا خيبر ليلا، ثم دخلوها صباحا فيكون بدء الغزو صبيحة الأربعاء 22 محرم والله أعلم.

النتائج
يوم هجري ميلادي مكان حدث
السبت 18 محرم 7 هـ 28 مايو 628م المدينة المنورة الخروج لغزو خيبر
الثلاثاء 21 محرم 7 هـ 31 مايو 628م وادي خيبر الوصول لخيبر
الأربعاء 22 محرم 7 هـ 1 يونيو 628م وادي خيبر بدء غزو خيبر

الروايات حول غزوة مؤتة

ذكر ابن هشام عن ابن إسحاق أن غزوة مؤتة كانت في جمادى الأولى سنة ثمان للهجرة وظاهر كلام ابن هشام أنها وقعت في أوائل جمادى الأولى حيث ذكر في فتح مكة أن حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم أقام بعد بعث مؤتة جمادى الآخرة ورجباً، والظاهر أنهم عادوا من مؤتة في أواسط جمادى الآخرة حسابا على مسافة الذهاب والإياب ومدة الحرب التقريبية، فإن رحلة الشام من مكة إلى معان من أرض الشام في حدود 780 كم طبقا لخرائط غوغل وهي بالتقريب 19 مرحلة أو 19 يوما من السير، ومن معان إلى مؤتة حوالي 110 كم أو تقريبا ثلاثة أيام من المسير، وكانوا قد أقاموا في معان ليلتين فتكون الرحلة استغرقت حوالي 24 يوما وظاهر الروايات أن مدة المعركة كانت يومين تقريبا قتل في أول يوم القادة الثلاثة الذين سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ولي خالد وقاتل من غده ثم انسحب قافلا للمدينة مسرعا وقد استغرقوا في حدود 22 يوما للرجوع وهذا توضيح للمدد كما استنتجناها والله أعلم.

رحلة الذهاب
الخروج من المدينة —- 19 يوما —- الوصول لمعان ثم المبيت يومين ثم التحرك —- 3 أيام —- الوصول لمؤتة
رحلة الإياب
يومين مدة الحرب ثم الانسحاب —- 22 يوما — الوصول للمدينة المنورة
فتكون رحلة الذهاب قد استغرقت 24 يوما والإياب 22 يوما ومدة الحرب يومين فيكون إجمالي المدة لحين العودة 48 يوما، فإن كان التحرك في أوائل جمادى الأولى فتكون العودة في أواسط أو أواخر جمادى الآخرة والله أعلى وأعلم.

النتائج
يوم هجري ميلادي مكان حدث
أوائل جمادى الأولى 8 هـ المدينة المنورة الخروج لفتح مؤتة
أواخر جمادى الأولى 8 هـ معان الوصول لمعان
أوائل جمادى الآخرة 8 هـ مؤتة معركة مؤتة
أواخر جمادى الآخرة 8 هـ المدينة المنورة العودة من المعركة

الروايات حول فتح مكة

ذكر ابن هشام أن فتح مكة كان في رمضان سنة ثمان، وعند صاحب عيون الأثر أنه صلى الله عليه وسلم خرج لعشر مضين من رمضان وصام الناس حتى إذا كانوا بالكديد – ولعله عني قديد – أفطر – والكديد كما ذكر محقق عيون الأثر على بعد 42 ميلا من مكة ومسافة الميل الشرعي حوالي 2 كم، أي أنهم ساروا حوالي سبعة أيام من عشرة أيام – وهي المراحل بين مكة والمدينة – فيكون كسر الصيام في حدود يوم 18 رمضان، ثم وصل مكة في حدود 20 رمضان ودخلها يوم 21 رمضان والله أعلم.

نتائج الكشف عن وقائع فتح مكة حسابيا وفلكيا

وبمراجعة برمجية أستروكال، تبين أن يوم 10 رمضان 8 هـ قد وافق الأحد 31 ديسمبر 929م وعليه يكون قد أفطر عليه الصلاة والسلام وأمر أصحابه بالفطر من يوم 18 رمضان 8 هـ وهو المافق الإثنين 8 يناير 630 م، والوصول لمشارف مكة ليلة 20 رمضان 8 هـ الموافق الأربعاء 10 يناير 630م، ودخولها الخميس 21 رمضان 8 هـ الموافق 11 يناير 630م والله أعلى وأعلم.

النتائج
يوم هجري ميلادي مكان حدث
الأحد 10 رمضان 8 هـ 31 ديسمبر 629 م المدينة المنورة الخروج لفتح مكة المكرمة
الإثنين 18 رمضان 8 هـ 8 يناير 630م الكديد أفطر وأمر أصحابه بالإفطار في الطريق لمكة
الأربعاء 20 رمضان 8 هـ 10 يناير 630م مكة المكرمة على مشارف مكة ليلا
الخميس 21 رمضان 8 هـ 11 يناير 630م مكة المكرمة دخوله مكة شرفها الله تعالى

الروايات حول غزوة حنين

ذكر ابن إسحاق عن ابن شهاب الزهري بسنده أنه صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بعد فتحها خمسة عشرة ليلة يقصر الصلاة وعند ابن حجر في فتح الباري تعليقا على باب مقامه صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح أنه كان 19 يوما بناءا على رواية ابن عباس في حديث قصر الصلاة، وتحليل ابن حجر اختاره المباركافوري ونختاره، وعليه يكون الخروج لحنين في اليوم العشرون من دخوله مكة ونختار العشرون خلافا للمباركافوري لأن الكلام يوحي بأنه قد أتم صلاته بعدها و الله أعلم، والمذكور في السير أن وادي حنين بين مكة والطائف والظاهر أنه على مسيرة جزء من اليوم حيث أن حنينا اليوم هي منطقة الشرائع القريبة من مكة كما أشار إلى ذلك الشيخ عاتق بن غيث البلادي في معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية وهي على بعد 12 كم تقريبا من الحرم طبقا لخرائط غوغل وهي تقريبا مسيرة 4 ساعات من الحرم اتباعا لحساب المراحل واعتبار المرحلة 42 كم تستغرق مسيرا في حدود 12 ساعة أو يوما والله أعلى وأعلم.

نتائج الكشف عن وقائع غزوة حنين فلكيا وحسابيا

وعلى تحليل ابن حجر وما تبعه عليه المباركافوري وما استنتجناه، وبمراجعة برمجية أستروكال عن شهر رمضان 8 هـ تبين أنه كان 30 يوما، وعليه بإضافة 18 يوما إلى 21 رمضان وهو يوم الدخول – وبهذا نعد يوم الدخول من جملة المدة – فنحسب من رمضان 9 أيام حتى يوم 30 ثم 9 أيام من شوال ويكون الخروج يوم 10 شوال وهو بمراجعة برمجية أستروكال يكون موافقا لصبيحة يوم الثلاثاء 30 ينانير 630م ويكون الوصول لوادي حنين في نفس اليوم والمعركة كذلك.

جدول الأحداث الثلاثة الكبرى في حياته صلى الله عليه وسلم وما يتفرع عنها من تواريخ

المكان يوم هجري ميلادي الحدث
مكتبة الحرم بمكة المكرمة الإثنين 9 ربيع ألاول 53 ق.هـ 20 إبريل 571م يوم المولد الشريف
غار حراء بمكة المكرمة الإثنين 9 ربيع الأول 13 ق.هـ 9 فبراير 610م بدء النبوة بالرؤيا الصادقة وهي البعثة الشريفة
غار حراء بمكة المكرمة الإثنين رمضان 13 ق.م أغسطس 610م بدء الرسالة بنزول “إقرأ” ولقاء جبريل
غار ثور بمكة المكرمة الأحد 1 ربيع الأول 1هـ 12 سبتمبر 621م هلال ربيع الاول في غار ثور وقت الهجرة
مسجد قباء بالمدينة المنورة الإثنين 8 ربيع الأول 1 هـ 20 سبتمبر 621م دخول قباء على مشارف المدينة المنورة
منازل سالم بن عوف من المدينة المنورة الجمعة 12 ربيع الاول 1 هـ 24 سبتمبر 621م دخول المدينة المنورة مهاجرا

جدول تجميعي للأحداث الكبرى في حايته صلى الله عليه وسلم

يوم هجري ميلادي الحدث
الإثنين ربيع ألاول 53 ق.هـ 20 إبريل 571م يوم المولد الشريف
الإثنين 9 ربيع الأول 13 ق.هـ 9 فبراير 610م بدء النبوة بالرؤيا الصادقة وهي البعثة الشريفة
الإثنين رمضان 13 ق.م أغسطس 610م بدء الرسالة بنزول “إقرأ” ولقاء جبريل
الإثنين 8 ربيع الأول 1هـ 20 سبتمبر 621م دخول قباء على مشارف المدينة المنورة
الجمعة 12 ربيع الأول 1 هـ 24 سبتمبر 621م دخول المدينة المنورة مهاجرا
الإثنين 29 شوال 10 هـ 27 يناير 621م وفاة سيدنا إبراهيم ابن سيدنا صلى الله عليه وسلم
الجمعة 9 ذو الحجة 10هـ 6 مارس 632م خطبة يوم عرفة من حجة الوداع
الإثنين 14/7 ربيع الأول 11 هـ 8/1 يونية 632م انتقال سيدنا صلى الله عليه وسلم للرفيق الأعلى

نقطة زمنية تصلح أن تكون محورا للتقويم من جهة توثيق تاريخها من قبل الروايات توثيقا دقيقا والاتفاق أو الإجماع عليها ومن ثم تصلح أن ينبني عليها فرضيات التقويم من ضبط للتواريخ وللأحداث، هدانا المولى سبحانه ليوم عرفة من حجة الوداع وذلك لعدة خصائص ذاتية في هذا الحدث الجلل:
أن تاريخها دقيق ومفصل جداً ومتفق عليه وهو في مرتبة القطعي من حيث الرواية وإجماع المسلمين عليها لم يختلف عليها أحد أبدا.
السنة: فهي في السنة العاشرة للهجرة الشريفة باتفاق.
الشهر: في شهر ذي الحجة قطعا.
اليوم: التاسع من ذي الحجة قطعا.
يوم الأسبوع: الجمعة باتفاق.

وقد وجدت حدثا آخر يمكن ضبطه بدقة شديدة من جهة الوجود لا من جهة الرواية واختلاف الروايات في وقته، وهو يوم وفاة إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد وافق هذا اليوم كسوفا شمسيا وباستقراء الكسوف الشمسي في زمانه صلى الله عليه وسلم يمكن أن نحدد هذا اليوم بدقة متناهية من خلال الحسابات الحديثة.