(اجْتِمَاعُ قُرَيْشٍ لِلْحَرْبِ)

فَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ لِحَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ…

حِينَ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو سُفْيَانَ ابْنُ حَرْبٍ، وَأَصْحَابُ الْعِيرِ بِأَحَابِيشِهَا، وَمَنْ أَطَاعَهَا مِنْ قَبَائِلِ كِنَانَةَ، وَأَهْلِ تِهَامَةَ، وَكَانَ أَبُو عَزَّةَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُمَحِيُّ قَدْ مَنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ فَقِيرًا ذَا عِيَالٍ وَحَاجَةٍ، وَكَانَ فِي الْأُسَارَى فَقَالَ:
إنِّي فَقِيرٌ ذُو عِيَالٍ وَحَاجَةٍ قَدْ عَرَفْتَهَا فَامْنُنْ عَلَيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ، فَمَنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ لَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ: يَا أَبَا عَزَّةَ إنَّكَ امْرُؤٌ شَاعِرٌ، فَأُعِنَّا بِلِسَانِكَ، فَاخْرُجْ مَعَنَا، فَقَالَ: إنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَنَّ عَلَيَّ فَلَا أُرِيدُ أَنْ أُظَاهِرَ عَلَيْهِ، قَالَ: (بَلَى) فَأَعِنَّا بِنَفْسِكَ، فَلَكَ اللَّهُ عَلَيَّ إنْ رَجَعْتُ أَنْ أُغْنِيَكَ، وَإِنْ أُصِبْتَ أَنْ أَجَعَلَ بَنَاتِكَ مَعَ بَنَاتِي، يُصِيبُهُنَّ مَا أَصَابَهُنَّ مِنْ عُسْرٍ وَيُسْرٍ. فَخَرَجَ أَبُو عَزَّةَ فِي تِهَامَةَ، وَيَدْعُو بَنِي كِنَانَةَ وَيَقُولُ:
إيهًا بَنِي عَبْدِ مَنَاةَ الرُّزَّامِ أَنْتُمْ حُمَاةٌ وَأَبُوكُمْ حَامْ 
لَا تَعْدُونِي نَصَّرَكُمْ بَعْدَ الْعَامِ لَا تُسْلِمُونِي لَا يَحِلُّ إسْلَامْ
وَخَرَجَ مُسَافِعُ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحٍ إلَى بَنِي مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ، يُحَرِّضُهُمْ وَيَدْعُوهُمْ إلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:
يَا مَالُ، مَالُ الْحَسَبَ الْمُقَدَّمِ أَنْشُدُ ذَا الْقُرْبَى وَذَا التَّذَمُّمْ
مَنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ وَمَنْ لَمْ يَرْحَمْ الْحِلْفَ وَسْطَ الْبَلَدِ الْمُحَرَّمْ
عِنْدَ حَطِيمِ الْكَعْبَةِ الْمُعَظَّمْ
وَدَعَا جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ غُلَامًا لَهُ حَبَشِيًّا يُقَالُ لَهُ: وَحْشِيٌّ، يَقْذِفُ بِحَرْبَةِ لَهُ قَذْفَ الْحَبَشَةِ، قَلَّمَا يُخْطِئُ بِهَا، فَقَالَ لَهُ: اُخْرُجْ مَعَ النَّاسِ، فَإِنْ أَنْتَ قَتَلْتُ حَمْزَةَ عَمَّ مُحَمَّدٍ بِعَمِّي طُعَيْمَةَ بْنِ عَدِيٍّ، فَأَنْتَ عَتِيقٌ.