البيان الختاميّ للمؤتمر العام السّابع عشر

لمؤسّسة آل البيت الملكيّة للفكر الإسلامي

بعنوان

“نحو جدول تاريخيّ  لأحداث السّيرة”

عمّان –  المملكة الأردنيّة الهاشميّة

22 -24 محرَّم 1438هـ/ 23- 25 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2016م

 

بِدعوةٍ كريمة من مُؤسَّسةِ آل البيت الـملكِيَّةِ للفِكْرِ الإسلاميّ، ورعاية مَلَكيّة سامية منْ لدُن صاحب الجلالة الهاشميّة الملك عبد الله الثّاني ابن الحسين المعظّم، عقدَت أكادِيـميَّتُها مُؤتَمرَها السَّابع عَشَر بعُنوانِ: «نحو جدولٍ تاريخيّ لأحداث السّيرة».

وقدَّمَ العُلَماءُ الـمشارِكُونَ في المؤتمر ـ ضمن محورين ـ تِسعة وعشرين بَحْثاً، توزَّعت في موضوعاتها بين: دِراسة أحداث مُعيّنة من وقائع السّيرة النّبويّة، كالمولد النّبويّ، ويوميّات الحديبية، وغَزوة بدر الكُبرى، كما اتّجهت عناية بعض السّادة العلماء إلى تناول جوانب منْ شخصيّة الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وسماته الحميدة، كالرّحمة ومعاملته لغير المسلمين، وتطبيقات الشّورى في العهد النّبويّ، كما قدّموا بحوثاً تتّصل بدراسات السّيرة بشكل عام والجهود المبذولة في تدوينها في القديم والحديث.

وأوضح المشاركون ضرورة إيلاء موضوع السّيرة النّبويّة الأهمّيّة التي تستحقّها، وأنْ تُخدَم بحثاً وتحقيقاً وجَدْولة، وأنْ تَتّجه عناية الباحثين في عُلوم السّيرة النّبويّة والمؤرّخين إلى دراسة الأحداث الواقعة في زَمَن النّبوّة وفق الحقائق الموثّقة وتخليص الرّوايات ممّا داخلها منْ تأويلات مزيّفة، وتنقيتها من الرّوايات الموضوعة والشّديدة الضَعْف، وأن تستخرج منها الجوانب السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة مع صياغتها بلغة العصر لتسهل الاستفادة منها وتُستلهم منها العِبَر.

كما بَـحثَ العُلَماءُ الـمشاركونَ في الموضوع الرّئيس للمؤتمر، وهو استخلاص يوميّات مؤرّخة ومفصّلة لحياة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم من خلال روايات السّيرة النّبويّة، وجدولتها على الأيّام والأشهر والسّنين، وتعرّضوا لبحث المعيقات التي قد تواجه هذا العمل، وآليّة حلِّ ما يعترضه.

ونوَّه السّادة العلماء المشاركون إلى الجُهد الكبير المُقدَّر الذي تبنَّته مؤسّسة آل البيت الملكيّة للفكر الإسلامي، بإصدار تجربة أولى متميّزة لجدولة أحداث السّيرة النّبويّة، وهي التي شملها كتاب: “المعلوم عن الجدول التّاريخي لسيرة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم يوماً بيوم”، وإطْلاق المؤسّسة للموقع الإلكترونيّ الخاصّ بهذا المشروع، وهو “مشروع بوابة السّيرة” www.alsirah.com، وتسخير الوسائل التكنولوجيّة المتطوّرة لخدمة السّيرة النّبويّة وتيسيرها.

ونظراً لأهمّيّة موضوع المؤتمر في الوقت الرّاهن، وضرورة تقديم الصّورة الصّحيحة عن الإسلام من خلال السّيرة العمليّة لسيدنا الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وللردّ على محاولة بعض الجماعات توظيف السّيرة النّبويّة توظيفاً سلبيّاً آثماً قياساً على حالات وحوادث وقَعَت في العهد النّبويّ، حيث اشتدّت الحاجة إلى إبراز صفات الإسلام الصّحيحة وأحكامِه العالية، فَقَدْ خَلُصَ الـمُشَارِكُونَ في الـمُؤْتَمَرِ إلى مجمُوعَةٍ مِنَ التَّوصِيَات، وأكّدوا على ما يلي:

  1. ضرورة دراسة السّيرة النّبويّة دراسة منهجيّة متأنّية، بما يعالج واقع الأمّة وفق المنهج النّبويّ، وأن يقع المزج بين مَنْهج المحدّثين القائم على توثيق الرّوايات ومنهج المؤرّخين القائم على النّظر الموضوعيّ في تحقيق الأخبار والرّوايات حتى لا يتم اتّخاذ السّيرة النّبويّة الشّريفة ذريعة للقَتل والفَسَاد والتّخريب والدّماء على يد تنظيمات الشّرّ والإرجاف.
  2. التّعامل مع السّيرة النّبويّة بشكل شامل وعلمي بحيث لا تختزل في أبواب الغزوات فقط بل لا بدّ من إعادة تقديمها للعالمين بكل ما تشتمل عليه من أمانٍ وحضارة وأخلاق ومنهج حياة.
  3. ضرورة جَمْع مواد السّيرة النّبويّة من المصادر التراثيّة على تنوّعها، ورَصْد التّراث الذي لا يزال مخطوطاً وتحقيقه تحقيقاً علميّاً رَصيناً، ورأى السادة العلماء المشاركون أنّ المشروع الذي أَطلَقته المؤسّسة لجدولة أحداث السّيرة النّبويّة هو مشروع أمّة وعمل ضروري ويشكّل الأساس الذي يمكن البناء عليه في دراسة وتأريخ كلّ حدث من أحداث السّيرة يوماً بيوم، ممّا يُسهّل على الباحثين والعامّة الاطّلاع على حياة الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، كما أنه يوضّح للأمّة وللعالم البيان التّاريخيّ العامّ لما جَرَى من أحداث في حياة الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ممّا يساعد على فهم السّيرة النّبويّة والسنّة الشّريفة.
  4. أنّ الدّروس والعِبر المستفادة من قراءة السّيرة النّبويّة على وجه صحيح تساهم بشكل كبير في حلّ المشكلات التي يعاني منها المسلمون اليوم على اختلاف مجتمعاتهم وتنوّع مذاهبهم، وتساعد في خلق جيل يستلهم الأُسوة الحَسَنة من أحداث ومجريات السّيرة النّبويّة العطرة.
  5. دور المؤسّسات التعليميّة والدينيّة وجهود العلماء وأئمة المساجد في إبراز الوجه الصّحيح لأحداث السّيرة النّبويّة، وتقديمها إلى عامّة النّاس بأسلوب يخدم واقعهم وحياتهم.
  6. التأسّي بسيرة النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في معاملته لكلّ النّاس؛ مسلمين وغير مسلمين، القائمة على البرّ والرّحمة وحُسن الخُلق، وعلى العَدل والقِسط.

وقد رفَـعَ الـمشــارِكُونَ في الـمؤتمــرِ برقيَّةَ شُكرٍ لمقامِ صاحب الجلالــة الهاشميّة الملك عبد الله الثَّانِي ابنِ الحسينِ الـمُعظَّمِ، أعْربوا فيها عن أسمى آيات الشُّكرِ وأبلغ عبارات التَّقْديرِ والعِرفانِ والاعتِزَازِ على رِعايَتهِ الدَّائمة للمُؤسَّسة وتفَضُّلهِ برِعاية دورتها الحاليّة، وعلى ما لقَوهُ من عِنايَةٍ كرِيمةٍ في هذا الِحِمى الهاشميِّ الأردنِيّ العزِيز.

كما ثمَّن المشاركون عالياً دور المملكة الأردنيّة الهاشميّة، ومؤسّسة آل البيت الملكيّة للفكر الإسلامي، ورئيس مجلس أُمنائها سموّ الأمير غازي بن محمّد المعظّم، في تخصيص موضوع هذا المؤتمر لخدمة السّيرة النّبويّة الشّريفة، وجهدهم في تهيئة كافة السّبل والتّسهيلات لإنجاح المؤتمر في جوّ من الودّ والمحبّة البالغة.

 

والله ولي التّوفيق