8 هـ
630 م
إسْلَامُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرّبِيعِ

اسْتِيلَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى تِجَارَةٍ مَعَهُ وَإِجَارَةُ زَيْنَبَ لَهُ: …


قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَقَامَ أَبُو الْعَاصِ بِمَكّةَ وَأَقَامَتْ زَيْنَبُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ حِينَ فَرّقَ بَيْنَهُمَا الْإِسْلَامُ حَتّى إذَا كَانَ قُبَيْلَ الْفَتْحِ خَرَجَ أَبُو الْعَاصِ تَاجِرًا إلَى الشّأْمِ وَكَانَ رَجُلًا مَأْمُونًا، بِمَالِ لَهُ وَأَمْوَالٍ لِرِجَالِ مِنْ قُرَيْشٍ، أَيْضَعُوهَا مَعَهُ فَلَمّا فَرَغَ مِنْ تِجَارَتِهِ وَأَقْبَلَ قَافِلًا، لَقِيَتْهُ سَرِيّةٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصَابُوا مَا مَعَهُ وَأَعْجَزَهُمْ هَارِبًا، فَلَمّا قَدِمَتْ السّرِيّةُ بِمَا أَصَابُوا مِنْ مَالِهِ أَقْبَلَ أَبُو الْعَاصِ تَحْتَ اللّيْلِ حَتّى دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَجَارَ بِهَا، فَأَجَارَتْهُ وَجَاءَ فِي طَلَبِ مَالِهِ فَلَمّا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الصّبْحِ – كَمَا حَدّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ – فَكَبّرَ وَكَبّرَ النّاسُ مَعَهُ صَرَخَتْ زَيْنَبُ مِنْ صُفّةِ النّسَاءِ أَيّهَا النّاسُ إنّي قَدْ أَجَرْت أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرّبِيعِ. قَالَ فَلَمّا سَلّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الصّلَاةِ أَقْبَلَ عَلَى النَّاس فَقَالَ «يها النّاسِ هَلْ سَمِعْتُمْ مَا سَمِعْت» قَالُوا: نَعَمْ قَالَ «أَمَا وَاَلّذِي نَفْسُ مُحَمّدٍ بِيَدِهِ مَا عَلِمْت بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ حَتّى سَمِعْت مَا سَمِعْتُمْ إنّهُ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ». ثُمّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ فَقَالَ «أَيْ بُنَيّةَ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ وَلَا يَخْلُصَن إلَيْك، فَإِنّك لَا تَحِلّينَ لَهُ»
الْمُسْلِمُونَ يَرُدّونَ عَلَيْهِ مَالَهُ ثُمّ يُسْلِمُ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إلَى السّرِيّةِ الّذِينَ أَصَابُوا مَالَ أَبِي الْعَاصِ فَقَالَ لَهُمْ «إنّ هَذَا الرّجُلَ مِنّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ، وَقَدْ أَصَبْتُمْ لَهُ مَالًا، فَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَرُدّوا عَلَيْهِ الّذِي لَهُ فَإِنّا نُحِبّ ذَلِكَ وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَهُوَ فَيْءُ اللهِ الّذِي أَفَاءَ عَلَيْكُمْ فَأَنْتُمْ أَحَقّ بِهِ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ بَلْ نَرُدّهُ عَلَيْهِ فَرَدّوهُ عَلَيْهِ حَتّى إنّ الرّجُلَ لَيَأْتِي بِالدّلْوِ وَيَأْتِي الرّجُلُ بِالشّنّةِ وَبِالْإِدَاوَةِ حَتّى إنّ أَحَدَهُمْ لَيَأْتِي بِالشّظَاظِ حَتّى رَدّوا عَلَيْهِ مَالَهُ بِأَسْرِهِ لَا يَفْقِدُ مِنْهُ شَيْئًا. ثُمّ احْتَمَلَ إلَى مَكّةَ فَأَدّى إلَى كُلّ ذِي مَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ مَالَهُ وَمَنْ كَانَ أَبْضَعَ مَعَهُ ثُمّ قَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، هَلْ بَقِيَ لِأَحَدِ مِنْكُمْ عِنْدِي مَالٌ لَمْ يَأْخُذْهُ؟ قَالُوا: لَا فَجَزَاك اللهُ خَيْرًا، فَقَدْ وَجَدْنَاك وَفِيّا كَرِيمًا قَالَ فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللهُ، وَأَنّ مُحَمّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَاَللهِ مَا مَنَعَنِي مِنْ الْإِسْلَامِ عِنْدَهُ إلّا تَخَوّفُ أَنْ تَظُنّوا أَنّي أَرَدْت أَنْ آكُلَ أَمْوَالَكُمْ فَلَمّا أَذَاهَا اللهُ إلَيْكُمْ وَفَرَغْت مِنْهَا أَسْلَمْت ثُمّ خَرَجَ حَتّى قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
زَوْجَتُهُ تُرَدّ إلَيْهِ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ رَدّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ عَلَى النّكَاحِ الْأَوّلِ لَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا “بَعْدَ سِتّ سِنِينَ”
مَثَلٌ مِنْ أَمَانَةِ أَبِي الْعَاصِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ أَنّ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرّبِيعِ لَمّا قَدِمَ مِنْ الشّامِ وَمَعَهُ أَمْوَالُ الْمُشْرِكِينَ قِيلَ لَهُ هَلْ لَك أَنْ تُسْلِمَ وَتَأْخُذَ هَذِهِ الْأَمْوَالَ، فَإِنّهَا أَمْوَالُ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ أَبُو الْعَاصِ بِئْسَ مَا أَبْدَأُ بِهِ إسْلَامِي أَنْ أَخُونَ أَمَانَتِي.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ التّنّورِيّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ الشّعْبِيّ، بِنَحْوِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي الْعَاصِ.
الّذِينَ أُطْلِقُوا مِنْ غَيْرِ فِدَاءٍ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَكَانَ مِمّنْ سُمّيَ لَنَا مِنْ الْأُسَارَى مِمّنْ مَنّ عَلَيْهِ بِغَيْرِ فِدَاءٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرّبِيعِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ مَنّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ بَعَثَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِدَائِهِ. وَمِنْ بَنِي مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ الْمُطّلِبُ بْنُ حَنْطَبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، كَانَ لِبَعْضِ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَتَرَكَ فِي أَيْدِيهِمْ حَتّى خَلّوْا سَبِيلَهُ. فَلَحِقَ بِقَوْمِهِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَسَرَهُ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ، أَبُو أَيّوبَ الْأَنْصَارِيّ، أَخُو بَنِي النّجّارِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَصَيْفِيّ بْنُ أَبِي رِفَاعَةَ بْنِ عَابِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، تُرِكَ فِي أَيْدِي أَصْحَابِهِ فَلَمّا لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ فِي فِدَائِهِ أَخَذُوا عَلَيْهِ لَيَبْعَثَن إلَيْهِمْ بِفِدَائِهِ فَخَلّوْا سَبِيلَهُ فَلَمْ يَفِ لَهُمْ بِشَيْءِ فَقَالَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ فِي ذَلِكَ

وَمَا كَانَ صَيْفِيّ لِيُوفِيَ ذِمّةً *** قَفَا ثَعْلَبٍ أَعْيَا بِبَعْضِ الْمَوَارِدِ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَبُو عَزّةَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أُهَيْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ كَانَ مُحْتَاجًا ذَا بَنَاتٍ فَكَلّمَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدْ عَرَفْت مَا لِي مِنْ مَالٍ، وَإِنّي لَذُو حَاجَةٍ وَذُو عِيَالٍ فَامْنُنْ عَلَيّ فَمَنّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَ عَلَيْهِ أَلّا يُظَاهِرَ عَلَيْهِ أَحَدًا فَقَالَ أَبُو عَزّةَ فِي ذَلِكَ يَمْدَحُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَذْكُرُ فَضْلَهُ فِي قَوْمِهِ:

مَنْ مُبَلّغٌ عَنّي الرّسُولَ مُحَمّدًا *** بِأَنّك حَقّ وَالْمَلِيكُ حَمِيدُ
وَأَنْتَ امْرِئِ وَتَدْعُو إلَى الْحَقّ وَالْهُدَى *** عَلَيْك مِنْ اللهِ الْعَظِيمِ شَهِيدُ
وَأَنْتَ امْرِئِ بُوّئْت فِينَا مَبَاءَةً *** لَهَا دَرَجَاتٌ سَهْلَةٌ وَصُعُودُ
فَإِنّك مَنْ حَارَبْته لَمُحَارَبٌ *** شَقِيّ وَمَنْ سَالَمَتْهُ لَسَعِيدُ
وَلَكِنْ إذَا ذُكّرْت بَدْرًا وَأَهْلَهُ *** تَأَوّبَ مَا بِي: حَسْرَةٌ وَقُعُودُ

ثَمَنُ الْفِدَاءِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: كَانَ فِدَاءُ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ لِلرّجُلِ إلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ إلّا مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ فَمَنّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ


 

فَهَذِهِ حَالٌ مِنْ الْمَصْدَرِ فِي الْحَقِيقَةِ وَتَعَلّقُ حَرْفِ الْجَرّ مِنْ قَوْلِهَا: أَفِي السّلْمِ بِمَا أَدّتْهُ الْأَعْيَارُ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ فَكَأَنّهَا قَالَتْ أَفِي السّلْمِ تَتَبَلّدُونَ وَهَذَا الْفِعْلُ الْمُخْتَزَلُ النّاصِبُ لِلْأَعْيَارِ لَا يَجُوزُ إظْهَارُهُ لِلسّرّ الّذِي نَبّهْنَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِ الْمُبْرِقِ [عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ] :
وَعَائِذًا بِك أَنْ يَعْلُوا فَيُطْغُونِي
اُنْظُرْهُ فِي الْهِجْرَةِ إلَى الْحَبَشَةِ.
رَدّ زَيْنَبَ عَلَى زَوْجِهَا
وَذَكَرَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ أَنّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدّ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ عَلَى النّكَاحِ الْأَوّلِ لَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا بَعْدَ سِتّ سِنِينَ وَيُعَارِضُ هَذَا الْحَدِيثَ مَا رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ أَنّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدّهَا عَلَيْهِ بِنِكَاحِ جَدِيدٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ هُوَ الّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَصَحّ إسْنَادًا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَلَكِنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ فِيمَا عَلِمْت لِأَنّ الْإِسْلَامَ قَدْ كَانَ فَرّقَ بَيْنَهُمَا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [لممتحنة:10] وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ قَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ: مَعْنَى رَدّهَا عَلَيْهِ عَلَى النّكَاحِ الْأَوّلِ أَيْ عَلَى مِثْلِ النّكَاحِ الْأَوّلِ فِي الصّدَاقِ وَالْحِبَاءِ لَمْ يُحْدِثْ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ مِنْ شَرْطٍ وَلَا غَيْرِهِ.
شِعْرُ بِلَالٍ فِي مَقْتَلِ أُمَيّةَ
وَذَكَرَ قَتْلَ بِلَالٍ لِأُمَيّةِ بْنِ خَلَفٍ وَلَمْ يَذْكُرْ شِعْرَهُ فِي ذَلِكَ وَذَكَرَهُ ابْنُ إسْحَاقَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرّوَايَةِ وَهُوَ:

فَلَمّا الْتَقَيْنَا لَمْ نُكَذّبْ بِحَمْلَةِ *** عَلَيْهِمْ بِأَسْيَافِ لَنَا كَالْعَقَائِقِ
وَمَطْرُورَةُ حُمْرُ الظّبَاةِ كَأَنّهَا *** إذَا رُفِعَتْ أَشْطَانُ ذَاتِ الْأَبَارِقِ
بَنِي جُمَحٍ قَدْ حَلّ قَعْصٌ بِشَيْخِكُمْ *** عَلَى مَاءِ بَدْرٍ رَأْسِ كُلّ مُنَافِقِ
هَجَمْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ وَاشْتَجَرَتْ بِهِ *** مَصَالِيتُ لِلْأَنْصَارِ غَيْرُ زَوَاهِقِ
هَوَى حِينَ لَاقَانَا وَفُرّقَ جَمْعُهُ *** عَلَى وَجْهِهِ فِي النّارِ مِنْ رَأْسِ حَالِقِ

وَذَكَرَ الزّبَيْرُ فِي هَذَا الْخَبَرِ عَنْ ابْنِ سَلّامٍ عَنْ حَمّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنّ أُمَيّةَ حِينَ أَحَاطَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ، قَالَ يَا أَحَدٌ رَأَى، أَمَا لَكُمْ بِاللّبّنِ حَاجَةٌ؟ قَالَ وَكَانَ أُمَيّةُ يُذْكَرُ بِفَصَاحَتِهِ وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِثْلَ هَذَا، ثُمّ قَرَنَ الزّبَيْرُ هَذَا الْحَدِيثَ بِحَدِيثِ أَسْنَدَهُ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ قَالَ النّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ حِينَ نَزَلَتْ {قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ} [الزّخْرُفِ:81] الْآيَةَ وَكَانَ النّضْرُ قَدْ قَالَ الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ الرّحْمَنِ فَلَمّا سَمِعَ الْآيَةَ قَالَ أَلَا تَرَاهُ قَدْ صَدّقَنِي، فَقَالَ لَهُ أُمَيّةُ بْنُ خَلَفٍ – وَكَانَ أَفْصَحَ مِنْهُ – لَا وَاَللهِ بَلْ كَذّبَك، فَقَالَ مَا كَانَ لِلرّحْمَنِ مِنْ وَلَدٍ وَرُوِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ أَنّهُ قَالَ فِي قَوْلِ أُمَيّةَ يَا أَحَدٌ: يَا اسْتِفْتَاحٌ وَمَعْنَاهُ يَا هَؤُلَاءِ. أحد رَاءٍ.